تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: الجمع بين قصة الجساسة وأحاديث ابن صياد بعيدٌ جداً كما قال ابن حجر نفسُه، فكيف تقول ببساطة: كلا ليس معارضاً لها! بل لو كانت قصة الجساسة معروفة أصلاً لدى الصحابة، لَمَا كان اشتبه عليهم أمر ابن صيّاد حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم!! وهذا إشكالٌ قويّ جداً، لأنه لو كان الصحابة على علم بهذه القصة، لقالوا للمشتبهين في أمر ابن صياد: ألم يقل النبيّ إن الدجال مقيَّد بالسلاسل في جزيرة بالبحر؟

ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[01 - 11 - 09, 07:34 م]ـ

أنا لم أكن مقتنع بكلام الأخ أحمد الأفطش و كنت أظن أنهم شكوا فى ابن الصياد قبل حدوث قصة تميم الدارى

و لكن الحديث التالى يدل على أن الشك فى ابن صياد استمر حتى بعد وفاة النبي صلي الله عليه و سلم

12 - كان نافع يقول: ابن صياد، قال قال ابن عمر: لقيته مرتين. قال فلقيته فقلت لبعضهم: هل تحدثون أنه هو؟ قال: لا. والله! قال قلت: كذبتني. والله! لقد أخبرني بعضكم أنه لن يموت حتى يكون أكثركم مالا وولدا. فكذلك هو زعموا اليوم. قال فتحدثنا ثم فارقته. قال فلقيته لقية أخرى وقد نفرت عينه. قال فقلت: متى فعلت عينك ما أرى؟ قال: لا أدري. قال قلت: لا تدري وهي في رأسك؟ قال: إن شاء الله خلقها في عصاك هذه. قال فنخر كأشد نخير حمار سمعت. قال فزعم بعض أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتى تكسرت. وأما أنا، فوالله! ما شعرت. قال وجاء حتى دخل على أم المؤمنين. فحدثها فقالت: ما تريد إليه؟ ألم تعلم أنه قد قال " إن أول ما يبعثه على الناس غضب يغضبه ".

الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2932

خلاصة الدرجة: صحيح

و الحديث يدل على أن أم المؤمنين حفصة و عبد الله بن عمر رضى الله عنهما كانا يتوقعان أن ابن صياد هو الدجال بعد وفاة النبي صلي الله عليه و سلم

و لو كان هناك من رأى الدجال لكان الخبر معروفا لهم و لاستبعدوا أن يكون ابن صياد الدجال

فكيف نوفق بين الحديثين؟ بارك الله فيك أخي الكريم أحمد داود ..

هذه المسألة استشكلها العلماء وحاولوا الإجابة عنها، وليس الأمرُ كما يقول الشيخ الفاضل محمد الأمين أن ليس هناك مشكل أصلاً!

قال ابن حجر (الفتح 13/ 338): ((وكان الذين يجزمون بابن صيّاد هو الدجّال لم يسمعوا بقصّة تميم، وإلا فالجمع بينهما بعيدٌ جداً! إذ كيف يلتئم أن يكون مَن كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم ويجتمع به النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ويسأله، أن يكون في آخرها شيخاً كبيراً مسجوناً في جزيرة مِن جزائر البحر موثقاً بالحديد يستفهم عن خبر النبيّ صلّى الله عليه وسلم هل خرج أو لا؟! فالأَوْلى أن يُحمَل على عدم الاطلاع)). اهـ

وقال الطحاوي في مشكل الآثار (7/ 128): ((فإن قال قائل: فكيف بقي ابن مسعود وأبو ذر وجابر على ما كانوا عليه فيه مما قد رويتَه عنهم في هذا الباب مما قالوه فيه بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه: أنه قد يحتمل أن ذلك كان منهم لأنهم لم يعلموا بما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حدث به الناس عن تميم الداري ولا من سروره به، فقالوا في ذلك ما قالوا لهذا المعنى، والله أعلم)). اهـ

وقولُهم إنه يُحتمل أن هؤلاء الصحابة لم يعلموا بقصة تميم حتى بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلّم هو قول بعيد جداً. فقد جاء تميمٌ وأعلن إسلامه، وجمع النبيُّ الناسَ في المسجد كما في الحديث وحدَّثهم بهذه القصة الغريبة، التي حَقَّ لها أن تنتشر بين أهل المدينة ويذيعُ أمرُها ويحفظها مَن حضر ومَن غاب. أفيَخْفَى هذا الحدثُ الجللُ على كبار الصحابة ولا تَعْرِفُه إلا فاطمة بنت قيس فقط! لقد وَقَعَ أيسَرُ مِن هذا، وتتابع الصحابةُ على روايته. فكيف لم يَرْوِ صحابيٌّ واحدٌ قصة الجساسة إلا فاطمة التي تكلّم عُمر في حِفظها!

والعجيب فعلاً أن يقول الألباني رحمه الله (قصة المسيح الدجال ص82): ((اعلم أن هذه القصة صحيحة، بل متواترة، لم ينفرد بها تميم الداري كما يظن بعض الجهلة من المعلقين على "النهاية" لابن كثير (ص 96، طبعة الرياض)، فقد تابعه عليها أبو هريرة وعائشة وجابر)). اهـ

- فأولاً: حديثٌ غريبٌ فردٌ .. كيف يكون متواتراً! هذه مبالغة عجيبة.

- ثم إنّ الذي انفرد به هو فاطمة وليس تميماً! والمتابعة المزعومة كانت لها وليست له قطعاً .. كيف وفي الحديث أن الرسول نفسَه هو الذي حدَّثَ عن تميم نفسِه!

- ثم إن متابعة أبي هريرة وعائشة وجابر لا تصحّ، فكيف يُحتَجّ بها! فأما أبو هريرة وعائشة، فمجالد ضعيف لا يُحتجّ بحديثه. وأما جابر، فالألباني نفسه ضعَّف حديثه في سنن أبي داود .. فكيف يَحتجّ به هنا!!

ويبقى الإشكال قائماً: كيف ظلَّ كبار الصحابة يشكّون في أمر ابن صياد حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم! مع أن وجود مثل هذه القصة كان من شأنه أن يحسم هذا الشكّ في حياته صلى الله عليه وسلم وليس بعد موته!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير