تخريج حديث إِنَّ لِمَهْدِينَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
ـ[محمد بن حجاج]ــــــــ[22 - 01 - 10, 01:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
من الأشياء الذي يتغنى بها القاديانيون ويستدلون بها على صدق نبوة ميرزا غلام أحمد: الحديث الذي ورد في سنن الدارقطني في باب صلاة الكسوف والخسوف ويدعون أنه تحقق في عهد الغلام وورد في موقعهم الرسمي هكذا:
هذا الحديث رواه الدرقطنى فى السنن رقم (1816) فقال: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَصْطَخْرِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شَمِرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ إِنَّ لِمَهْدِينَا آيَتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ تَنْكَسِفُ الْقَمَرُ لأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَتَنْكَسِفُ الشَّمْسُ فِى النِّصْفِ مِنْهُ وَلَمْ تَكُونَا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ.
وهذا الحديث لا يحتج به لعدم صحته من وجوه:
الأول: عمرو بن شمر الجعفي كنيته أبو عبد الله قال النسائى فى الضعفاء والمتروكين عمرو بن شمر متروك الحديث كوفي قال بن حبان فى المجروحين " كان رافضيا يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ممن يروي الموضوعات عن الثقات في فضائل أهل البيت وغيرها لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب أخبرنا محمد بن إسحاق مولى ثقيف قال حدثنا المفضل بن غسان قال سمعت يحيى بن معين يقول عمرو بن شمر لا يكتب حديثه ".
قال بن ابى حاتم فى "الجرح والتعديل":أخبرنا عبد الرحمن قال سئل أبو زرعة عن عمرو بن شمر فقال ضعيف الحديث " قال السعدى عمرو بن شمر زائغ كذاب , وقال البخارى منكر الحديث , ولعمرو بن شمر غير ما ذكرت من اقوال العلماء وعامة ما يرويه غير موجود يضع الحديث ولا حول ولا قوة الا بالله لا تحل الرواية عنه مطلقاً.
الثانى: جابر بن يزيد الجعفي من أهل الكوفة كنيته أبو يزيد قال بن حبان فى المجروحين " وكان سبئيا من أصحاب عبد الله بن سبأ وكان يقول إن عليا عليه السلام يرجع إلى الدنيا حدثنا إسحاق بن أحمد القطان بتنيس ثنا عباس بن محمد سمعت يحيى بن معين يقول جابر الجعفي لا يكتب حديثه ثنا محمد بن سليمان بن فارس ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا الحميدي سمعت سفيان بن عيينة يقول جابر الجعفي يؤمن بالرجعة.
ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا العباس بن محمد ثنا يحيى بن يعلى قال قال زائدة أما جابر الجعفي فكان والله كذاب يؤمن بالرجعة ثنا القطان بالرقة قال ثنا أحمد بن أبي الجواري سمعت أبا يحيى الجماني سمعت أبا حنيفة يقول ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي قال أبو حاتم هذا زعيم أهل الرأي وقائدهم وإمامهم في مذهبهم يطلق على جابر الجعفي الكذب ثنا محمد بن سليمان بن فارس ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا الحميدي سمعت سفيان بن عيينة يقول جابر الجعفي يؤمن بالرجعة ".
الثالث: محمد بن على هو بن الحسين بن على بن ابى طالب ابو جعفر الباقر ثقة فاضل من الطبقة الرابعة، فهو حديث مقطوع كما هو مقرر فى علم المصطلح فلا يصح الاحتجاج لأنه لا يجوز رد كلام النبى صلى الله عليه وسلم بكلام غيره.
الرابع: الحديث منكر لانه تعارض مع الحديث المتفق عليه من حديث عَائِشَةَ رضى الله عنه:
خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأُولَى ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ
إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا.
الخلاصة: موضوع بالوقف على محمد بن على لوجود الضعفاء فيه، وهذا الحديث مما ينطبق عليه قول شيخنا الالبانى ظلمات بعضها فوق بعض، يكاد لا يخلوا فى إحدى طبقاته ضعيف، كما انه يتعارض مع ما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم فلا يجوز رد كلام النبى صلى الله عليه وسلم بكلام غيره، فإذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذا الحديث على دعواهم الباطلة.
وكتبه محمد بن حجاج
15 رجب 1430 هـ.
¥