محمد بن السري هذا لا يعرف و لعله الرازي المذكور في ٌ الميزان ٌ و ٌ اللسان ٌ؛ قال الذهبي: ٌ لا يعرف و أتى بخبر كذب ٌ؛ ثم إني لم أجد طريق أنس هذه -معزوة لأحد ممن ذكر هذا الحديث أو تكلم عليه- إلا في ٌ مسند الفردوس ٌ و هذا دليل على غرابتها؛ زد على ذلك أني لم أهتد إلى تراجم من هم دون ابن السري!
7 - مرسل الحسن البصري
ثم اعلم أيها القاريء الكريم أن هذا الحديث قد ورد من مرسل الحسن البصري؛ أخرجه أبو داود في ٌ المراسيل ٌ (رقم 105) و من طريقه ابن الجوزي في ٌ العلل المتناهية ٌ (رقم 816) من طريق عمر بن سليم الباهلي عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
ٌ حصنوا أموالكم بالزكاة و داووا مرضاكم بالصدقة و استقبلوا أمواج البلاء بالدعاء و التضرع ٌ
قال المنذري في ٌ الترغيب و الترهيب ٌ:
ٌ رواه أبو داود في المراسيل و رواه الطبراني و البيهقي و غيرهما عن جماعة من الصحابة مرفوعا متصلا و المرسل أشبه ٌ
و مال الألباني إلى تحسين الجملة الثانية منه كما مر , فقال في هامش ٌ التعليق على الترغيب ٌ (1/ 335 - مشهور):
ٌ و طرقه كلها ضعيفة و بعضها أشد ضعفا من بعض و لكن الجملة الثانية منه –أي: داووا مرضاكم بالصدقة- قد ثبتت عندي بمجموع طرقها كما بينته في ٌ الضعيفة ٌ (3492).
و لهذا قال: ٌ حسن لغيره ٌ
و لكن بالرجوع إلى الموضع المشار إليه من ٌ الضعيفة ٌ لم أجده ذكر له طرقا البتة و إنما أحال على ٌ المقاصد الحسنة ٌ للحافظ السخاوي, فقال (7/ 488): ٌ وله طرق أخرى تجدها في ٌ المقاصد ٌ للسخاوي ٌ.وقد تكلمنا عليها طريقا طريقا و بينا ما فيها من ضعف.
ثم إنه لا وجه لتحسين هذه الجملة منه فقط؛ لأن السخاوي أورد طرقا فيها تقوية للحديث بأكمله لو كانت تصلح للتقوية.
أما الغماري فقال (ق5):
ٌ و هذه الطرق و إن كان فيها مقال إلا أن مرسل الحسن وحده حسن الإسناد و هو حجة عند الجمهور إذا ورد موصولا من طريق آخر و لو ضعيف فكيف بوروده موصولا من طرق متعددة فيها أيضا الحسن و هو حديث أبي أمامة على رأي الحافظ السيوطي ٌ
فأقول:الجواب على هذا من وجوه:
1 - إن تحسين من حسنه اعتمادا على تقوية مرسل الحسن البصري بالطرق الكثيرة الواردة , يرده التحقيق العلمي , لإكتفاء من سلك هذا المسلك بتضعيفه بالإرسال فقط , و فيه علة أخرى ما رأيت أحدا ذكرها أو أشار إليها, ألا و هي ضعف عمر بن سليم الباهلي راويه عن الحسن؛ فهو و إن قال فيه أبو حاتم: ٌ شيخ ٌ و هي من ألفاظ الجرح عنده كمابينه ابنه في ٌ تقدمة الجرح و التعديل ٌ فقد قال العقيلي:
ٌ عن يونس بن ابراهيم جميعا غير مشهورين بالنقل , يحدثان بمناكير ٌ
و لهذا قال الحافظ ابن حجر في ٌ التقريب ٌ: ٌ صدوق له أوهام ٌ , فتعقبه صاحبا ٌ تحرير التقريب ٌ و حاولا إلزاق التهمة بشيخه فقالا:
ٌ لعل هذه المناكير منه –أي من شيخه يونس-ٌ
و أنت ترى أن مرسل الحسن هذا ليس فيه لشيخه ذكر.
فمن يكون غير مشهور بالنقل , و يحدث بمناكير , لا يكون حاله إلا الضعف.
ثم وجدت له متابعا, فقد تابعه صالح المري عن الحسن مرسلا؛ أخرجه طالوت الصيرفي في ٌ نسخته ٌ (ق109/ 1) عنه , و هو ضعيف , بل قال ابن عدي: ٌ عامة أحاديثه منكرات ٌ. و هذه الطريق كذلك لم أر من أشار إليها. و منه تعلم أن قول من قال: ٌ أن مرسل الحسن أقوى ما في الباب ٌ مردود بما قدمنا.
2 - أما تحسين الغماري لطريق أبي أمامة فقد مر بك ما فيها من ضعف فضال بن جبير الذي حاول توهينه الغماري بقوله: ٌ فيه مقال ٌ , فإنه إن كان ضعيفا مطلقا فهو شديد الضعف في أبي أمامة خاصة.
3 - أما الطرق الموصولة المذكورة عنده فقد بينا و هاءها و عدم صلاحيتها لتقوية مرسل الحسن البصري لو سلمنا بتضعيفه بالإرسال فقط.
ثم ذكر الغماري جملة من الشواهد و هي أحاديث عامة فيها الحض على الصدقة , و أنها تقي مصارع السوء و أنها تمنع البلاء كذلك و تدفع المكروه و تنفي السوء و لا ذكر للتداوي فيها إطلاقا, و فيها الغث و السمين , لا نتعرض لها بالتفصيل لعدم الإطالة أولا و لعدم صلاحية ما يصح منها لتشهد لحديثنا من ناحية الموضوع.و ذلك أن عموم دفع البلاء بالدعاء و الصدقات قد جاء في أحاديث صحيحة كثيرة , وأما الحديث الذي نحن بصدده و الذي ألف الغماري جزءه في تقويته فيه أمر واضح من الشارع بالتداوي بالصدقة و القصد إلى ذلك واتخاذه دينا.ثم رأيت ابن حجر الهيتمي يدعو إلى ذلك صراحة و يحث عليه بناءا على هذا الحديث , قال في ٌ الإفادة لما جاء في المرض و العيادة ٌ (ص64):
ٌ مروه –أي المريض- بها فإنها دواء شرعي و هو لا يتخلف بنتيجته عنه لأنها لإخبار الصادق بها متيقنة بخلاف الدواء الطبيعي لأنه قد ينشيء عن تجربة أو حدس كاذب أو غير مطردة ٌ.
هذا ما تيسر من الكلام على طرق حديث التداوي بالصدقة و بيان عللها؛ و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل و الحمد لله رب العالمين.
كتبه: بن يوسف العمري
و تم تبييضه في:
8 شعبان 1430 هـ//30 جويلية 2009