تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مع موسى وبني إسرائيل حين احتملوا، فقضى له أن رأى أثرا فقبض منه قبضة، فمر بهارون، فقال له هارون عليه السلام: يا سامري، ألا تلقي ما في يدك؟ وهو قابض عليه، لا يراه أحد طوال ذلك، فقال: هذه قبضة من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر، ولا ألقيها لشيء إلا أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يكون ما أريد. فألقاها، ودعا له هارون، فقال: أريد أن يكون عجلا. فاجتمع ما كان في الحفيرة من متاع أو حلية أو نحاس أو حديد، فصار عجلا أجوف، ليس فيه روح، وله خوار قال ابن عباس: لا والله، ما كان له صوت قط، إنما كانت الريح تدخل في دبره وتخرج من فيه، فكان ذلك الصوت من ذلك. فتفرق بنو إسرائيل فرقا، فقالت فرقة: يا سامري، ما هذا؟ وأنت أعلم به. قال: هذا ربكم، ولكن موسى أضل الطريق. وقالت فرقة: لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى، فإن كان ربنا لم نكن ضيعناه وعجزنا فيه حين رأيناه، وإن لم يكن ربنا فإنا نتبع قول موسى، وقالت فرقة: هذا عمل الشيطان، وليس بربنا ولا نؤمن به ولا نصدق، وأشرب فرقة في قلوبهم الصدق بما قال السامري في العجل، وأعلنوا التكذيب به، فقال لهم هارون: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن}. قالوا: فما بال موسى وعدنا ثلاثين يوما ثم أخلفنا؟ هذه أربعون يوما قد مضت؟ وقال سفهاؤهم: أخطأ ربه فهو يطلبه ويتبعه. فلما كلم الله موسى وقال له ما قال: أخبره بما لقي قومه من بعده، {فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} فقال لهم ما سمعتم في القرآن، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، وألقى الألواح من الغضب، ثم إنه عذر أخاه بعذره، واستغفر له، وانصرف إلى السامري فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ قال: قبضت قبضة من أثر الرسول، وفطنت لها وعميت عليكم، فقذفتها {وكذلك سولت لي نفسي قال: فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا}، ولو كان إلهالم يخلص إلى ذلك منه، فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة، واغتبط الذين كان رأيهم فيه مثل رأي هارون، فقالوا لجماعتهم: يا موسى، سل لنا ربك أن يفتح لنا باب توبة نصنعها، فيكفر عنا ما عملنا. فاختار موسى قومه سبعين رجلا لذلك، لا يألو الخير، خيار بني إسرائيل، ومن لم يشرك في العجل، فانطلق بهم يسأل لهم التوبة، فرجفت بهم الأرض، فاستحيا نبي الله من قومه ومن وفده حين فعل بهم ما فعل، فقال: {رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي، أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} وفيهم من كان اطلع الله منه على ما أشرب قلبه من حب العجل وإيمان به فلذلك رجفت بهم الأرض فقال: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل} فقال: يا رب سألتك التوبة لقومي، فقلت: إن رحمتي كتبتها لقوم غير قومي فليتك أخرتني حتى تخرجني في أمة ذلك الرجل المرحومة، فقال له: إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم من لقي من والد وولد فيقتله بالسيف ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن وتاب أولئك الذين كان خفي على موسى وهارون واطلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها وفعلوا ما أمروا وغفر الله للقاتل والمقتول. ثم سار بهم موسى عليه السلام متوجها نحو الأرض المقدسة، وأخذ الألواح بعدما سكت عنه الغضب فأمرهم بالذي أمر به أن يبلغهم من الوظائف، فثقل ذلك عليهم وأبوا أن يقروا بها، فنتق الله عليهم الجبل كأنه ظلة ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم فأخذوا الكتاب بأيمانهم وهم مصغون ينظرون إلى الجبل والكتاب بأيديهم، وهم من وراء الجبل مخافة أن يقع عليهم، ثم مضوا حتى أتوا الأرض المقدسة فوجدوا مدينة فيها قوم جبارون خلقهم خلق منكر، وذكروا من ثمارهم أمرا عجيبا من عظمها، فقالوا: يا موسى إن فيها قوما جبارين لا طاقة لنا بهم، ولا ندخلها ماداموا فيها، فإن يخرجوا منها فإنا داخلون، قال رجلان من الذين يخافون قيل ليزيد: هكذا قرأه؟ قال: نعم، من الجبارين آمنا بموسى، وخرجا إليه فقالوا: نحن أعلم بقومنا إن كنتم إنما تخافون ما رأيتم من أجسامهم وعددهم فإنهم لا قلوب لهم ولا منعة عندهم فادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون، ويقول أناس: إنهم من قوم موسى، فقال الذين يخافون بنو إسرائيل {يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} فأغضبوا موسى فدعا عليهم وسماهم فاسقين، ولم يدع عليهم قبل ذلك، لما رأى منهم المعصية وإساءتهم حتى كان يومئذ، فاستجاب الله له وسماهم كما سماهم فاسقين، فحرمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض، يصبحون كل يوم فيسيرون ليس لهم قرار ثم ظلل عليهم الغمام في التيه وأنزل عليهم المن والسلوى وجعل لهم ثيابا لا تبلى ولا تتسخ، وجعل بين ظهرانيهم حجرا مربعا وأمر موسى فضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا في كل ناحية ثلاث أعين، وأعلم كل سبط عينهم التي يشربون منها فلا يرتحلون من منقلة إلا وجدوا ذلك الحجر معهم بالمكان الذي كان فيه بالأمس

قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير أصبغ بن زيد والقاسم بن أبي أيوب وهما ثقتان

فما القول فيه؟ وهل هو من الإسرائيليات كما ذكر ابن كثير وشيخه المزي أنه أن الأغلب فيه أن يكون من كلام كعب الأحبار؟

أفيدونا بارك الله فيكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير