تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ليقتلوا موسى، فأخذ رسل فرعون في الطريق الأعظم يمشون على هيئتهم يطلبون موسى وهم لا يخافون أن يفوتهم، فجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة فاختصر طريقا حتى سبقهم إلى موسى فأخبره، وذلك من الفتون يا ابن جبير. فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء قبل ذلك، وليس له بالطريق علم إلا حسن ظنه بربه عز وجل فإنه قال {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل. ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان} يعني بذلك حابستين غنمهما فقال لهما: ما خطبكما معتزلتين لا تسقيان مع الناس؟ قالتا: ليس لنا قوة نزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم، فسقى لهما فجعل يغترف في الدلو ماء كثيرا حتى كان أول الرعاء، فانصرفتا بغنمهما إلى أبيهما وانصرف موسى عليه السلام فاستظل بشجرة وقال {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} واستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا فقال: إن لكما اليوم لشأنا، فأخبرتاه بما صنع موسى، فأمر إحداهما أن تدعوه، فأتت موسى فدعته فلما كلمه قال {لا تخف نجوت من القوم الظالمين} ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطان، ولسنا في مملكته، فقالت إحداهما: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} فاحتملته الغيرة على أن قال لها: ما يدريك ما قوته وما أمانته؟ قالت: أما قوته فما رأيت منه في الدلو حين سقى لنا، لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه، وأما الأمانة فإنه نظر إلي حين أقبلت إليه وشخصت له، فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه حتى بلغته رسالتك، ثم قال لي: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فلم يفعل هذا إلا وهو أمين، فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي قالت، فقال له: هل لك {أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك. وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين} ففعل فكانت على نبي الله موسى ثماني سنين واجبة وكانت سنتان عدة منه فقضى الله عنه عدته فأتمها عشرا. قال سعيد هو ابن جبير: فلقيني رجل من أهل النصرانية من علمائهم قال: هل تدري أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا، وأنا يومئذ لا أدري، فلقيت ابن عباس فذكرت ذلك له فقال: أما علمت أن ثمانيا كانت على نبي الله واجبة لم يكن لنبي أن ينقص منها شيئا، ويعلم أن الله كان قاضيا عن موسى عدته التي وعده فعدته التي وعده فإنه قضى عشر سنين، فلقيت النصراني فأخبرته ذلك فقال: الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك قلت: أجل وأولى. فلما سار موسى بأهله كان من أمر النار والعصا ويده ما قص الله عليك في القرآن، فشكا إلى الله تعالى ما يتخوف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردءا ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه، فأتاه الله سؤله وحل عقدة من لسانه وأوحى الله إلى هارون وأمره أن يلقاه، فاندفع موسى بعصاه حتى لقي هارون عليهما السلام فانطلقا جميعا إلى فرعون فأقاما على بابه حينا لا يؤذن لهما، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا {إنا رسولا ربك} قال: فمن ربكما؟ فأخبره بالذي قص الله عليك في القرآن، قال: فما تريدان؟ وذكره القتيل فاعتذر بما قد سمعت، قال: أريد أن تؤمن بالله وترسل معي بني إسرائيل، فأبى عليه وقال {ائت بآية إن كنت من الصادقين} فألقى عصاه فإذا هي حية تسعى عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون، فلما رآها قاصدة إليه خافها فاقتحم عن سريره واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل، ثم أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء يعني من غير برص ثم ردها فعادت إلى لونها الأول، فاستشار الملأ حوله فيما رأى، فقالوا له: هذان ساحران {يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى} يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش، وأبوا على موسى أن يعطوه شيئا مما طلب، وقالوا له: اجمع لهما السحرة فإنهم بأرضك كثير حتى تغلب بسحرك سحرهما، فأرسل إلى المدائن فحشر له كل ساحر متعالم، فلما أتوا فرعون قالوا: بم يعمل هذا الساحر؟ قالوا: يعمل بالحيات، قالوا: فلا والله ما أحد في الأرض يعمل بالسحر بالحيات والحبال والعصي الذي نعمل، وما أجرنا إن نحن غلبنا؟ قال لهم: أنتم أقاربي وخاصتي،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير