تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مثال لأثر التصحيف على التصحيح والتضعيف]

ـ[أبو علي المالكي]ــــــــ[10 - 12 - 09, 12:27 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إنه من المعلوم لدى جميع المختصين مدى خطورة التصحيف وأثره البالغ على الكتب و أثره هذا لا يقل حدة وسوءا على الأسانيد مما يعني الخطأ في الحكم على الأسانيد في زمن قد ذهب فيه الحفظ وصار لا يعتمد إلا على النسخ، وإن من الأمثلة الواقعية على هذا الأمر ما وجدته خلال مطالعتي في فهرسة السلسة الصحيحة على الأبواب الفقهية للشيخ مشهور حسن حيث كنت أطمح بتجميع أدلة الفروع الفقهية للمالكية، فتحت أبواب الطهارة فبينا أنا أمر النظر استرعى انتباهي حديث أبي هريرة في المسح على الخفين، وقد سبق لي في مطالعتي اليسيرة أن أبا هريرة من منكري المسح على الخفين، طالعت ذلك في العلل لابن رجب والتمييز لمسلم، فكيف يروي حديثا في المسح ثم ينكره؟ فاستفزني الموقف بأن أراجع الأصل، يممت نحو السلسلة الصحيحة كي أطالع إسناد الحديث فوجدت الأمر كالآتي: رواه ابن أبي شيبة في المصنف عن وكيع عن جرير عن أيوب عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال توضأ جرير ومسح على خفيه وقال أبو زرعة: قال أبو هريرة وذكر الحديث.

فاستغربت الأمر لنظافة الإسناد إذ الظاهر أن جريرا هو ابن حازم البصري وهو وإن كان في حفظه شيء فإن ذلك يكاد يكون فيما حدث به بمصر أو ما حدث به عن قتادة.

وأيوب الظاهر أنه السختياني الحافظ المعروف. لكن استغربت رواية أيوب عن أبي زرعة إذ الأول بصري والآخر كوفي فراجعت برنامجا حديثيا فتبين لي أن ليس لأيوب رواية عن أبي زرعة إلا في هذا الحديث ما أثار ريبة في النفس، فلعل في الإستاد خللا ما، وبالفعل فقد راجعت العلل للدارقطني جزء 8 / مسند أبي هريرة، حيث سئل عن أحاديث المسح عن أبي هريرة منها هذا الحديث وكان إسناده كالتالي: وكيع عن جرير بن أيوب البجلي عن أبي زرعة به، فتبين لي أن في طبعة مصنف ابن أبي شيبة خللا فاحشا نشأ عن تصحيف " بن" إلى "عن": فصار الإسناد من جرير بن أيوب إلى جرير عن أيوب. وجرير منكر الحديث وقد اتهمه أبو نعيم (فضيل بن دكين) بالوضع. وقد أشار محقق العلل في الحاشية إلى الأمر أيضا فجزاه الله خيرا، فانظر إلى تصحيف إسنادي كيف أفضى بالشيخ الألباني رحمه الله إلى تصحيح الحديث على ظاهر الإسناد.

وفيما يخص إنكار أبي هريرة لحديث المسح فقد رواه مسلم في التمييز من طريق شعبة عن يزيد بن زاذان - على ما علق في ذهني - عن أبي زرعة نفسه.

ونص عليه أحمد، كما ذكر الدارقطني وابن رجب في شرح العلل. وبالله التوفيق.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير