قال: وأما حديث حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في كسوف فقرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم سجد قال: والأخرى مثلها فرواه مسلم فى صحيحه وهو مما تفرد به حبيب بن أبي ثابت وحبيب وإن كان ثقة فكان يدلس ولم يبين فيه سماعه من طاووس فيشبه أن يكون حمله عن غير موثوق به وقد خالفه في رفعه ومتنه سليمان المكي الأحول فرواه عن طاووس عن ابن عباس من فعله ثلاث ركعات في ركعة وقد خولف سليمان أيضا في عدد الركوع فرواه جماعة عن ابن عباس من فعله كما رواه عطاء بن يسار وغيره عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني في كل ركعة ركوعان قال: وقد أعرض محمد بن إسماعيل البخاري عن هذه الروايات الثلاث فلم يخرج شيئا منها في الصحيح لمخالفتهن ما هو أصح إسنادا وأكثر عددا وأوثق رجالا وقال البخاري فى رواية أبي عيسى الترمذي عنه: أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات
قال البيهقي: وروي عن حذيفة مرفوعا [أربع ركعات في كل ركعة] وإسناده ضعيف
وروي عن أبي بن كعب مرفوعا [خمس ركوعات في كل ركعة] وصاحبا الصحيح لم يحتجا بمثل إسناد حديثه
قال: وذهب جماعة من أهل الحديث إلى تصحيح الروايات في عدد الركعات وحملوها على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها مرارا وأن الجميع جائز فممن ذهب إليه إسحاق بن راهويه ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو بكر بن إسحاق الضبعي وأبو سليمان الخطابي واستحسنه ابن المنذر والذي ذهب إليه البخاري والشافعي من ترجيح الأخبار أولى لما ذكرنا من رجوع الأخبار إلى حكاية صلاته صلى الله عليه وسلم يوم توفي ابنه
قلت: والمنصوص عن أحمد أيضا أخذه بحديث عائشة وحده في كل ركعة ركوعان وسجودان قال في رواية المروزي: وأذهب إلى أن صلاة الكسوف أربع ركعات وأربع سجدات في كل ركعة ركعتان وسجدتان وأذهب إلى حديث عائشة أكثر الأحاديث على هذا وهذا اختيار أبي بكر وقدماء الأصحاب وهو اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية وكان يضعف كل ما خالفه من الأحاديث ويقول: هي غلط وإنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم والله أعلم
وأمر صلى الله عليه وسلم في الكسوف بذكر الله والصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتاقة والله أعلم ".
ـ حديث عائشة:
أخرجه أبو داود الطيالسي رقم (1400) ومن طريقه أحمد في المسند (2/ 519) رقم
(10738) والحاكم أبو عبد الله في معرفة علوم الحديث (295) من طريق أبو عامر الخزاز
-صالح بن رستم- عن سيار أبو الحكم عن الشعبي عن علقمة قال كنا عند عائشة فدخل عليها أبو هريرة فقالت: يا أبا هريرة أنت الذي تحدث ان امرأة عذبت في هرة لها ربطتها لم تطعمها ولم تسقها فقال أبو هريرة سمعته منه يعني النبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة أتدري ما كانت المرأة قال لا قالت ان المرأة مع ما فعلت كانت كافرة ان المؤمن اكرم على الله من ان يعذبه في هرة فإذا حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف تحدث. وإسناده حسن صالح بن رستم محله الصدق.
ـ حديث عبد الله بن عمرو:
أخرجه النسائي في المجتبى رقم (1482) والكبرى (1867) (1/ 574) أخبرنا هلال بن بشر قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد عن عطاء بن السائب قال حدثني أبي السائب أن عبد الله بن عمرو حدثه قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقام الذين معه فقام قياما فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه وسجد فأطال السجود ثم رفع رأسه وجلس فأطال الجلوس ثم سجد فأطال السجود ثم رفع رأسه وقام فصنع في الركعة الثانية مثل ما صنع في الركعة الأولى من القيام والركوع والسجود والجلوس فجعل ينفخ في آخر سجوده من الركعة الثانية ويبكي ويقول لم تعدني هذا وأنا فيهم لم تعدني هذا ونحن نستغفرك ثم رفع رأسه وانجلت الشمس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل فإذا رأيتم كسوف أحدهما فاسعوا إلى ذكر الله عز وجل والذي نفس محمد بيده لقد أدنيت الجنة مني حتى لو بسطت يدي لتعاطيت من قطوفها ولقد أدنيت النار مني حتى لقد جعلت أتقيها خشية أن تغشاكم حتى رأيت فيها امرأة من حمير تعذب في هرة ربطتها فلم تدعها تأكل من خشاش الأرض فلا هي أطعمتها ولا هي سقتها حتى ماتت فلقد رأيتها تنهشها إذا أقبلت وإذا ولت تنهش أليتها وحتى رأيت فيها صاحب السبتيتين أخابني الدعداع يدفع بعصا ذات شعبتين في النار وحتى رأيت فيها صاحب المحجن الذي كان يسرق الحاج بمحجنه متكئا على محجنه في النار يقول أنا سارق المحجن.
وتوبع هلال بن بشر متابعة قاصرة من محمد بن جعفر أخرجه أحمد عنه عن شعبة عن عطاء به
وإسناده صحيح.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (5622) من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عطاء به