فلا أنتهي من هذه الخطوة، إلا وقد أنهيت دراسة المسائل الجزئية كلها، وحاولت إيجاد أوضح رابطٍ بين: كل مسالة ٍ، وكل إطلاق وصفت به أو حكم به عليها.
والخطوة الرابعة: إيجاد الرابط العام والصفة الجامعة (القاسم المشترك) بين المسائل الجزئية كلها، التي جعلت الأئمة يفون تلك المسائل الجزئية كلها ويخصونها بذلك الإطلاق المعين.
وهذه الخطوة في الحقيقة تكاد تكون آخر الخطوات والثمرة المبتغاة. لذلك فهي حقيقة بالاهتمام كله، وبذلك الجهد كله، والتأني البالغ، والتفكير العميق.
ولا بد في هذه الخطوة من أن تخرج بصفات متعددة، وربما كانت كثيرة، تجتمع كلها في المسائل الجزئية كلها أيضاً. وتأكد أنك كلما كثرت الصفات، ودققت في جمعها والتمييز بينها، كلما كان ذلك دليلاً على قرب فهمك الفهم الدقيق لذلك (المصطلح).
وتنبه بأن لا تستبعد شيئاً من الصفات، لظنك الأولي أنه لا علاقة لها بـ (المصطلح) المراد فهمه. فهذه خطوة أخرى، لا تتعجلها قبل انتهائك من عملك في خطوتك هذه.
الخطوة الخامسة: ربط ما يمكن ربطه من الصفات الجامعة بالمعنى اللغوي الأصلي لـ (المصطلح)، ولو بنوع من المجاز. بل لا بد أن يكون هناك تجوز ما، بين المعنى اللغوي للمصطلح والصفات الجامعة التي أمكن ربطها به.
وهذه الخطوة يمكن أن تكون آخر الخطوات الحقيقية إذا لم يكن متاحاً لك سواها، مما يأتي ذكره.
وفي هذه الخطوة يبدأ فرز الصفات الجامعة، وتنقيتها مما لا علاقة له بالمصطلح المدروس.
وفي هذه الخطوة يظهر ما للمهارة العلمية، ولقدرة الفكرية، بل والثقافة الواسعة، من أثر في فهم المصطلح.
إنها أوان نضج الثمرة، للعمل المجهد الدؤوب، وربما كان أوان قطفها أيضاً.
والسير في هذه الخطوة يحتاج إلى بالغ التأني، ونهاية الدقة، ورحابة النظرة، واصطياد الأوقات المناسبة للباحث من ناحية استعداده الجسدي والنفسي والفكري. وحذر كل الحذر، مما قد يلوح لك من خلال الخطوات السابقة، من معنى تحسبه هو معنى المصطلح، فتجعله هدفاً مسبقاً لك في هذه الخطوة.
واعلم أنك قد تخرج بصفاتٍ جامعةٍ لها رابط واحد بالمعنى اللغوي للمصطلح، في المسائل الجزئية كلها= وعندها يكون المصطلح له معنى واحد وصورةٌ واحدة.
وربما تخرج بأن هناك من المسائل الجزئية مسائل لها صفات جامعة خاصة بها برابطٍ خاص بها كذلك، يربطها بالمعنى اللغوي للمصطلح المدروس. وأن بقية المسائل الجزئية لذلك المصطلح، سوى المسائل السابقة، لها رابط آخر يربطها بالمعنى اللغوي للمصطلح= وعندها يكون للمصطلح معنيان مختلفان، محتملان في كل مرة يطلق فيها ذلك المصطلح، ولا يحدد المراد منهما ـ غالباًـ إلا دراسة المسألة الجزئية نفسها.
وربما تعددت المجموعات من المسائل ذانمت نهع هى هرعت خمبملل نتلبهن تب الروابط المختلفة بالمعنى اللغوي، على الوجه المذكور آنفاً= فيكون المصطلح على ذلك متعدد المعاني، بعدد تلك الروابط. لكن تأكد في هذه الحالة من صحة تلك الروابط، بالتأكد من قوة علاقة الصفات الجامعة للمسائل الجزئية بالمعنى اللغوي للمصطلح. وتأكد أيضاً من وجود فروقٍ حقيقية، لا وهمية، بين تلك الروابط، لتبيح لك الفروق أن تدعي اختلاف معاني المصطلح. وأطالب بهذه التأكيدات، لأن دعوى تعدد معاني المصطلح دعوى صعبة القبول، إذ ربما آل الأمر بزعم تعدد معانية، والمبالغة في ذلك، إلى أن يكون المصطلح مستبهم المعنى ليس ذا فائدة، عديم النفع، لن المصطلح ـ بذلك ـ تنازعته معاني مختلفة، لا دليل ـ إلا بشق الأنفس ـ لمعرفة المقصود منها.
وربما خرجت أيضاً بحالةٍ وسطٍ بين هذه وتلك!
فتجد أن من الصفات الجامعة للمسائل الجزئية كلها ماله رابط واحد بالمعنى اللغوي للمصطلح؛ وتنفصل صفات جامعة أخرى ببعضٍ من المسائل الجزئية تلك، بأن يكون لها رابط آخر بالمعنى اللغوي للمصطلح؛ وتنفصل آخرى بأخرى كذلك، مع اجتماع الكل بأن لها رابطاً واحداً بالمعنى اللغوي، يجعلنا لا نستطيع ادعاء اختلاف معاني المصطلح= وحينها يكون للمصطلح معنى عام ومعاني خاصة، فالمعنى العام يفهم من ذلك المصطلح بداءةً، أما المعاني الخاصة فلا بد من دلائل تحدد لنا أيها المراد.
¥