فكأنه سمعه من عبد الله بن معبد عن أبي قتادة الأنصاري، فذكره كما سمعه لقتادة وغيره، ثم أغفل ذكر تلك النسبة لشعبة وحماد بن زيد؛ لشهرة أن إطلاق (أبي قتادة) عند القوم يراد به: (الصحابي الأنصاري). وتبعه من تبعه في إغفال ذكر تلك النسبة في روايتهم؛ لأجل هذا الأمر نفسه.
لكن: لم يكن مثل أبي أبي بسطام الحافظ بالذي يأخذ الأخبار هكذا على عواهنها دون النظر في رواتها وتحقق أحوالهم، لا سيما في أبواب الاتصال والانقطاع! فتراه يستوكد من شيخه غيلان في نسبة أبي قتادة؟ فيقول له: (الأنصاري؟) فيشير إليه غيلان برأسه أي نعم. كما وقع عند احمد وغيره، ووقع عند الطحاوي: (قلت: الأنصاري؟ قال:الأنصاري).
قلت: كأن شعبة ربما توجس من كونه ربما يكون أبو قتادة في سنده ليس الأنصاري! وإنما هو (أبو قتادة السوسي) أو (أبو قتادة الضبي) وكلاهما معدود من الصحابة. أو غيرهما من الأصحاب.
وربما كان شعبة سأله لمجرد التوكيد وحسب! دون أن يكون عنده ارتياب في نسبة أبي قتادة الأنصاري أصلا! لكونه المراد عند الإطلاق.
وهذا التثبت من شعبة: لا تكاد تراه لغيره من شيوخه فضلا عن أقرانه!
وأما الثاني من كون غيلان ربما كان لا يدري حقيقة شيخ شيخه: فيجاب عليه بكون هذا خلاف الأصل، لا سيما إذا كان مَنْ يُظَنُّ به ذلك: هو مثل غيلان بن جرير الثقة المحدث المأمون!
وهب أنه خفي هذا الأمر على غيلان؟ أفتراه يخفى على إمام النقاد شعبة بن الحجاج أيضًا؟ وهو من أول من فتش عن أخبار الرواة وسماعاتهم وطبقاتهم بالعراق؟
وهب أنه خفي على شعبة هو الآخر؟ فكيف خفي ذلك على أئمة الإسلام قاطبة! كـ: أحمد ومسلم والنسائي وأبي عوانة والترمذي والطحاوي والطبري والدارقطني والدولابي وابن عدي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وأبي نعيم والخطابي والبيهقي والخطيب البغدادي وابن حزم وابن عبد البر وأبي علي الجياني وابن عساكر والسمعاني وأبي محمد البغوي، وطوائف لا يحصون من حفاظ الأمة ومحدثيها على مدار أربعة عشر قرنًا من الزمان؟ وكلهم قد أخرج هذا الحديث أو تكلم عليه.
وتمضي الأوقات، وينفرط عقد الزمان: والمسلمون قاطبة على هذا الأمر ما يجرؤ أحد أن يفوه بخلافه أصلا!
إلى أن دارت دوائر الأيام، وتمخَّضتِ الدنيا عن خطوبها الجِسام: فخرج في تلك الأعصار من يزعم - بلسان حاله - أنه أدرك ما لم يدركه أحد من هؤلاء الأئمة كلهم! وأنهم جميعًا كانوا نيامًا في غفلة من أمرهم!
وأنه الوحيد الذي سبقهم إلى نِجْمَة القُطْبِ واصْطَلَى بوهيجها، وأسرع دونهم إلى معاقد إصابات المرام التي عجزوا جميعًا عن إدراك غاياتها! وأنه أفْلتَ من حُسْبان الوهم والإيهام الذي انزلقتْ أقدامهم فيه! وخرج من تبعة الانتقاد بالوقوف على قوادم الحق وخوافيه!
فيقول: ليس (أبو قتادة) في هذا الحديث هو الصحابي الأنصاري يا قوم؟ بل هو ذلك التابعي الذي يقال له: أبو قتادة العدوي. فإياكم واللوم؟
وليس الحديث مُسْندًا كما خِلْتُموه جميعكم يا أهل الحديث! وإنما هو مرسل ليس موصولا كما تتابعتم على ذلك الوهم العجيب في القديم والحديث؟
وبرهاني على ذلك: رواية عن ابن معين كانت بمعزل عنكم! ومجموع قرائن انفرط عقد نِظَامها بينكم ولديكم!
تابع البقية: ............
.
ـ[أيمن صلاح]ــــــــ[19 - 11 - 10, 09:34 م]ـ
الأخ الفاضل الحبيب أبو المظفر السناري , جزاك الله كل خير فقد أبدعت في ردك على من ضعف هذا الحديث , و كنت أنوي الرد على الأخ الفاضل خالد الحايك , و لكن انشغلت في أيام العيد , و أحمد الله على ذلك لأن ردي لن يكون بمثل هذا المستوى من الجودة و الإتقان , و لعلي أعلق على بعض النقاط اليسيرة التي اعترض عليها الأخ خالد الحايك.
ـ[محمد الشنقيطي المدني]ــــــــ[19 - 11 - 10, 10:23 م]ـ
و أحمد الله على ذلك لأن ردي لن يكون بمثل هذا المستوى من الجودة و الإتقان.
لم يأتي الأخ أبو المظفر حتى الآن بأي شيء جديد
غير تكلف لم يسبقه بشر إليه في تصحيح لفظ "بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
ولم نجد بعد أي دليل يجعلنا نقدم قول غيلان على قول الإمام ابن معين
ولا زلنا ننتظر
ورجاء من فضلكم
ياليت الجميع لايعلق أي تعليق حتى ينتهي من كلامه كله حتى لانشوش عليه.
ـ[أيمن صلاح]ــــــــ[19 - 11 - 10, 11:52 م]ـ
بارك الله فيك أخي محمد.
4 - طبقة تلاميذ أبي قتادة وانتشارهم وسعة علمهم ولا يوجد عندهم هذا الحديث.
د. خالد الحايك.
حديث الإستخارة الذي رواه إمام المحدثين الإمام البخاري قد تفرد به عبد الرحمن بن أبي الموال عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله , و عبد الرحمن ثقة إلا أنه دون الكثير من أصحاب محمد بن المنكدر الأثبات مثل مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وعبيد الله بن عمر، وعبد العزيز بن أبى سلمة الماجشون، وشعبة، وسفيان الثورى , و كل هؤلاء لا يوجد عندهم هذا الحديث , فلماذا صحح الحديث الإمام البخاري رحمه الله؟ الجواب هو أن للحديث شواهد صالحة تزيل الريبة من هذا التفرد و كذلك الحديث الذي معنا له شواهد صالحة بينها الدكتور بسام , و هذا هو الفرق بين منهج كبار الأئمة و منهج بعض طلبة العلم الآن الذين يستنكرون أي تفرد!!!
¥