تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - ألاَّ يخالف أصلاً: ((فإن خالف أصلاً في الصحيحين أو في أحدهما رُدَّ هذا الحديث)).

ولذلك لا نصحح ولا نحسن حديث (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) فهو ضعيف بمجموع طرقه. وهذا قول أكابر أئمة السلف لأنه يعارض الأحاديث الثابتة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم, فإن كل من وصف وضوءه لم يذكر عنه أنه يبسمل, إذاً كيف نحسنه بالشواهد, وهذا الأمر المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!)).

و أما قولك عن هذا الشرط: " هل تقصد أن اكابر أئمة السلف حكموا بضعفه لمخالفته أصلا؟ و ما المانع من الحكم بصحته أو حسنه ثم الحكم بمرجوحيته؟ " فأقول عفا الله عنا و عنك هذا نابع عن عدم تخصص في هذا الشأن فلا يمكن أخد طريق لحديث معين ثم نقول تعالوا نصحح إسناد هذا الحديث لأن رواته ثقات أو نجمع طرقه الضعيفة و نقول هو حسن أو صحيح من ناحية الاسناد ثم الآن ننظر للمتن ... هذا عبث و لعب وقد قيل إن " هذا العلم لا يصلح له مقلد , بل هو علم المجتهدين " فتصحيح الحديث أو تحسينه ... لا يكون إلا بمجموع الشروط المعروفة فلا يصح حتى يصح سندا و متنا , فإن لم يصح له إسناد وكان العمل عليه فهذا موضوع آخر لا علاقة له بمتن الحديث فكون العمل عليه ليس فيه إثبات لهذا المتن , لأن العمل على مسألة و حكم معين لم يصح فيه حديث غالبا ما يكون متلقا عن فتاوى الصحابة أو عملهم فتداوله أصحابهم وأصبح العمل عليه , وهذا لا علاقة له بالحديث الضعيف نهائيا , و لا يتسع المقام لسرد أمثلة على أحاديث صحيحة الاسناد (ضاهرها الصحة فضلا عما ليس صحيحا بذاته) لكنها بعد نقد المتن و فحصه ومخالفته لما هو أصح منه ضعف المتن و بالتالي ضعف الاسناد و حَمَّلو أحد الرواة الثقات الخطأ فيه ومثال ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء)) رواه أبو داود الطيالسي (1397) وأحمد في مسنده (6/ 43) وأبو داود (228) والترمذي (118) وابن ماجة (581) وغيرهم من طريق أبي إسحاق السبيعي عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها به , وقد صححه الشيخ الالباني رحمه الله , وهو معلول رغم أن ضاهره الصحة ورجاله كلهم ثقات , لكن بعد نقد المتن وهو الشيئ الذي ليس عندك من شروط صحة الحديث ككل تبين العلة التي فيه , فأُعِلَّ بذلك هذا الاسناد , قال شيخنا سليمان: ((هو معلول أخطأ فيه أبو إسحاق واضطرب فيه ولم يأت به على وجهه الصحيح وقد رواه غير واحد عن الأسود عن عائشة بلفظ آخر فقد خرّج مسلم في صحيحه من طريق إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً أراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءَه للصلاة)) وهذا هو المحفوظ , وقد ذكر أبو داود في سننه (228) عن يزيد بن هارون أنه قال هذا الحديث وهم يعني حديث أبي إسحاق. وقال الإمام أحمد (ليس صحيحاً) وقال أبو عيسى الترمذي في جامعه (وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبة والثوري وغير واحد ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق).

وهذا لا خلاف فيه بين أئمة الحديث حكى اتفاقهم غير واحد.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في الفتح (1/ 362): ((وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق منهم إسماعيل بن أبي خالد وشعبة ويزيد بن هارون وأحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة ومسلم بن الحجاج وأبو بكر الأثرم والجوزجاني والترمذي والدارقطني))

وقال أحمد بن صالح المصري الحافظ: لا يحل أن يُروى هذا الحديث – يعني أنه خطأ مقطوع به فلا تحل روايته دون بيان علته.

وأما الفقهاء المتأخرون: فكثير منهم نظر إلى ثقة رجاله فظن صحته.

وهؤلاء يظنون أن كل حديث رواه ثقة فهو صحيح ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث. ووافقهم طائفة من المحدثين كالطحاوي والحاكم والبيهقي ... ).

وتبعهم على ذلك بعض أهل عصرنا وجزموا بصحة الخبر معتمدين على ظاهر إسناده وثقة رواته وهذه غفلة عن دقائق علم العلل ومخالفة لصنيع أئمة هذا الشأن الذين أطبقوا على خطأ أبي إسحاق واضطرابه في ذلك وتفرده عن الثقات والله أعلم.))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير