قلتُ: قد توبع عليه هدبة: تابعه بشر بن الوليد الكندي عند ابن بطة في الإبانة [4/ 302/طبعة دار الراية]، قال: (حدثنا أبو القاسم عبد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز -هو البغوي- قال: حدثنا بشر بن الوليد الكندي قال: حدثنا سهيل بن أبي حزم ... ).
قلتُ: بشر والراوي عنه من ثقات النقلة؛ إنما الشأن في ابن بطة العكبري!! والتحقيق بشأنه: أنه إمام في السنة ضعيف في الرواية علي جلالة قدره، رغم أنف الكوثري!! وبسْطُ أحواله تجدها في (التنكيل) وذيلنا عليه المسمَّي بـ (المحارب الكفيل بتقويم أسِنَّة التنكيل).
وقال البزار عقب روايته: (سهيل [بالأصل: أبو سهيل!!] لا يتابع على حديثه).
وقال البيهقي عقب روايته: (تفرد به سهيل، وليس بالقوي).
قلتُ: وبه أعله البوصيري في إتحاف الخيرة [7/ 388/طبعة الوطن]، فقال: " رواه أبو يَعْلَى والبزار، ومدار إسناديهما على سهيل بن أبي حزم، وهو ضعيف.) يعني سهيلاً، وهو كما قال.
وسهيل هذا: ضعفه أكثر النقاد فأحسنوا! وقولهم مقدم على مطلق التوثيق النظري بلا ريب؛ وقد قال أحمد عن سهيل هذا: (روي عن ثابت أحاديث منكرة) وقال ابن حبان: (ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات).
وقد ساق له أبو أحمد الجرجاني هذا الحديث في ترجمته من (الكامل) ثم قال في ختامها: (ومقدار ما يروي من الحديث إفرادات ينفرد بها عن من يرويه عنه).
قلتُ: ومثله لا تكون روايته عن مثل ثابت البناني إلا في عداد الأساطير! اللهم إلا ما توبع عليه منها، وليس ثمة متابع له في هذا الحديث الفائدة!
أما قول الهيثمي في المجمع [353/ 10]: (رواه أبو يعلي والطبراني في الأوسط، وفيه سهيل بن أبي حزم، وقد وثِّق علي ضعفه!! وبقية رجاله رجال الصحيح)!! فقد ردَّه عليه الإمام الألباني في الصحيحة [595/ 5]، قائلاً: (قلتُ: لم يوثقه غير العجلي وهو ليِّن التوثيق!! وقال ابن معين في رواية: (صالح) وضعفه الجمهور كما تقدم؛ وفيهم ابن معين في الرواية الأخري عنه).
قلتُ: لم ينفرد العجلي بتوثيقه! بل ذكره ابن شاهين وابن خلفون في (الثقات) أيضًا. وقولُ من ضعَّفه هو المعتمد؛ لأن فيه زيادة علم واجبٌ قبولها.
وبالجملة: فهذا الحديث منكر من هذا الطريق!! لكن جنح الإمام الألباني إلي تقويته بما لا ينهض ولا يكاد!!
فقال في الصحيحة [595/ 5]، بعد ضعَّف سنده!!: (قلتُ: والحديث مع ضعف سنده [كذا قال! والصواب أن يقول: " مع نكارة سنده!! " كما عرفتَ] فهو ثابت المتن عندي!! فإن شطره الأول يشهد له آيات كثيرة في القرآن الكريم!! كقوله: {لا يخلف اللَّه وعده} وقوله: {ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون} ... !!). r]
قلتُ: هذا أسلوب مبتكر في تقوية الأحاديث المنكرة والتالفة الأسانيد!! وليس عليه العمل عند المتقدمين من أئمة هذا الشان!! ولا أعرف للإمام سلفًا في هذا السبيل بإطلاقه! إنما سلفه في تصحيح معني الحديث وإن كان سنده موضوعًا!! وكم في الموضوعات والمناكير من متون حقٍ عند أهل الفن وإن كانت أسانيدها عندهم كالعدم؟!
هذا حديث: (طلب العلم فريضة علي كل مسلم) ورد من طرق لا يصح منها شيء قط!! بل كلها مناكير وغرائب علي التحقيق!! فراجع الكلام عليه في الحديث الماضي [رقم 2837،2903/رحمات]، والآتي [برقم 4035]،
ومع ضعف الحديث: إلا أن معناه صحيح ثابت ما يشك في ذلك أحد من كون كل أمر يلزم المسلم فعله أو تركه، فواجب عليه معرفته وتعلمه.
وفي هذا يقول إسحاق بن راهويه كما في مسائل الكوسج [9/ 4564/ رقم 3311]: (طلب العلم واجب، لم يصح الخبر فيه، إلا أن معناه قائم ... ) ونقله عنه ابن عبد البر في جامع البيان العلم [/53/ 1 /طبعة التوعية الإسلامية]، ثم قال: (يريد إسحاق - يعني ابن راهويه- واللَّه أعلم، أن الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنقل، ولكن معناه صحيح عندهم ... ).
قلتُ: فانظر كيف صحَّحوا المعني لشواهده العامة المتقررة في أصول الشريعة؛ ولم يصححوا بها ذاك الحديث بهذا اللفظ!! فكون أصل المتن ثابتًا لِما يشهد له من قواعد الإسلام وتعاليمه؛ لا يقتضي استصحاب ذلك للنهوض إلى الاستقامة بخبر تالف الإسناد؛ ليس له سِناد!!
¥