تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذلك أن العدالة والضبط يحققان أداء الحديث كما سمع من قائله، واتصال السند على هذا الوصف، في الرواة يمنع اختلال ذلك في أثناء السند، وعدم الشذوذ يحقق ويؤكد ضبط هذا الحديث بعينه، وعدم الأعلال يدل على سلامته من القوادح الخفية بعد أن استدللنا بسائر الشروط على سلامته من القوادح الظاهرة، فكان الحديث بذلك صحيحاً لتوفر عامل النقل الصحيح، واندفاع القوادح الظاهرة والخفية، فيحكم له بالصحة بالإجماع.

تقسيم الخبر من حيث عدد رواته:

يقسم المحدثون الخبر من حيث عدد رواته إلى أربعة أقسام (7):

1 - الفرد المطلق، وهو الذي ليس له إلا راو واحد، ويسمى أيضاً الغريب سنداً ومتناً.

2 - العزيز، وهو ما رواه اثنان.

3 - المشهور: وهو ما رواه جمع محصور بثلاثة فأكثر ولم يبلغ درجة التواتر.

4 - المتواتر وهو الخبر الذي رواه جمع كثير يستحيل تواطؤهم على الكذب عن جمع مثلهم إلى نهاية السند، وكان مستندهم الحس.

أما علماء أصول الفقه فيقسم الجمهور منهم الخبر إلى قسمين:

القسم الأول: الخبر المتواتر، وقد عرفته.

القسم الثاني: خبر الواحد أو الآحاد، وهو ما لم يبلغ درجة التواتر، فيشمل أنواع الفرد والعزيز والمشهور.

وأضاف الحنفية قسماً ثالثاً هو المشهور، وهو عندهم الخبر الذي كان آحادي الأصل، متواتراً في القرن الثاني والثالث مع قبول الأمة كما في مسلم الثبوت. قال في شرحه فواتح الرحموت: "وإن لم يكن كذلك فهو خبر الواحد" (8).

وقد تسرع بعض العصريين في النقد لهذا التقسيم عند الحنفية، دون أن يرى لهم وجهاً أو عذراً، مما لا نتعرض له هنا، وسنرجع إليه في حينه إن شاء الله تعالى.

وخبر الواحد الذي ذكرنا معناه ليس خاصاً بالصحيح، بل هو مشترك بين الصحيح وغيره، وسنفرد البحث هنا لدراسة أثر خبر الآحاد الصحيح دراسة تشمل أثره في العمل أي الأحكام، وفي العلم أي العقيدة. ونبدأ أولاً ببحث أثره في العمل، ثم نبحث أثره في العقيدة، فنقول وبالله التوفيق.

أثر خبر الآحاد الصحيح في العمل:

قد ظهر لنا أن الحديث الصحيح –وهو هنا الذي لم يبلغ درجة التواتر- قد استوفى –متناً وسنداً- شروطاً تتحرى نفي كل أسباب الخلل عنه، من أي جهة كانت، مما يلزم النفس السليمة بأن تقبله وتلتزم العمل به.

وذلك هو ما ذهب إليه جماهير العلماء من السلف والخلف، ومنهم الأئمة الأربعة وسائر فقهاء الأمصار، لم يشذ عن ذلك إلا نفر قليل جداً من أهل العلم في العصور السالفة ممن لم يكونوا أئمة في علوم الدين.

قال الإمام السرخسي رحمه الله (9): "وقال بعض من لم يُعتَدَّ بقوله: خبر الواحد لا يكون حجة في الدين أصلاً" انتهى. وهذا القائل الذي أشار إليه السرخسي هو الجُبَّائي من المعتزلة، وبعض أهل الابتداع الخارجين على السنة (10).

واستدلوا بأدلة عديدة تدور كلها حول نقطة واحدة هي أن كل راو من رواة الخبر الآحادي غير معصوم عن الكذب، ولا عن الخطأ فيحتمل أن يكون هناك كذب في الحديث أو خطأ، فلا يجوز أن يكون مصدراً في الشرع، وأوردوا بناء على ذلك استدلالات من القرآن الكريم يشدون بها مذهبهم.

وقد عرض أعلام أصول الفقه أدلتهم على بساط البحث، وناقشوها مناقشة علمية موضوعية دقيقة، أعرض للقارئ هذه الأدلة من كلام للإمام السرخسي الحنفي لما امتاز به عرضه من الاستكثار لهم من الأدلة مع الوضوح:

قال الإمام السرخسي رحمه الله تعالى:

"استدلوا بقوله تعالى: "ولا تقف ما ليس لك به علم". وإذا كان خبر الواحد لا يوجب العلم لم يجز اتباعه والعمل به، بهذا الظاهر. وقال تعالى: (ولا تقولوا على الله إلا الحق (وخبر الواحد إذا لم يكن معصوماً عن الكذب محتمل للكذب والغلط، فلا يكون حقاً على الإطلاق، ولا يجوز القول بإيجاب العمل به في الدين. وقال تعالى: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون (وقال تعالى: (وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً (. ومعنى الصدق في خبر الواحد غير ثابت إلا بطريق الظن، ولأن خبر الواحد غير ثابت إلا بطريق الظن، ولأن خبر الواحد غير ثابت إلا بطريق الظن، ولأن خبر الواحد محتمل للصدق والكذب، والنص الذي هو محتمل لا يكون موجباً للعمل بنفسه مع أن كل واحد من المحتملين فيه يجوز أن يكون شرعاً، فلأن لا يجوز العمل بما هو محتمل لكذب. والكذب باطل –أصلاً- أولى" انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير