فهو أن يسمي شيخه أو يكنيه خلاف المشهور في اسمه أو كنيته كما فُعِل بـ (محمد بن سعيد الأسدي الشامي المصلوب) قال ابن حجر: قيل: قلبوا اسمه على مائة وجه ليخفى.
فالذي ينبغي عمله تجاه هذا النوع هو تحديد اسم الراوي والتأكد من ذلك حسب.
وأما تدليس الإرسال
فينظر في ثبوت لقاء وسماع هذا الراوي من شيخه الذي روى عنه فإذا ثبت ذلك فتحمل باقي أحاديثه على الاتصال حتى يدل دليل على خلاف ذلك كأن يكون لم يسمع منه إلا القليل أو حديثا بعينه لم يسمعه، وقد تقدم الكلام على هذا.
وأما تدليس العطف
فهو أن يروي الراوي عن شخص سمع منه ثم يعطف عليه راو آخر لم يسمع منه، وقد روى الحاكم في (معرفة علوم الحديث) ص 131 فقال: (وفيما حدثونا أن جماعة من أصحاب هشيم اجتمعوا يوما على أن لا يأخذوا منه التدليس ففطن لذلك فكان يقول في كل حديث يذكره: حدثنا حسين ومغيرة عن إبراهيم، فلما فرغ قال لهم: هل دلست لكم اليوم، فقالوا: لا، فقال: لم أسمع من مغيرة حرفا مما قلته إنما قلت حدثني حصين، ومغيرة غير مسموع لي) ا. هـ.
فهذه القصة لم يسندها الحاكم فعلى هذا لا تصح، ومن ذكرها إنما ذكرها عن الحاكم – فيما أعرف-.
ولكن في (العلل) للإمام أحمد برواية عبد الله خبرا من رواية هشيم قد يصلح أن يكون مثالا على هذا النوع، قال عبد الله (2192) ثني أبي ثنا هشيم قال: وعبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ...
قال عبد الله: سمعت أبي يقول: لم يسمعه هشيم من عبيد الله. وكان عبد الله قد روى قبل ذلك عن أبيه: ثنا هشيم أخبرنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ... ثم قال: ثنا هشيم قال: وعبيد الله بن عمر ... فظاهر هذا أن هذا من تدليس العطف.
وأما تدليس المتابعة
فأعني به أن يروي الراوي خبرا عن شيخين له أو أكثر ويكون بين من روى عنهم اختلاف إما باللفظ أو الإسناد، فيحمل رواية أحدهما على الآخر ولا يبين.
قال ابن رجب في (شرح العلل) ص 506:
(شعيب بن أبي حمزة عن ابن المنكدر روى عنه أحاديث منها: حديث ابن المنكدر عن جابر مرفوعا (من قال حين يسمع النداء ... الحديث) وقد خرجه البخاري في صحيحه وله علة ذكرها ابن أبي حاتم عن أبيه، قال: قد طعن في هذا الحديث وكان عرض شعيب على ابن المنكدر كتابا فأمر بقراءته عليه فعرف بعضا وأنكر بعضا، وقال لابنه أو ابن أخيه: اكتب هذه الأحاديث، فدوّن شعيب ذلك الكتاب ولم تثبت رواية شعيب تلك الأحاديث على الناس، وعرض عليّ بعض تلك الكتب فرأيتها مشابها لحديث إسحاق بن أبي فروة، وهذا الحديث من تلك الأحاديث، قال ابن رجب: ومصداق ما ذكره ابن أبي حاتم أن شعيب بن أبي حمزة روى عن ابن المنكدر عن جابر حديث الاستفتاح في الصلاة بنحو سياق حديث علي، وروي عن شعيب عن ابن المنكدر عن الأعرج عن محمد بن مسلمة،فرجع الحديث إلى الأعرج، وإنما رواه الناس عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب، ومن جملة من رواه عن الأعرج بهذا الإسناد إسحاق بن أبي فروة، وقيل إنه رواه عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج.
وروي عن محمد بن حمير عن شعيب عن ابن أبي فروة وابن المنكدر عن الأعرج عن محمد بن مسلمة.
ورواه أبو معاوية عن شعيب عن إسحاق عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن محمد بن مسلمة، فظهر بهذا أن الحديث عن شعيب عن أبي فروة وكذا قال أبو حاتم الرازي: هذا الحديث من حديث ابن أبي فروة يرويه شعيب عنه.
وحاصل الأمر: أن حديث الاستفتاح رواه شعيب عن إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر، فمنهم من ترك إسحاق وذكر ابن المنكدر، ومنهم من كنى عنه فقال: عن ابن المنكدر وآخر، وكذا وقع في سنن النسائي، وهذا مما لا يجوز فعله وهو أن يروي الرجل حديثا عن اثنين أحدهما مطعون فيه والآخر ثقة، فيترك ُ ذكر المطعون فيه ويذكر الثقة، وقد نص الإمام أحمد على ذلك وعلّله بأنه ربما كان في حديث الضعيف شيء ليس في حديث الثقة وهو كما قال فإنه ربما كان سياق الحديث للضعيف، وحديث الآخر محمولا عليه، فهذا الحديث يرجع إلى رواية إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر، ويرجع إلى حديث الأعرج ورواية الأعرج له معروفة (20) عن ابن أبي رافع عن علي، وهو الصواب عند النسائي والدار قطني وغيرهما، وهذا الاضطراب الظاهر أنه من ابن أبي فروة لسوء حفظه وكثرة اضطرابه في الأحاديث
¥