وقال ابن أبي شيبة في السؤالات وسألت عليا عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فقال كان أصحابنا يرمونه بالقدر وكان عندنا ثقة ثبتا وكان مالك بن أنس يتكلم فيه وكان لا يروي عنه مالك شيئا وكان سعد قد طعن على مالك في نسبه
وذكره ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار فقال من جلة أهل المدينة وقدماء شيوخهم كان على القضاء بها
قال الباجي: وفي الجملة إن قول يحيى بن معين إن مالكا ترك حديثه لطعنه في نسبه على ظاهره ولو تركه مالك لذلك مع رضا أهل المدينة به لحدث عنه سائر أهل المدينة وقد ترك جميعهم الرواية عنه في قول جماعة أهل الحفظ من أيمة أهل الحديث
أقول وبالله أستعين: قول الباجي " ليس بالحافظ " وقوله " لعل ذلك كان من قلة حفظه " دعوى مجردة لم يقم عليها دليلا ولا سلف له فيها من أيمة الحديث
بل قد تقدمت أقوال من هم أقعد من الباجي وأدرى بمراتب الرواة منه وليس فيها إلا التوثيق والتثبيت ولا يعرف من غمزه في حفظه إلا الباجي وحده فيما وقفت عليه وقوله هذا شاذ بمرة مردود لا يلتفت إليه
وقوله " وقد ترك جميعهم الرواية عنه في قول جماعة أهل الحفظ من أيمة أهل الحديث " مجازفة وإحالة على مجهولين فمن هم أهل الحفظ من أيمة أهل الحديث الذين قالوا إن جميع أهل المدينة تركوا الرواية عن سعد والعجيب أنه لم يقدر أن يسمي واحدا منهم ولو قدر على تسمية واحد لصاح به
بل من ذا الذي زعم أن أحدا غير مالك من أهل المدينة ترك الرواية عنه؟ وهل أهل الحفظ من أيمة أهل الحديث غير سفيان وشعبة ومسعر؟ وهؤلاء رووا عنه وأحمد وابن معين وابن المديني وأبو حاتم والنسائي وابن سعد والساجي والعجلي وهؤلاء وثقوه وثبتوه والبخاري ومسلم والترمذي وابن خزيمة والبزار وابن حبان والدارقطني وأبو نعيم وهؤلاء احتجوا به وصححوا له فمن بقي له بعد هؤلاء؟
وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا
ثم قال: وما تقدم ذكره من أن يحيى بن سعيد الأنصاري روى عنه فيسير جدا مثل ما يأخذ الصاحب عن الصاحب لأنه نظيره في السن ولعله روى عنه حديثا عرف صحته وسلامته أو لعله أخذ عنه قبل طعنه في نسب مالك ثم سافر إلى العراق وحدث هناك ولم يعلم ما أحدث بعده ورأي الجمهور أولى اهـ
أقول: قوله هذا فيه اعتذار عن رواية يحيى بن سعيد عن سعد وهو من أهل المدينة وما أبداه من احتمال ظن وتخمين والأولى أن يقال روى عنه يحيى لما علم من حفظه وتيقظه وتثبته لأن هذا هو الأصل في رواية الرجل عن غيره لا سيما وهو من أقرانه ثم هذا هو الموافق لحكم أهل الحديث عنه واحتمالات الباجي التي أبدى لا دليل عليه إلا الظن والظن أكذب الحديث
ثم إننا لو ألقينا نظرة عجلى في من روى عن سعد بن إبراهيم من أهل المدينة لقطعنا أن الزعم الذي زعمه الباجي أن أهل المدينة تركوه وهم قطها وهو أشبه بالسراب وما أدري الحامل له على هذا القول الشاذ الذي خالف به أهل الحديث قاطبة حتى مالكا نفسه كما سيأتي وحق لقول مثل هذا أن يطرح ويهجر ولا يلتفت إليه غفر الله لأبي الوليد تعنته ورحمه
فممن روى عن سعد بن إبراهيم من المدنيين غير يحيى بن سعيد جماعة:
1/ محمد بن عجلان 2/ ومحمد بن شهاب الزهري [1] ( http://majles.alukah.net/#_ftn1) 3/ وابن أبي ذئب 4/ وصالح بن كيسان 5/ وعبد الله بن جعفر المخرمي 6/ وعبد الواحد بن أبي عون 7/ وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون 8/ ومحمد بن إسحاق 9/ ومحمد بن صالح التمار 10/ وموسى بن عقبة 11/ ويزيد بن عبد الله بن الهاد 12/ يوسف بن يعقوب الماجشون [2] ( http://majles.alukah.net/#_ftn2) 13/ موسى بن عبيدة 14/ يحيى بن أبي سليمان 15/ ربيعة بن عثمان
15/ قيس بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة 16/ إبراهيم بن مهاجر
فهؤلاء خمسة عشر رجلا من أعيان أهل المدينة رووا عنه ورواية بعضهم في الصحيحين أو في أحدهما وممن روى عنه من أهل المدينة أيضا الإمام مالك نفسه قال البخاري في التاريخ الكبير عن علي ين المديني وروى عنه مالك حرفا [3] ( http://majles.alukah.net/#_ftn3) فأين ما زعمه الباجي أن أهل المدينة اتفقوا على ترك الرواية عنه فقوله " ورأي الجمهور أولى " حق وصدق لكن على خلاف مراده فجمهور أهل الحديث رووا عنه ووثقوه وما زعمه من أن الجمهور تركوه لا حقيقة له إلا في ذهن أبي الوليد رحمه الله
¥