تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسليمان بن يسير ضعيف جدًّا، أطبق الأئمة على تضعيفه، وتركه بعضهم، ونفى بعضهم الترك عنه، إلا أن جملة كلامهم تدل على شدة ضعفه.

وشيخه قيس بن رومي قال فيه الدارقطني -في العلل (5/ 158) -: (لا يعرف قيس بن رومي إلا في هذا) -يعني: هذا الحديث-، وقال الذهبي -في الميزان (3/ 396) -: (لا يكاد يعرف)، وذكره في المغني في الضعفاء (5063)، فقيس بن رومي مجهول.

وبه يتبين أن هذه الطريق المرفوعة ضعيفة جدًّا، ويدل على ضعفها أن الروايات الأخرى تخالفها، خاصة رواية سليم بن أذنان صاحب القصة -كما سيأتي-.

2 - ابن أذنان عن علقمة:

# التخريج:

أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده (387)، وأحمد (1/ 412)، والبزار (1607) عن محمد بن معمر، وأبو يعلى (5366) عن أبي خيثمة زهير بن حرب؛ أربعتهم عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن ابن أذنان، قال: أسلفتُ علقمة ألفي درهم، فلما خرج عطاؤه قلت له: اقضني، فقال: أخرني إلى قابل، فأبيت عليه، فأخذتها منه، قال: فأتيته بعد ذلك، قال: برحت وقد منعتني، فقلت: نعم هو عملك، فقال: وما شأني؟ قال: إنك حدثتني عن عبدالله بن مسعود، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن السلف يجري مجرى شطر الصدقة»، قال: نعم، فهو كذلك، قال: فخذ الآن.

هذه سياقة ابن أبي شيبة وأحمد وأبي خيثمة، وأما محمد بن معمر؛ فسمى ابن أذنان: عبدالرحمن، ولم يذكر القصة، وساق المتن بلفظ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «قرض مرتين يعدل صدقة مرة».

وأخرجه ابن أبي شيبة (22231) عن عبدالرحمن بن مهدي، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 121، 122) عن محمد بن كثير، كلاهما عن سفيان الثوري، عن عبدالرحمن بن عابس، وعلقه البخاري في التاريخ (4/ 121) عن وكيع، عن مالك بن مغول، عن أكيل مؤذن إبراهيم النخعي، كلاهما (ابن عابس وأكيل) عن سليم بن أذنان، عن علقمة، قال: (لأن أقرض رجلاً مرتين أحب إلي من أن أعطيه مرة).

هذه سياقة عبدالرحمن بن عابس، ولم يسق البخاري متن أكيل، والظاهر من سياق البخاري للأسانيد أن أكيل جعله عن علقمة، عن عبدالله بن مسعود؛ موقوفًا.

تنبيه: سبق في رواية قيس بن رومي بعضُ الطرق التي فيها رواية ابن أذنان عن علقمة.

# الدراسة:

مدار هذه الرواية على ابن أذنان، ورواها عنه: عطاء بن السائب وعبدالرحمن بن عابس وأكيل مؤذن إبراهيم.

وجاء في بعض طرق رواية عطاء تسمية ابن أذنان: فرواه محمد بن معمر، عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن عطاء، عن عبدالرحمن بن أذنان، وخالف محمدًا ثلاثةُ أئمة: ابن أبي شيبة وأحمد وأبو خيثمة؛ رووه عن عفان به، فقالوا: ابن أذنان، وهذا هو الصحيح، وهو يدل على أن عطاء بن السائب لم يضبط اسم شيخه ابن أذنان.

وكذا خالف محمدَ بن معمر الثلاثةُ الأئمة في متن الحديث، والصواب لفظهم.

ثم اختُلف عن ابن أذنان:

- فرواه عطاء بن السائب عنه، عن علقمة، عن ابن مسعود مرفوعًا، بلفظ: «السلف يجري مجرى شطر الصدقة»،

- ورواه عبدالرحمن بن عابس، عن سليم، عن علقمة؛ من كلامه، بلفظ: (لأن أقرض رجلاً مرتين أحب إلي من أن أعطيه مرة)،

- ورواه أكيل مؤذن إبراهيم النخعي، عن سليم، عن علقمة، عن ابن مسعود؛ موقوفًا.

وأوثق الثلاثة عطاء بن السائب، إلا أنه اختلط، وفي رواية حماد بن سلمة عنه خلاف وتباينُ أقوال، وأرجح الأقوال أنه سمع منه قبل اختلاطه وبعده.

وقد اتفقوا على ثقة عبدالرحمن بن عابس، ووثق العجلي أكيلَ، وذكره ابن حبان في ثقاته.

واتفاق الاثنين على عدم رفع الحديث، مع عدم ضبط عطاء لاسم شيخه، ومع كون متنه الذي ساقه مغايرًا للمتن المعروف عن علقمة؛ دليل على أن هذا الحديث مما سمعه حماد بن سلمة بعد اختلاط عطاء.

فالراجح عدم الرفع، والأقوى من الروايتين غير المرفوعتين: رواية عبدالرحمن بن عابس بجعله من كلام علقمة؛ لأنه أوثق من أكيل، إلا أن رواية أكيل تعتضد بما سيأتي عن علقمة عن ابن مسعود موقوفًا، والظاهر أن علقمة كان يحدث به تارات من تلقاء نفسه، ويرفعه إلى ابن مسعود تارات أخرى، فكان سليم بن أذنان يروي ذلك عنه، أو كان علقمة حدَّث به سليمًا من تلقاء نفسه أولاً، ثم قال ما نحوه: (هكذا سمعت ابن مسعود يقول)، فرواه سليم على الوجهين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير