تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلا لحوم الابل وألبانها فلذلك حرمها، قالوا: صدقت، وقال الثوري: عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله، قال أبو عبد الله:

حدثناه محمد بن يوسف وغير واحد عن سفيان. " أهـ

الحديث بالمتن الذي ذكره البخاري في تاريخه صحيح ولا إشكال في ذلك، والبخاري يصحح الأثر الذي ورد عن ابن عباس من قوله دون أن يرفعه وكان موضوعه نفس موضوع الحديث الوارد عنه قبلا، وقد رواه الحاكم في مستدركه.

ونرى هنا أمرا لطيفا وهو أن هذه القصة ليست من الإسرائيليات.

وأن بكير معروف لدى الإمام البخاري، وقد قلت بالنص فيما سبق:

" بما أن البخاري صحح الحديث الموقوف فأنا لا أفهم أنه يضعف الحديث المرفوع لماذا لأن ما فهمته من أهل العلم أن منهج نقاد الحديث هو الاستفادة من الأحاديث الموقوفة في تصحيح أو تحسين الأحاديث المرفوعة، وهذا عندما يكون الإسناد مختلفا.

إذن إذا صح ما قلت، فالنتيجة أن البخاري يرى أن حال بكير ليس سيئا .... "

ونرى أن بكير لم يتفرد بذكر القصة وإن كان قد ذكرت زيادة في سنن الترمذي تخص " الرعد ملك "، وهذا ليس اضطراب فليس هناك تضاد بين الروايتان، كما أنه قد صحح العلماء الأثر الوارد عن ابن عباس والذي يذكر فيه أن " الرعد ملك " وهذا يفيدنا في تقوية الحديث وإيصاله إلى درجة الثبوت، وخير مثال الإمام البخاري، ففي المثال السابق عزز ذكره للحديث المتصل بالأثر الوارد عن ابن عباس رضي الله عنه، وهذا في وجهة نظري يدعم قضية أخرى وهي أن القصة السابقة بكل ما ورد فيها ليست من الإسرائيليات كما يشك بعض الباحثين.

وقال السيوطي يقرر فائدة قول الصحابي الذي له حكم الرفع وليس من الإسرائيليات في تصحيح الأحاديث:

" وهذه متابعة قوية جداً، ولا يضر إيراده بصيغة الوقف، لأن له حكم الرفع "

وللفائدة:

" بكير بن شهاب قال عنه أبو حاتم شيخ وذكره ابن حبان في الثقات وقال الذهبي في الميزان عراقي صدوق "

وقد قال العراقي في تخريج أحاديث الأحياء:

" وللترمذي وحسنه من حديث ابن عباس: قالت اليهود يا أبا القاسم أخبرنا عن الرعد قال " ملك من الملائكة موكل بالسحاب " ولمسلم من حديث أبي هريرة " بينما رجل بفلاة من الأرض سمع صوتا من سحابة: اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماء في حرة. . . الحديث " أهـ

فللحديث أصل وشاهد من حديث مسلم كما أفهم من إشارة العراقي، وهذا يبعد كون الحديث من الإسرائيليات وتم رفعه سهوا أو بالخطأ.

وقال ابن عبد البر في كتابه الإستذكار:

" جمهور أهل العلم من أهل الفقه والحديث يقولون الرعد ملك يزجر السحاب "

ولا تعارض بين كون الرعد ملك وبين ما ورد في شأن هذا الأمر فقد قال ابن تيمية معلقا على ذلك:

" وأما الرعد والبرق ففي الحديث المرفوع فى الترمذى وغيره أنه سئل عن الرعد قال (ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله) وفى مكارم الأخلاق للخرائطى عن علي أنه سئل عن الرعد فقال ملك وسئل عن البرق فقال مخاريق بأيدى الملائكة وفى رواية عنه مخاريق من حديد بيده وروى فى ذلك آثار كذلك. وقد روى عن بعض السلف أقوال لا تخالف ذلك كقول من يقول أنه اصطكاك أجرام السحاب بسبب انضغاط الهواء فيه، فإن هذا لا يناقض ذلك، فإن الرعد مصدر رعد يرعد رعدا وكذلك الراعد يسمى رعدا كما يسمى العادل عدلا، والحركة توجب الصوت، والملائكة هي التي تحرك السحاب وتنقله من مكان إلى مكان، وكل حركة في العالم العلوي والسفلي فهي عن الملائكة، وصوت الإنسان هو عن اصطكاك أجرامه الذي هو شفتاه ولسانه وأسنانه ولهاته وحلقه، وهو مع ذلك يكون مسبحا للرب وآمرا بمعروف وناهيا عن منكر، فالرعد يزجر السحاب وكذلك البرق، قد قيل لمعان الماء أو لمعان النار، وكونه لمعان النار أو الماء لا ينافى أن يكون اللامع مخراقا بيد الملك، فإن النار التي تلمع بيد الملك كالمخراق مثل مزجي المطر، والملك يزجي السحاب كما يزجي السائق للمطي، والزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده، كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات والحوادث، وحكمة كونها آية يخوف الله بها عباده هى من حكمة ذلك، وأما أسبابه فمن أسبابه انضغاط البخار فى جوف الأرض كما ينضغط الريح ظاهرا فى المكان الضيق فإذا انضغط طلب مخرجا فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض " أهـ

وأيضا لا إشكال في إشارة الإمام الشافعي إلى أن كون الرعد ملك لا يعارض ظاهر القرآن، فمتى كان في الشريعة تناقض أو بين النصوص تعارض، والإمام الشافعي أول من رسخ وثبت هذه الفكرة في عقلي من خلال قراءتي لكتابه الرسالة رحمه الله تعالى.

لذلك كله رأيت أن الحديث ثابت، والله أعلى وأعلم وأحكم، وهو المستعان وعليه التكلان.

ـــــــــــ

1 - رسالة الغامدي موجودة على الشبكة،فمن أرادها فاليبحث عنها.

2 - رسالة اختلاف السلف في التفسير، فقد استفدت من الرسالة، ووعدت في الرابط نفسه بكتابة هذا المقال.

http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19843

3- هذا بحث الدكتور خالد الحايك، وقد شاركت في نفس الرابط، وعلق الدكتور الحايك على ما كتبت.

http://ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=134442

منقول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير