تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأنا صانع إليكم كل شيء أحببتم، فتواعدوا يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى، قال سعيد بن جبير: فحدثني ابن عباس أن يوم الزينة الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة هو يوم عاشوراء. فلما اجتمعوا في صعيد واحد قال الناس بعضهم لبعض: انطلقوا فلنحضر هذا الأمر {لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين} يعنون موسى وهارون استهزاء بهما، فقالوا: يا موسى لقدرتهم بسحرهم {إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين} {قال بل ألقوا} {فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون} فرأى موسى من سحرهم ما أوجس في نفسه خيفة، فأوحى الله إليه أن ألق عصاك، فلما ألقاها صارت ثعبانا عظيمة فاغرة فاها، فجعلت العصي تلتبس بالحبال حتى صارت جزرا إلى الثعبان، تدخل فيه، حتى ما أبقت عصا ولا حبالا إلا ابتلعته، فلما عرفت السحرة ذلك قالوا، لو كان هذا سحرا لم يبلغ من سحرنا كل هذا، ولكنه أمر من الله عز وجل، آمنا بالله وبما جاء به موسى، ونتوب إلى الله مما كنا عليه، فكسر الله ظهر فرعون في ذلك الموطن وأشياعه، وظهر الحق، وبطل ما كانوا يعملون، {فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين} وامرأة فرعون بارزة متبذلة تدعو الله بالنصر لموسى على فرعون وأشياعه، فمن رآها من آل فرعون ظن أنها إنما ابتذلت للشفقة على فرعون وأشياعه، وإنما كان حزنها وهمها لموسى. فلما طال مكث موسى بمواعيد فرعون الكاذبة، كلما جاء بآية وعده عندها أن يرسل معه بني إسرائيل، فإذا مضت أخلف موعده وقال: هل يستطيع ربك أن يصنع غير هذا؟ فأرسل الله على قومه الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، كل ذلك يشكو إلى موسى ويطلب إليه أن يكفها عنه، ويواثقه على أن يرسل معه بني إسرائيل، فإذا كف ذلك عنه أخلف موعده، ونكث عهده. حتى أمر الله موسى بالخروج بقومه فخرج بهم ليلا، فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا أرسل في المدائن حاشرين، فتبعه بجنود عظيمة كثيرة، وأوحى الله إلى البحر: إذا ضربك عبدي موسى بعصاه فانفلق اثنتي عشرة فرقة، حتى يجوز موسى ومن معه، ثم التق على من بقي بعد من فرعون وأشياعه. فنسي موسى أن يضرب البحر بالعصا وانتهى إلى البحر وله قصيف، مخافة أن يضربه موسى بعصاه وهو غافل فيصير عاصيا لله. فلما تراءى الجمعان وتقاربا {قال أصحاب موسى: إنا لمدركون}، افعل ما أمرك به ربك، فإنه لم يكذب ولم تكذب. قال: وعدني أن إذا أتيت البحر انفرق اثنتي عشرة فرقة، حتى أجاوزه: ثم ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر بعصاه حين دنا أوائل جند فرعون من أواخر جند موسى، فانفرق البحر كما أمره ربه وكما وعد موسى فلما أن جاز موسى وأصحابه كلهم البحر، ودخل فرعون وأصحابه، التقى عليهم البحر كما أمر فلما جاوز موسى البحر قال أصحابه: إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق ولا نؤمن بهلاكه. فدعا ربه فأخرجه له ببدنه حتى استيقنوا بهلاكه. ثم مروا بعد ذلك على قوم يعكفون على أصنام لهم {قالوا يا موسى، اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون. إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون} قد رأيتم من العبر وسمعتم ما يكفيكم ومضى. فأنزلهم موسى منزلا وقال: أطيعوا هارون فإني قد استخلفته عليكم، فإني ذاهب إلى ربي. وأجلهم ثلاثين يوما أن يرجع إليهم فيها، فلما أتى ربه وأراد أن يكلمه في ثلاثين يوما وقد صامهن ليلهن ونهارهن، وكره أن يكلم ربه وريح فيه، ريح فم الصائم، فتناول موسى من نبات الأرض شيئا فمضغه، فقال له ربه حين أتاه: لم أفطرت؟ وهو أعلم بالذي كان: قال: يا رب، إني كرهت أن أكلمك إلا وفمي طيب الريح. قال: أوما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم أطيب من ريح المسك، ارجع فصم عشرا ثم ائتني. ففعل موسى عليه السلام ما أمر به، فلما رأى قوم موسى أنه لم يرجع إليهم في الأجل، ساءهم ذلك: وكان هارون قد خطبهم وقال: إنكم قد خرجتم من مصر، ولقوم فرعون عندكم عوار وودائع، ولكم فيهم مثل ذلك ولا ممسكيه لأنفسنا، فحفر حفيرا، وأمر كل قوم عندهم من ذلك من متاع أو حلية أن يقذفوه في ذلك الحفير، ثم أوقد عليه النار فأحرقه، فقال: لا يكون لنا ولا لهم. وكان السامري من قوم يعبدون البقر، جيران لبني إسرائيل، ولم يكن من بني إسرائيل، فاحتمل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير