سبعة أشهر وربما تقدم أياما وتأخر في التصوير والولادة وإذا كان التصوير في خمسة وأربعين يومًا تحرك في تسعين يومًا وولد في مائتين وسبعين يومًا وذلك تسعة أشهر والله أعلم.
وأما كتابة الملك فحديث ابن مسعود يدل على أنها تكون بعد أربعة أشهر أيضًا على ما سبق.
وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وكل الله بالرحم ملكا يقول أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضغة فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال يا رب أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد فما الرزق فما الأجل فيكتب كذلك في بطن أمه وظاهر هذا يوافق حديث ابن مسعود لكن ليس فيه تقدير المدة، وحديث حذيفة ابن أسيد الذي تقدم يدل على أن الكتابة تكون في أول الأربعين الثانية وخرجه مسلم أيضًا بلفظ آخر من حديث حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة فيقول يا رب أشقي أم سعيد فيكتبان فيقول أي رب أذكر أم أنثى فيكتبان ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص وفي رواية أخرى لمسلم أيضًا إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة يتسور عليها الملك فيقول يا رب أذكر أم أنثى وذكر الحديث وفي رواية أخرى لمسلم أيضًا لبضع وأربعين ليلة.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يومًا أو أربعين ليلة بعث إليها ملك فيقول يا رب شقي أم سعيد فيعلم وقد سبق ما رواه الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود من قوله وظاهره يدل على أن الملك يبعث إليه وهو نطفة.
وقد روي عن ابن مسعود من وجهين آخرين أنه قال إن الله عز وجل تعرض عليه كل يوم أعمال بني آدم فينظر فيها ثلاث ساعات ثم يؤتى بالأرحام فينظر فيها ثلاث ساعات وهو قوله {يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء} (**********: openquran(2,6,6)) آل عمران، وقوله {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ} (**********: openquran(41,49,49)) الشورى ويؤتى بالأرزاق فينظر فيها ثلاث ساعات وتسبحه الملائكة ثلاث ساعات قال فهذا من شأنكم وشأن ربكم ولكن ليس في هذا توقيت ما ينظر فيه من الأرحام بمدة.
وقد روي عن جماعة من الصحابة أن الكتابة تكون في الأربعين الثانية فخرج اللالكائي بإسناده عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال إذا مكثت النطفة في رحم المرأة أربعين ليلة جاءها الملك فاختلجها ثم عرج بها إلى الرحمن عز وجل فيقول اخلق يا أحسن الخالقين فيقضي الله فيها ما يشاء من أمره ثم تدفع إلى الملك عند ذلك فيقول يا رب أسقط أم تمام فيبين له فيقول يا رب أناقص الأجل أم تام الأجل فيبين له فيقول يا رب أواحد أم توأم فيبين له فيقول يا رب أذكر أم أنثي فيبين له فيقول يا رب أشقي أم سعيد فيبين له ثم يقول يا رب اقطع له رزقه فيقطع له رزقه مع أجله فيهبط بهما جميعًا فوالذي نفسي بيده لا ينال من الدنيا إلا ما قسم له.
وخرج ابن أبي حاتم بإسناده عن أبي ذر رضي الله عنه قال إن المني يمكث في الرحم أربعين ليلة فيأتيه ملك النفوس فيعرج به إلى الرحمن عز وجل فيقول يا رب أذكر أم أنثى فيقضي الله عز وجل ما هو قاض ثم يقول يا رب أشقي أم سعيد فيكتب ما هو لاق بين يديه ثم تلا أبو ذر يقول يا رب أشقي أم سعيد فيكتب ما هو لاق بين يديه ثم تلا أبو ذر من فاتحة سورة التغابن إلى قوله {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (**********: openquran(63,3,3)) التغابن فهذا كله يوافق ما في حديث حذيفة بن أسيد وقد تقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن كتابة الملك تكون بعد نفخ الروح بأربعين ليلة وأن إسناده فيه نظر.
وقد جمع بعضهم بين هذه الأحاديث والآثار وبين حديث ابن مسعود فأثبت الكتابة مرتين وقد يقال مع ذلك إن أحدهما في السماء والآخر في بطن الأم والأظهر والله أعلم أنها مرة واحدة ولعل ذلك يختلف باختلاف الأجنة فبعضهم يكتب له ذلك بعد الأربعين الأولى وبعضهم بعد الأربعين الثالثة وقد يقال إن لفظة ثم في حديث ابن مسعود إنما يراد به ترتيب الأخبار لا ترتيب المخبر عنه في نفسه والله أعلم.
¥