فقالت طائفة من المحققين: مجهول العين ترتفع جهالته برواية عدل مشهور عنه، ذهب إلى ذلك الحنفية، وابن خزيمة، وعزاه النووي في مقدمة شرح مسلم لكثير من المحققين.
وقالت طائفة: كذلك، إذا عرف الراوي عنه بأنه لا يروي إلا عن عدل، كابن مهدي رحمه الله.
وقيل: بل ترتفع إذا كان معروفًا في قبيلته، أو مشهورًا بفضل، أو روى عنه آخر ([31] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn31)).
وقيل: ترتفع جهالته مع رواية واحد عنه بتزكية أحد أئمة الجرح والتعديل له.
وقيل: يستأنس بحديث من كان في عصر التابعين ولم يرو عنه إلا واحد لخيرية القرن.
والأكثرون على عدم قبول رواية مجهول العين ([32] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn32)).
وبعضهم يعلل الضعف باختلاط حماد بن سلمة أو إن شئت فقل: لصحة عقيدة حماد بن سلمة ولموافته للسلف في إمرار آيات الصفات وأحاديثها على طريقة السلف الصالحين، ومن اولئك المغرورين محمد زاهد الكوثري في تعليقه على (السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل)، قال ([33] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn33)):" وأما حديث أبي رزين ففي سنده حماد بن سلمة مختلط، وكان يدخل في حديثه ربيباه ما شاءا؛ وليس في استطاعة ابن عدي ولا غيره إبعاد هذه الوصمة عنه، ويعلى بن عطاء تفرد به عن وكيع بن حدس أو عدس، وهو مجهول الصفة، وهو تفرد عن أبي رزين، ولا شأن للمنفردات والوحدان في إثبات الصفات فضلا عن المجاهيل وعمن به اختلاط، فليتق الله من يحاول أن يثبت به صفة لله.
وقد سئم أهل العلم من كثرة ما يرد بطريق حماد بن سلمة من الروايات الساقطة في صفات الله سبحانه. وقد روى أبو بشر الدولابي الحافظ عن ابن شجاع عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: " كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث حتى خرج خرجة إلى عبدان فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطانا خرج إليه في البحر فألقاها إليه"اهـ
(قلت): أما قوله بأن ربيبيه يدخلان في كتبه ما شاءا فتكرار لما قال في (تأنيب الخطيب) ينقله عن ابن الجوزي الذي لم يذكر في دفع شبه التشبيه علة للحديث غير وكيع بن حدس وتفرد يعلى عنه، فلو كان حماد كذلك عنده لضعف الحديث بحماد ولكنه لم يفعل!، هذه واحدة.
وأما حكاية أن شيطانًا خرج إليه من البحر ... إلخ: فهي من رواية محمد بن شجاع ابن الثلجي، قال فيه الذهبي:" ابن الثلجي ليس بمصدق على حماد وأمثاله وقد اتهم. نسأل الله السلامة "اهـ
وأما أن يكون إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال ذلك ففيه نظر، ولذا قال المعلمي:" وإبراهيم بن عبد الرحمن ابن مهدي ولد أبوه سنة 135 فمتى ترى ولد إبراهيم؟ ومولد ابن الثلجي كما ذكر عن نفسه سنة 181 فمتى تراه سمع من إبراهيم؟ وفي ترجمة قيس بن الربيع من (التهذيب) شيء من رواية ابن المديني عن إبراهيم وهذا يشعر بأنه عاش بعد أبيه، وأبوه مات سنة 198 فإذا كان إبراهيم مات سنة 200 فمتى صحب حماد بن سلمة حتى عرف حديثه وعرف أنه لم يكن يروي تلك الأحاديث حتى خرج إلى ((عبادان)) وكيف عرف هذا الأمر العظيم ولم يعرفه أوه وكبار الأئمة من أقران حماد وأصحابه؟ وكلهم ابلغوا في الثناء على حماد كما يأتي"اهـ
وأما دعوى الاختلاط فمردودة، ولا نطول بردها البحث فردها مبسوط في (التنكيل) للمعلمي: ترجمة حماد بن سلمة.
ويكفينا أن علي بن المديني وهو من هو في معرفة الحديث وعلله والإمامة في الجرح والتعديل قد قال:" من تكلم في حماد بن سلمة فاتهموه في الدين".
وغريب من الكوثري أنه لم يعله لروايته في المسند!!، لأنه القائل في المسند ([34] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn34)):" والمسند مع انفراد ابن المذهب والقطيعي بروايته لا يكون موضع تعويل في شيء! "اهـ
والحاصل أن تعليل ضعف الحديث باختلاط حماد بن سلمة ونحوه لا يقوم به مسموع كلمة في هذه الصناعة وإنما يتحمس له متعصبة الجهمية ونحوهم الذين يبغضون أهل الحق وأئمة السلف ولا يألون جهدًا في غمزهم ولمزهم،
وكما قال ابن قيم الجوزية- قدس الله روحه-:
إنَّ الكلامَ مع الكبارِ وليسَ مَعْ
تلك الأراذلِ سِفْلةِ الحيوانِ
أوساخِ هذا الخلقِ بل أنتانِه
جيفِ الوجودِ وأخبثِ الإنسانِ
الطالبين دماءَ أهلِ العِلمِ بالـ
كفرانِ والعُدوانِ والبُهتانِ
الشاتمي أهلِ الحديثِ عداوةً
للسُّنةِ العليا مع القرآنِِ
¥