[تنبيه] قال الخطيب في «الفصل للوصل» بعد أن ذكر رواية مالك وغيره لهذا الخبر عن زيد بن أسلم: «وخالف الجميع هشام بن سعد! فرواه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب عن أبي بكر الصديق ... »!
ومراده بالمخالفة: هي قول هشام «عن زيد عن أبيه عن عمر»، والآخرون يروونه عن «زيد عن أبيه أن عمر ... »، فيكون هشامًا قد جوَّده عن أبيه عن عمر، ويكون غيره قد أرسله عن زيد عن أبيه!
وهو خلاف غير مؤثِّر على التحقيق.
والظاهر عندي: أن أسلم قد سمعه من عمر، فتارة كان يذكر ما يدل على سماعه، وتارة كان يسوق الخبر ولا ينشط لإقامة ما يدل على سماعه له من عمر.
وهشام بن سعد: وإن كان جماعة قد تكلموا فيه، إلا أنه أثبت الناس فى زيد بن أسلم، كما يقول أبو داود.
ولو رجَّحنا رواية مالك ومن تابعه على رواية هشام عن زيد، فالأثر موصول عندنا –أيضًا - إن شاء الله، فهو وإن كان صورته صورة المرسل: «زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر اطلع على أبي بكر ... » لكنه محمول على الاتصال؛ لكونه من رواية أسلم مولى عمر، وهو مَنْ هو في معرفته وخبرته بأحوال عمر.
وبمثل هذا: أجاب الحافظ عن الحديث الذي يرويه هشام بن عروة – عند البخاري [رقم/3683]- عن أبيه قال: «توفيت خديجة قبل مخرج النبي ? إلى المدينة بثلاث سنين فلبث، سنتين أو قريبا من ذلك، ونكح عائشة وهي بنت ست سنين، ثم بنى بها وهي بنت تسع سنين».
فقال في الفتح [7/ 224]: «قوله "عن أبيه" هذا صورته مرسل، لكنه لما كان من رواية عروة مع كثرة خبرته بأحوال عائشة يحمل على أنه حمله عنها».
وقد اختلف على هشام بن سعد في إسناده!! فرواه عنه شعيب بن حرب، وأبو نعيم الملائي على الوجه الماضي.
وخالفهما ابن وهب! فرواه عن هشام فقال: عن زيد بن أسلم عن عمر عن أبي بكر به ... وأسقط منه والد زيد!! هكذا رواه ابن وهب في الجامع [1/رقم/ 307].
وتابع هشامًا على هذا الوجه الثاني: يحيى بن عبد اللَّه بن سالم وعبد اللَّه بن عمر العمري عند ابن وهب أيضًا [1/رقم/ 307]- واختلف فيه على العمري كما سيأتي في كلام ابن النقور.
وتابعهم أيضًا على هذا الوجه: داود بن قيس كما ذكره الدارقطني في العلل [161/ 1]- واختلف عليه كما سيأتي في كلام ابن النقور.
وتابعهم أيضًا: سعير بن الخمس ... ذكره الدارقطني أيضًا.
ثم جاء سفيان الثوري وخالف الجميع!! واختلف عليه فيه! فرواه عنه ابن المبارك ووكيع ومحمد بن كثير، وأبو داود الحفري، وابن مهدي كلهم قالوا: عن الثوري عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي بكر الصديق به ... !! وأسقط منه عمر!!
هكذا أخرجه ابن المبارك في الزهد [رقم 369]، وابن أبي عاصم في الزهد [رقم 91،02]، وأبو داود في الزهد [رقم/ 30]، وأحمد في الزهد [رقم 563/طبعة دار ابن رجب]، ووكيع في الزهد [رقم/ 281]، وعنه الخرائطي في مكارم الأخلاق [رقم/ 201/المنتقى منه للسِّلَفي /طبعة دار الفكر]، والخطيب في الفصل للوصل [1/ 205،207]، وغيرهم.
وخالفهم جميعًا: قبيصة بن عقبة! فرواه عن الثوري فقال: «عن زيد بن أسلم عن أبيه أن أبا بكر جعل يلوي لسانه أو يحرك لسانه ويقول هذا أوردني الموارد»! وأسقط من «أسلم» والد زيد!
هكذا أخرجه هناد في الزهد [2/رقم/1093]، ومن طريقه الخطيب في الفصل للوصل [1/ 206]، قال: حدثنا قبيصة به ...
قلتُ: ورواية الجماعة عن الثوري أصح.
وقد غلط المعلق على «الزهد لهناد / طبعة دار الخلفاء للكتاب الإسلامي]، وأقحم في إسناد هناد قوله: «عن أبيه» بين زيد بن أسلم وأبي بكر! وأشار بالهامش إلى أن تلك الزيادة لم ترد في المخطوط الذي بين يديه! ولكنه زادها لاتفاق أصحاب الثوري عليها!
وهذا تجاوز منه للحدود! وتعدٍّ على الأصول بالزيادة فيها على المعهود!
تابع البقية: ....
ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[10 - 04 - 10, 03:04 م]ـ
ولم ينهض الثوري بإسناد هذا الخبر عن زيد بن أسلم!
وقول من رواه عن زيد بن أسلم على الوجه الأول- بزيادة عمر فيه - هو الأصح.
فقال الدارقطني في علله [161/ 1]: بعد أن ذكر رواية الثوري: «ويقال: إن هذا وهم من الثوري .... والصحيح من ذلك ما قاله ابن عجلان وهشام بن سعد ومن تابعهما ..... ». يعني: في روايته عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر عن أبي بكر به …
¥