هكذا اكتفى بعنعنة الحسن البصري على الجزم بتدليسه في هذا الحديث!
4 - الحافظ ابن حجر! وقد قال «التلخيص»: [3/ 89]: في حديث يرويه بقية بن الوليد «قلت: إن سلم من وهم بقية ففيه تدليسه تدليس التسوية؛ لأنه عنعن لشيخه!».
هكذا بمجرد عدم تصريح بقية بالسماع من شيخه وحده، صار يدلس ويُسوِّي في هذا الحديث!
وقال أيضًا في موضع آخر من «التلخيص» [4/ 82]: في حديث «الختان مكرمة للنساء ... »: «رواه الطبراني في الكبير والبيهقي من حديث بن عباس مرفوعا وضعفه البيهقي في السنن وقال في المعرفة لا يصح رفعه وهو من رواية الوليد – وهو ابن الوليد بن زيد القيسي - عن ابن ثوبان عن ابن عجلان عن عكرمة عنه، ورواته موثقون إلا أن فيه تدليسا!؟».
لعله يعني ابن عجلان بهذا التدليس! فإنه ذكره في «طبقات المدلسين» وقال: «وصفه بن حبان بالتدليس». وربما ظن أن الوليد في سنده هو ابن مسلم! فأعله بتدليسه! وليس من ذلك شيء!
5 - الإمام الناقد المعلمي اليماني! فقد قال في «التنكيل» [2/ 871/طبعة المكتب الإسلامي] في تخريج حديث ابن عباس: «كان ثمن المجن عشرة دراهم». قال بعد كلام طويل في إعلاله: «إلا أن فيه اضطراب ابن اسحاق وتدليس أبي أسامة ... !!».
وكان قبل ذلك قد قال في [2/ 866]: «قلت: أبو أسامة كان يدلس ثم ترك التدليس بأخرة ولا يدرى متى حدث بهذا؟».
6 - الإمام الألباني! وقد قال في «الصحيحة» [رقم/2252]: «و يمكن استخراج علة ثانية و هي الإرسال، و علة ثالثة! و هي التدليس؟ فإن ابن مقدم – يعني عمر بن علي المقدمي - هذا كان يدلس تدليسا عجيبا يعرف عند العلماء بتدليس السكوت .... »!
وقال في موضع آخر الضعيفة [رقم/] وهو يرد على بعضهم: «لو سلمنا أن المليكي هذا يصلح للمتابعة، فهل غاب عن بال الأخ أن في الإسناد إليه علة أخرى، وهي تدليس ابن مقدم الراوي عن المليكي ... !!».
فانظر: كيف زاد علة التدليس بمجرد أن راوي الحديث موصوف بذلك!
وقال أيضًا في «الضعيفة» [رقم/ 4709]: «قلت: وبقية رجال الإسناد ثقات؛ فلولا تدليس علي بن غراب؛ لقلت بصحته!».
وقال أيضًا في «الضعيفة» [رقم/1907] وهو يرد على المنذري تجويده لبعض الأسانيد: «كذا قال، و ليس بجيد، لتدليس ابن جريج ... !!».
وقال أيضًا في «ضعيف أبي داود» [1/ 267]: بعد كلام طويل: «وإنما علته الحقيقية تدليس ابن جريج، كما بيناه هناك ... »! وقد قال هناك [1/ 13/طبعة غراس]: «وعلته الحقيقية: عنعنة ابن جريج؛ فإنه مدلس!».
وقال أيضًا في «تمام المنة» [ص/314]: « ... لكن للحديث علة أخرى وهي تدليس أبي الزبير عن جابر ... !!».
7 - المحدث أبو إسحاق الحويني – شفاه الله – فإنه قال في «النافلة» في تخريجه الحديث [رقم/46]: «وهذا سند ضعيف وله علتان الأولى: تدليس ابن جريج ... !».
وقال أيضًا في تخريج الحديث [رقم/111]: «وبقية رجال السند ثقات، غير تدليس ابن جريج وأبي الزبير ... !!».
وقال في تخريج الحديث [رقم/ 103]: بعد أن ساق إسناده «: وهذا سند ضعيف جداً، وله علتان، بل ثلاثة:
الأولى: سوء حفظ شريك النخعي.
الثانية: تدليس أبي إسحاق السبيعي، واختلاطه .... !!».
وقال أيضًا في «غوث المكدود» في تخريج الحديث [رقم/320]، [1/ 272]: « ... الحديث ضعيف وفيه علل ثلاثة!
1 - 2 - تدليس محمد بن إسحاق ومكحول! ...... »!!
وقد رأيته أعل إسنادًا آخرًا بتدليس ابن إسحاق! وذلك في كتابه: «جنة المرتاب»! ولا يحضرني الآن موضعه؟!
8 - العلامة شعيب الأرناؤوط! - سدده الله – فقد أكثر من هذا الاستخدام في جملة من تخريجاته!
فمن ذلك قوله في تعليقه على «سير النبلاء» [2/ 129]: «وإسناده ضعيف لتدليس ابن إسحاق!».
وقال في مكان آخر [2/ 131]: «وصححه ووافقه الذهبي مع أن فيه تدليس ابن إسحاق وقد عنعن .. !!».
وقال في موضع آخر [5/ 384]: «أخرجه مسلم (1358) في الحج: باب جواز دخول مكة بغير إحرام وفيه تدليس أبو الزبير ... !!».
وقال في موضع آخر: [9/ 30]: «رجاله ثقات إلا أن فيه تدليس ابن جريج، وأورده الهيثمي في " المجمع " 3/ 24، 25 وقال: رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات، ولم ينبه على تدليس ابن جريج .. !!».
وهناك مواطن كثيرة من هذا السبيل في تعليقه على «السير».
ومثلها – بل ربما أكثر – تجدها في تعليقه ورفاقه على «مسند أحمد/طبعة الرسالة»!
فانظر منها: [1/ 294]، و [3/ 240،248]، و [4/ 196،257،258]، و [5/ 339،393]، و [11/ 315،294،298،303]، و [13/ 325] [25/ 12]، [29/ 539]، [36/ 606]، [38/ 165]، وغيرها كثير!
ونقل عنه بشار عواد في تعليقه على «تهذيب المزي» [4/ 114]، قوله عن إسناد حديث: «ورجاله ثقات إلا أن فيه تدليس ابن جريج .. !».
وبعد: فهذا طرف مما تيسَّر لي أثناء البحث والمذاكرة! على أني لم أقصد الاستيعاب فضلا عن الاستقصاء!
ولو كنتُ تتبعت هذا النمط في تخريجات مَنْ دون هؤلاء السادة من المتأخرين واللاحقين ممن وقفتُ على كلامهم، لخرجت من ذلك بمجلد كبير!
وهذا كله: من أعظم العبر، في استيلاء النقص على أفْناء البشر! وأنه لا عصمة لأحد في هذا الفن ولا في غيره! إذ الكل موسوم بالهفوات، متصل الأمشاج بالزلات والسَّقَطات، متبوع بالعجلة في أمره، موصوف بعدم دَرْك الجلال من شواهق خصال الجمال في شأنه كله!
وأين للناقص أن يهتدي إلى مراتب الكمال في قوله وفعله؟ وكيف يستطيع التدرُّج إلى مدارج العصمة مع الاعتراف بقصور سعيه وكليل جهده؟
هيهات هيهات! فذا مَرامٌ قد انقطعتْ دونه آمال السائرين، وتأرَّقتْ على فَرَطات العجز للظفر به أمْزِجةُ الساهرين!
وقديمًا قال الأوَّل: «جاحد الحق يدل من نفسه على مهانة، وجاهل النقص يدل من نفسه على قصور»! والله المستعان لا رب سواه.
وعودٌ على بدء فأقول: انتهى بحروفه من كتاب: (رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى) [رقم/4578].
وكتبه بيده الفقير العاثر: أبو المظفر السناري.