تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي رحمه الله، في بيان احتجاج المتصوفة ونحوهم بهذا الحديث على جواز الرقص:

" وتمسكوا أيضا بأنه قال لعلي: (أنت مني وأنا منك)، فحجل. وقال لزيد: (أنت أخونا ومولانا) فحجل ... "

قال ابن حجر:

" والجواب: أن هذه كلها أحاديث منكرة، وألفاظ موضوعة مزورة. ولو سلمت صحتها لم تتحقق حجتها؛ أي: لأن المحرم هو الرقص الذي فيه تثن وتكسر، وهذا ليس كذلك ". انتهى.

"كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" (75).

خامساً:

صرح غير واحد من فقهاء المذاهب رحمهم الله ببدعية ذلك العمل وضلاله، إن فعل دينا، وذمه وتسفيه صاحبه إن فعل عادة ولهوا.

سُئل الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي – رحمه الله -:

ما تقول السادة الفقهاء - أحسن الله توفيقهم - فيمن يسمع الدف والشبانة والغناء ويتواجد، حتى إنه يرقص، هل يحل ذلك أم لا؟ مع اعتقاده أنه محب لله وأن سماعه وتواجده ورقصه في الله؟! أفتونا مأجورين، رحمكم الله.

فقال:

الجواب وبالله التوفيق:

إن فاعل هذا مخطئ، ساقط المروءة، والدائم على هذا الفعل: مردود الشهادة في الشرع، غير مقبول القول، ومقتضى هذا: أنه لا تُقبل روايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شهادته برؤية هلال رمضان، ولا أخباره الدينية.

وأما اعتقاده محبة الله: فإنه يمكن أن يكون محبّاً لله سبحانه، مطيعًا له، في غير هذا، ويجوز أن يكون له معاملة مع الله سبحانه، وأعمال صالحة في غير هذا المقام.

وأما هذا: فمعصية ولعب، ذمَّه الله تعالى ورسوله، وكرهه أهل العلم، وسموه بدعة، ونهوا عن فعله، ولا يُتقرب إلى الله سبحانه بمعاصيه، ولا يُطاع بارتكاب مناهيه، ومَن جعل وسيلته الى الله سبحانه معصيته: كان حظه الطرد والإبعاد، ومن اتخذ اللهو واللعب دينًا: كان كمن سعى في الأرض الفساد، ومن طلب الوصول إلى الله سبحانه من غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّته: فهو بعيد من الوصول إلى المراد.

" جزء فيه فتيا فى ذم الشبَّابة والرقص والسماع " لابن قدامة، مخطوط (ورقة 2).

وقال الإمام العز ابن عبد السلام، الفقيه والأصولي الشافعي الكبير، رحمه الله:

" وأما الرقص والتصفيق: فخِفَّة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث، لا يفعلها إلا راعن أو متصنع كذاب؛ وكيف يتأتى الرقص المتزن بأوزان الغناء ممن طاش لبه وذهب قلبه، وقد قال عليه السلام: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، ولم يكن أحد من هؤلاء الذين يُقتدى بهم يفعل شيئا من ذلك، وإنما استحوذ الشيطان على قوم يظنون أن طربهم عند السماع إنما هو متعلق بالله عز وجل، ولقد مانوا [أي: كذبوا] فيما قالوا، وكذبوا فيما ادعوا؛ من جهة أنهم عند سماع المطربات وجدوا لذتين اثنتين: إحداهما لذة المعارف والأحوال المتعلقة بذي الجلال، والثانية: لذة الأصوات والنغمات والكلمات الموزونات الموجبات للذات النفس التي ليست من الدين ولا متعلقة بأمور الدين؛ فلما عظمت عندهم اللذتان غلطوا فظنوا أن مجموع اللذة إنما حصل بالمعارف والأحوال، وليس كذلك بل الأغلب عليهم حصول لذات النفوس التي ليست من الدين بشيء. وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله عليه السلام: (إنما التصفيق للنساء)، ولعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء.

ومن هاب الإله وأدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق، ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل، ولا يصدران من عاقل فاضل.

ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء، ولا معتبر من أتباع الأنبياء، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء، الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء.

وقد قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ}، وقد مضى السلف، وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه، وليس بقربة إلى ربه: فإن كان ممن يُقْتدى به، ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة: فبئس ما صنع، لإيهامه أن هذا من الطاعات، وإنما هو من أقبح الرعونات " انتهى.

" قواعد الأحكام في مصالح الأنام " (2/ 349 - 350) ط مؤسسة الريان.

وسُئل علما اللجنة الدائمة:

عن حكم الإسلام فيمن يذكرون الله وهم يتمايلون يمينًا وشمالًا في حالة قفز، وفي جماعة، وفي صوت عالٍ؟.

فأجابوا:

لا يجوز؛ لأنه بهذه الكيفية بدعة محدثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (2/ 529).

فالخلاصة:

أن الحديث الوارد في السؤال ضعيف لا يصح، والشاهد المذكور لا يصلح لتحسينه؛ لوجود راوٍ مجهول في الحديث الأول، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يصححه، وأنه لو صحَّ فليس فيه دليل على الرقص في العبادة، بل فعل ذلك بدعة منكرة قبيحة لا يليق بعاقل أن ينسبها لدين الله تعالى.

والله أعلم

موقع الإسلام سؤال وجواب ( http://www.islamqa.com/ar/ref/143924)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير