تضعييف حديث: (مَا أُمِرْتُ بتَشْيِيدِ اَلْمَسَاجِدِ)!!
ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[31 - 12 - 09, 12:18 ص]ـ
قال أبو يعلى الموصلي في (مسنده):
2454 - حدثنا حارث بن سريج حدثنا معتمر حدثنا ليث عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم: عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أؤمر بتشييد المساجد قال: وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى
*************************************************
2454 - [ضعيف] المرفوع منه: أخرجه الطبراني في الكبير [21/ رقم/13001]، من طريق المعتمر بن سليمان عن الليث بن أبي سليم عن أبي فزارة راشد بن كيسان عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس به ... مرفوعًا .... وليس عنده قول ابن عباس في آخره ...
قلتُ: وهذا إسناد ضعيف معلول!! الليث لم يكن في الحديث بالليث!! وهو شديد التلخيط في المتون والأسانيد!! وكان قد اختلط جدًا حتى شاهده عيسى بن يونس -الثقة المأمون- وهو يصعد منارة المسجد الجامع في ضحوة النهار، ثم جعل ينادي في الناس بالآذان في غير ميقاته!! راجح الجرح والتعديل [178/ 7].
لكنه لم ينفرد به؛ بل تابعه عليه:
1 - الصباح بن يحيي المزني عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس به ... دون قول ابن عباس في آخره ... أخرجه الطبراني في الكبير [21/ رقم/ 13000]، من طريق أبي كريب ثنا عبيد بن محمد بن صباح بن يحيى المزني عن [جده] عن أبي فزارة به ...
وهذه متابعة لا يُفْرَح بها!! والصباح بن يحيى يقول عنه الذهبي: (متروك! بل متهم!!) راجع ترجمته في (الميزان) ولسانه [180/ 3].
وقد سقط من سند الطبراني قوله: (عن جده)!! وهي زيادة لا بد منها؛ لكون الصباح بن يحيى هو الذي يروي عن أبي فزارة!!
ثم إن ولده وحفيده لم أستطع تمييزهما!! ويبدو لي أن بالإسناد تحريفًا!!
ثم ظهر لي صوابه وهو: (عن أبي كريب عن عبيد بن محمد عن الصباح بن يحيى به ... ) هكذا وجدته عند الطبراني في إسناد حديث آخر أخرجه في (الكبير) و (الأوسط) و (الدعاء)، وعنه الضياء في (المختارة).
ومحمد بن عبيد هو النحاس الذي يقول عنه ابن عدي: (له أحاديث مناكير يرويها عن ابن أبي ذئب وغيره) وضعفه الحافظ في (التقريب) وهو من رجال النسائي وحده!!
[تنبيه وفائدة] أبو كريب الذي يروي عن عبيد بن محمد هذا الحديث: هو الحافظ محمد بن العلاء الإمام المشهور، وقد روى عنه حديثًا آخر أخرجه الطبراني وعنه الضياء وابن السني وغيرهم، وأورد السيوطي هذا الحديث الآخر في (الجامع الصغير) ثم جاء المناوي وأعل إسناده بـ (أبي كريب)! فقال في (فيض القدير) [1/ 404]: (أقول فيه أيضا أبو كريب. قال الذهبي مجهول!).
وهذا من أغلاط المناوي التي لا تُطاق! وقد تعقبه أبو الفيض الغماري في (المداوي) [1/ 421] فقال: (هذا من أعجب ما يُسْمع! بل هو من عُجَر الشارح - يعني المناوي - وبُجَره! فأبو كريب من أشهر رجال الكتب الستة الذين أكثروا عنهم، بل بين أهل الحديث أشهر من نار على علم. والذهبي برَّأه الله مما نسب إليه الشارح! فما أدري ما هذا الوهم العجيب!).
قلتُ: وإنما أُتيَ المناوي من يسير علمه بمعرفة النقَّلَة وطبقاتهم! فإن الذي أشار إلى تجهيله الذهبيُّ في (الميزان) هو (أبو كَرِب الأزدي). وهو شيخ قديم غائب يروي عن نافع مولى ابن عمر.
فانظر كيف غلط المناوي مرتين في كُنْية الرجل وتمييز طبقته؟!
وله في هذا الباب أغلاط أجارك الله منها! ولولا كثرة عثراته في الكلام على الرجال والأسانيد، ما سلَّط الغماري عليه سيفه البتار في كتابه (المداوي)!!
وأغرب من هذا: أن ترى الإمام الألباني ينقل في (الضعيفة) [رقم/2577] إعلالَ المناوي بحروفه ثم يغضُّ عنه الطرف! غفر الله للجميع.
2 - وتابعه أبو حمزة السكري - محمد بن ميمون الإمام الثقة -عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس بالمرفوع منه فقط ... كما ذكره الحافظ في تغليق التعليق [2/ 239/طبعة المكتب الإسلامي]، ولم يذكر من رواه؟! ولا ساق إسناده إليه!!
فإن كان هذا محفوظًا عن أبي حمزة، فقد اختلف عليه في إسناده!
فرواه على بن الحسن بن شقيق - الثقة الحجة - عن أبي حمزة فقال: عن ليث - وهو ابن أبي سليم -عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس به مرفوعًا: (لم أؤمر بتشييد المساجد). هكذا أخرجه المؤلف في الآتي [برقم/2689] قال: حدثنا محمد بن علي بن شقيق عن أبيه به ...
وهذا أراه المحفوظ عن أبي حمزة إن شاء الله. ولولا أنه لا يُعرف عنه التدليس! لربما قلتُ أنه دلَّس الليث بن أبي سليم في ذلك الوجه الذي حكاه الحافظ عنه!
وأنا أخشى أن يكون الحافظ قد وهم فيما ذكره! وأُرَاني أجبن عن الجزم بذلك في هذا المقام!
والحاصل: أن الصواب أن أبا حمزة يروي هذا الحديث عن الليث بن أبي سليم عن أبي فزارة بإسناده به ...
وقد مضى الكلام على رواية الليث! وأنه لم يكن في الحديث بالليث!
تابع البقية: ..........................
¥