ورواه ابن نصر في كتاب تعظيم قدر الصلاة –كما في الالئ المصنوعة للسيوطي (1/ 199) - عن إسحاق وهو ابن راهويه عن الوليد بن مسلم به موقوفاً.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 263): [سألت أبي وذكر حديثا رواه موسى بن ايوب عن الوليد ابن مسلم عن الوليد بن سليمان عن ابي الاشعث الصنعانى عن عبدالله ابن عمرو يرفعه قال من قرض بيت شعر بعد العشاء لم تقبل له صلاة حتى يصبح؟
قال أبي: هذا خطأ الناس يروون هذا الحديث لا يرفعونه يقولون عن عبدالله بن عمرو فقط.
قلت: الغلط ممن هو؟ قال: من موسى، لا أدري من أين جاء بهذا مرفوعاً].
فظهر من التخريج أن مدار الحديث على الوليد بن مسلم الشامي عن الوليد بن سليمان بن أبي السائب عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما به.
واختلف على الوليد بن مسلم في رفعه ووقفه، فرواه عنه: إسحاق بن راهويه، ومحمود وهو بن خالد السلمي ودحيم موقوفاً، وكلهم أئمة ثقات حفاظ.
ورواه موسى بن أيوب النصيبي الأنطاكي وهو صدوق وثقه العجلي وابن حبان، مصرحاً برفعه.
ورواه هشام وهو ابن عمار بلفظ: يرويه، وقد ذكر علماء المصطلح أنها تستخدم صيغة للرفع، وهشام بن عمار صدوق عنده أخطاء وأوهام فهذا منها.
وقد ذكر أبو حاتم أن الناس رووه عن الوليد بن مسلم موقوفاً وأن هذا هو المحفوظ، وهو ما يؤكده التخريج السابق أن الموقوف هو الصحيح، وما عداه فوهم وخطأ.
وأما تضعيف شيخنا العلامة الألباني للمرفوع بتدليس الوليد ففيه نظر لأنه صرح بالتحديث وسماعه الحديث من الوليد بن سليمان لا ينكر.
وكذا تضعيف العلامة المعلمي للموقوف بسبب تدليس الوليد فإن هذا منتفٍ بتصريحه بالسماع عن شيخه بل إلى عبدالله بن عمرو كما هو عند ابن عساكر.
الخلاصة
الحديث ضعيف منكر (من الناحية الإسنادية) مرفوعاً، وهو صحيح موقوفاً مرفوع حكماً
والمرفوع معلٌّ بخمس علل:
العلة الأولى: ضعف قزعة بن سويد.
العلة الثانية: اضطراب قزعة بن سويد في اسم شيخه مما يدل على عدم ضبطه للحديث.
العلة الثالثة: جهالة شيخه عاصم أو أبو عاصم بن مخلد، وهو لا يعرف إلا في هذا الحديث، ولم يرو عنه إلا قزعة بن سويد فهو مجهول عينٍ.
العلة الرابعة: مخالفة هذا المجهول وهو عاصم بن مخلد للوليد بن سليمان بن أبي السائب وهو ثقة
حيث رواه عاصم عن أبي الأشعث عن شداد مرفوعاً
ورواه الوليد بن سليمان عن أبي الأشعث عن عبدالله بن عمرو موقوفاً
فعاصم رفعه، وهذا الثقة أوقفه مما يدل على وهاء عاصمٍ وروايته.
العلة الخامسة: نكارة الحديث متناً حيث إنه جعل إنشاء الشعر بعد العشاء من موانع قبول الصلاة، وهذا لم يرد في الشريعة، بل الوارد بخلافه.
فقد روى مسلم في صحيحه (3/ 1427) عن سَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ قال خَرَجْنَا مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى خَيْبَرَ فَتَسَيَّرْنَا لَيْلًا فقال رَجُلٌ من الْقَوْمِ لِعَامِرِ بن الْأَكْوَعِ ألا تُسْمِعُنَا من هنياتك وكان عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يقول:
اللهم لَوْلَا أنت ما اهْتَدَيْنَا * * * ولا تَصَدَّقْنَا ولا صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لك ما اقْتَفَيْنَا * * * وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إن لَاقَيْنَا
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا * * * إِنَّا إذا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((من هذا السَّائِقُ؟)) قالوا: عَامِرٌ قال: ((يَرْحَمُهُ الله)) فقال رَجُلٌ من الْقَوْمِ: ((وَجَبَتْ يا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ)).
وفي الصحيحين قصة قتل كعب بن الأشرف ليلاً وفيها إنشاد شعر.
ولكن في العلة الخامسة نظر، ووصف الحديث بنكارة المتن مع صحته عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما فيه نظر.
فالصحابي الجليل عبدالله بن عمرو من العبادلة الفقهاء المعروفين بغزارة العلم، وثاقب النظر والفقه، فكونه يقول بهذا القول مما يدل على أن لديه مستنداً لما قال.
¥