ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[17 - 11 - 10, 05:10 م]ـ
يعني أن مسلماً علم ما لم يعلمه ابن معين والبخاري، وهذه أيضاً لا تخرج عن الظنون أخي!
مسلم صححه من أجل المعاصرة فقط، فهو لم يعلم أنهما التقيا ..
وهل النسائي والطبري والترمذي وابن خزيمة وابن حبان وجمهرة الحفاظ الأوائل كلهم صححوه من أجل المعاصرة أيضًا في قولك؟ ما لكم كيف تحكمون؟
قال الحافظ أبو بكر ابن ثابت البغدادي: (عبدالله بن معبد الزماني البصري: سمع أبا قتادة الأنصاري).
وجَزْمُ هذا الحافظ مع من سبقه: مقدم على نفْي من نفاه! على التسليم بكون البخاري قد نفاه على الحقيقة! وليس من ذلك شيء؟ إنما نفى علمه بذلك وحسب! ونحوه قول ابن معين.
فكيف بعد ذلك لا يقال: إن من علم وحفظ حجة على من لم يعلم ولم يحفظ؟
على كل حال: هذا شأنك كما أخبرتك ولن أناقشك لأني أعلم أن النقاش سيكون هكذا:
المعاصرون الذين يحاكون منهج المتقدمين وكذا وكذا ...
من أنت يا فلان حتى تضعف هذا الحديث وتقارع الفحول وكذا وكذا ...
أنا لم أتقصَّد سلوك هذا السبيل معك يا رعاك الله.
لكن الحقيقة: أنك غير مسبوق بتضعييف هذا الحديث - من السابقين- حتى من البخاري وابن معين أنفسهما!
وهل من ينتصر لمنهج المتقدمين: هو من يخالفهم فيما يكادون أن يتفقوا على صحته بين أكابرهم؟
هذه ظنون وتخرصات وراقب ما تكتبه يا أيها الكريم فإن التخرص هو الكذب [/ COLOR])!! إنه الحماس!
من معاني التخرص عند أهل العربية: الحَزْر والتَّقدير. وهو مرادي هنا بلا ريب. فأحسن الظن بأخيك.
ودعك من التعريض والاتهام بعدم الاكتراث بإلزام فحول العلماء بهذا وهذا!!
أنا لم آخذك إلا من حروف كلامك! فإنك ابتكرتَ عللا ما سبقك إليها أحد من حذاق النقاد المتقدمين ولا غيرهم في هذا الحديث خاصة!
فالاعتراف بكون هؤلاء النقاد هم من أخذنا عنهم أصل تلك الوجوه من الإعلال: ثم إلزامهم به في هذا المقام خاصة! فيه ما فيه أيها الناقد الحاذق؟
لا أدري هل عندكم أنه إذا خالفنا فلان أو فلان أننا لا نحترم ولا نقدر أهل العلم؟ ما لكم كيف تحكمون؟
ما قلتُ هذا! وليس لي أن أقوله في حقكم يا رعاكم الله.
لكن الإصرار على تخطئة كبار النقاد فيما صححوه وجزموا به من كون أبي قتادة الأنصاري هو صاحب هذا الحديث: فيه ما فيه مما لا يخفى؟
والاتكاء في ذلك على قول ابن معين مثلا: لا يجْدي في هذا المقام عند من تبصر!
في النهاية: الحديث صحيح عندك وضعيف عندي ولا تلزمني بشيء، ولا ألزمك بشيء.
هو صحيح عند أكثر النقاد المتقدمين من أئمة هذا الشان، مع جريان العمل على ذلك منذ أربعة عشر قرنا من الزمان. لم يخالف في ذلك سوى بعض فضلاء هذا العصر وحسب!
وأنا ألزمك: بمسايرة القوم في هذا المسلك، لأن أحدًا منهم لم يخالف في ذلك صراحة!
فهل تستطيع أن تقول: بأن البخاري وابن معين يضعفان هذا الحديث!
ومن علامات اتباع منهج المتقدمين: عدم الخروج عن تصحيح ما صححوه من الأخبار.
وما كتبته أقول لك كما قلت لي: هذه ظنون واحتمالات!!
بل هي اليقين المحض!
وقد قال شيخ الإسلام أبو محمد الفارسي: (وأما سماع عبد الله بن معبد من أبى قتادة: فعبد الله ثقة - والثقات مقبولون - لا يحل رد رواياتهم بالظنون).
ولا يستطيع أحدٌ أن يرد على رواية قتادة عن غيلان عن عبد الله بن معبد عن أبي قتادة قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه و سلم أقبل عليه عمر ... ) وذكر الحديث.
فهذا نص في محل النزاع، والدرأ في نحره بأنواع من التكلفات وغيرها من توهيم الثقات = ليس يسلكه أهل الإنصاف عندي. وسأشرح ذلك فيما يأتي.
وإذا كنت ترى أنه لا يجوز مخالفة الفحول من أهل العلم، فإذاً لا نشتغل بهذا العلم ولا نحرر، وإنما نسمع ونطيع، فكل ما قيل من هؤلاء الفحول صحيح وإن تعارض!!
وهل من يزعم مسايرة المتقدمين في منهجهم: هو من يخرج عن تصحيحهم لهذا الحديث هنا!
نعم: كل ما يقوله الفحول المتقدمون: هو الذي ينبغي التعويل عليه، وليس للمتأخر أن يخالفهم إلا بلسان من خالفهم من أقرانهم وحسب؟
وأين من خالفهم في تصحيح هذا الحديث من أمثالهم من الحذاق الكبار!
وإذا أثبتَّ لي بالبرهان القاطع: تضعييف أحدهم لهذا الحديث، سكتنا عمن سايرهم من المتأخرين.
لكن المصيبة: أن يزيد المتأخر من وجوه الإعلال ما يفيد نكارة مَتْنٍ تتابع فحول الفحول على تصحيحه سلفًا عن خلف، ما يخالف في ذلك أحد منهم صراحة البتة! على كل حال: شكر الله لك هذه المذاكرة التي ما كانت لتحصل لولا عطلة هذا العيد المبارك، وأما بعد العيد فلا وقت لمثل هذه الأمور، فالقافلة تسير، والحمد لله
تسير بماذا يا شيخ خالد؟
ثم أنت لم تسمع بعد كلامي على الحجة القاطعة في إثبات صحة هذا الحديث؟ وأصررتَ على تضعييف الحديث مُسْبَقًا!
على كل حال: أرجو عدم التسرع في إطلاق تلك الأحكام الكبيرة على أمثال تلك الأحاديث التي ترادفتْ الأجيال على تصحيحها والعمل بها جيلا فجيل!
وهذا الحديث الكبير الجليل: لا يكفي عام واحد لدراسة طرقه وأسانيده والحكم عليه بما ذكرتم؟ بل يحتاج سنين عددًا!
ولا ريب عندي - إن شاء الله - أنكم مأجورون على اجتهادكم فيما أنتم بسبيله.
فلا يوحشنكم بعض كلماتي هنا: على التذرع بكوننا نغمط أمثالكم من أهل الفضل والمعرفة حقهم يا رعاكم الله.
وسأستمر في الانتصار لهذا الحديث هنا بإخراج ما تبقى عندي.
والله المستعان لا رب سواه.
¥