تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اقول: يجب ان لا يفهم من كلامي السابق واللاحق اني مناصر لمنهج المتقدمين على المتاخرين او العكس، وعليه كيف يكون المتاخرين سبب التعقيد ونحن نبحث مصطلح الحسن عند الرمذي، والمتاخرين انما ارادوا ان يفهموا كلام الترمذي ومصطلحه فلم يستطيعوا ان يجدوا له ضابطة محددة، فيكون سبب التعقيد يا اخي بحسب ما يظهر هو المتقدمين وليس المتاخرين.

فالمتقدمين قيدوا انفسهم باصطلاحات محددة وطبقوا هذا الاصطلاحات على الاحاديث ولكنهم لم يحددوا مع هذا مرادهم من هذه المصطلحات على نحو الدقة والحسم، فلما جاء المتاخرين رأوا ان لا ضابطة لقواعد المتقدمين وربما اطلقوا المصطلح وارادوا غيره، بل ربما اختلف المتقدمين مع بعضهم في الاصطلاح الواحد، وربما وربما .... فالقاء اللوم في هذا الاضطراب في تطبيق المصطلح على مصاديقة على عاتق المتاخرين كلام لا اراه منصفا مع احترامي الشديد لرايكم.

قلتم: (فهذا الذي تطالب به انت وتسميه تعقيدا إنما أتى من خطأ قولبة المصطلحات وحصرها في معنى واحد لتيسيرها و التي سعى إليها المتاخرون وجهدوا كثيرا في تقعيدها، فاختلط الأمر علهم ومن ثم علينا، فلا مصطلحا ضبطوا ولا منهجا أقاموا).

اقول: كلامكم اخي العزيز كله مبني على تخطئة المتاخرين وتصحيح كل ما قاله المتقدمين وعليه بنيت كل اجوبتك المتقدمة، وو فكرتكم اخي العزيز فيما يقوله الطرف الاخر لوجدت ان محاولة قولبة المتاخرين وحصرها في معنى واحد وواضح هو الاصوب، لان في عدم حصرها وتقنينها مشكلة كبيرة، ففي عدم تقنينها وقولبتها تصبح القواعد والمصطلحات عرضة للتطبيق الكيفي والمزاجي، وهو ما خافه المتاخرين وسعوا لقطع الطريق على من يحاول ذلك ويبتغيه.

قلتم: (والاصل في هذا كله: هو أن المتاخرين ركنوا إلى الدعة والراحة ولم ييوفر لديهم الهمة في الحفظ والتحصيل و تتبع مرويات كل راو على حدة ومعرفة كم روى ومن روى عنه وأي شيخ ضبط حديثه دون غيره من الشيوخ وَمَنْ مِنْ اصحابة اوثق فيه وكم حديث اخطأ فيه ومتى يرسل ومتى يصرح بالتحديث ومن الذين يدلس عنهم وهكذا في مباحث العلل التي يمكن ان تخطر ببالك،).

اقول: انا معك اخي العزيز في وجوب عدم الركون الى الدعة والراحة في الحفظ والتحصيل وغير ذلك من الامور التي ذكرتها.

قلتم: (وإنما أرادوا تجاوز كل هذا الى ما يسمونه قواعد وضوابط ليسهل عليهم الأمر ويختصر لهم الوقت ويختزل لهم الجهد، وفاتهم ان هذا الأمر دين وأنه دونه تفى الأعمار وتبذل المهج. فلعل في هذا ما يوصل اليك الفكرة، التي نحن بصددها، وهي ان الخطأ من المتاخرين الذين حصروا الاصطلاحات وفق منهجهم في الاختصار).

اقول: (لا اعلم يا اخي العزيز لما عندك هذا التشنج الكبير والتحسس من موضوع وضع القواعد والضوابط ليسهل على العالم تقييم الاحاديث النبوية ويختزل الوقت والجهد لاستثماره في غيره من المجالات العلمية، الا ترى اخي الكريم كيف تقدمت العلوم الطبيعية والرياضية والهندسية وغيرها من العلوم حينما وضعوا لها قواعد وضوابط، نعم انا اعلم ان علم الحديث يختلف عن تلك العلوم لكن ليس من المستحيل وضع قواعد وضوابط تخفف عن كاهل العالم الرجوع الى الكم الهائل من الاحاديث الاخرى ومقارنتها مع بعضها (ومعرفة كم روى ومن روى عنه وأي شيخ ضبط حديثه دون غيره من الشيوخ وَمَنْ مِنْ اصحابة اوثق فيه وكم حديث اخطأ فيه ومتى يرسل ومتى يصرح بالتحديث ومن الذين يدلس عنهم وهكذا في مباحث العلل التي يمكن ان تخطر ببالك).

قلتم: (فلعل في هذا ما يوصل اليك الفكرة، التي نحن بصددها، وهي ان الخطأ من المتاخرين الذين حصروا الاصطلاحات وفق منهجهم في الاختصار، فإذا علم هذا فلا يطالب الترمذي ولا غيره من ائمة هذا الفن بحصر المصطلحات على طريقة المتاخرين الفاسدة والكاسدة والكسولة والمتقلدة والمتعصبة، وإنما يطالب المتاخرون انفسهم ان يعودوا إلى طريقة المتقدمين والتي لا بديل عنها ولا عوض لها ولا محيص عنها وبغيرها يستحيل تحرير الحديث تحريرا يوافق الحق.).

اقول: هون على نفسك اخي الكريم ولا ترمي الاخرين بهذه الاوصاف لمجرد هدف هو في نظرهم يستحق العناء والمثابرة، حتى لا ترمى بالتعصب لمنهج المتقدمين وتعود عليكم بعض الصفات التي كلتموها على غيركم.

ثم كيف تطالبون المتاخرين بالعودة الى طريقة ومنهج المتقدمين وانتم في مشاركتكم السابقة اقررتم بان (الترمذي لا يطلق الحسن على نوع واحد بل ولا على نوعين، بل تدبرته فرأيته يطلقه على ثمانية معانٍ، منها الصحيح الذي هو في اعلى درجات الصحة، ومنها ما هو دونه، ومنها ما هو بمعنى الحسن عند المتاخرين بنوعيه، ومنها ما هو بمعنى المنكر، والشاذ ورواية المتروك، والمعل.) فالى اي مصطلح يرجع المتاخرون يا ترى، هذا اذا نظرنا الى الترمذي رحمه الله بمفرده اما اذا نظرنا اليه والى الذين سبقوه او عاصروه او جاءوا بعده فالمصيبة اعظم وامر فللعلهم لم يجتمعوا على اصطلاح محدد واذا اتفقوا فلم يطبقوه على وتيرة واحدة، فمطالبة المتاخرين بالرجوع الى منهج المتقدمين شبه مستحيل، لان المتقدمين كانوا يعلون اغلب الاحاديث او كثيرا منها بعلل خفيه لم يبينوها فكيف السبيل بالرجوع الى امر مجهول غير موضح ولا مبين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم ارنا الحق حقا والهما اتباعه، وارنا الباطل باطلا ووفقنا لاجتنابهز

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير