قلت: وعبد الله بن بشر هو ابن النبهان الكوفي الشيخ المختلف فيه؟ وقد تُكُلِّمَ في روايته عن الأعمش خاصة!
فنقل الساجي عن ابن معين أنه قال: «عبد الله بن بشر الذي يروي عنه معمر بن سليمان كذاب، لم يبق حديث منكر رواه أحد من المسلمين إلا و قد رواه عن الأعمش» وقال الحاكم: «يحدث عن الأعمش مناكير» نقله الحافظ في ترجمته من «التهذيب».
لكن: قد سبق أن عطية العوفي شيخ ضعيف الحديث، والظاهر أنه اضطرب في وقفه ورفعه ولفظه! وهذا أولى من توهيم من رواه عن الأعمش عن عطية مرفوعًا.
ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[23 - 07 - 10, 05:20 م]ـ
وقد غلط من رواه عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي سعيد الخدري به، وأسقط منه: «عطية العوفي» وأبدله بـ: «سعد بن عبيدة»! هكذا أخرجه الطبراني في الأوسط [1/رقم/318] حدثنا أحمد بن رشدين قال حدثنا عبد الغفار بن داود أبو صالح الحراني قال حدثنا موسى بن أعين عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله: «يخرج عنق من النار لها لسان تتكلم به وعينان تبصر بهما فتقول إني أمرت بكل جبار عنيد وبمن دعا مع الله إلها آخر ومن قتل نفسا بغير حق».
قلت: وهذا خطأ لا ريب فيه، وليس بمحفوظ عن الأعمش أصلا، ورجال الإسناد ثقات سوى شيخ الطبراني، فقد كذبه أحمد بن صالح المصري –بلديُّه- بخط عريض! وكان ممن يخطيء ويصر على الخطأ! وليس بمدفوع عن حفظ ومعرفة، راجع ترجمته: من «الميزان»، و «لسانه» [257/ 1]،
ثم جاء عبد العزيز بن مسلم القسملي وخالف الجميع في سنده عن الأعمش! فقال: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r : « تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ، يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلاَثَةٍ، بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالمُصَوِّرِينَ»! ونقله إلى «مسند أبي هريرة»! هكذا أخرجه الترمذي [رقم/ 2574] – واللفظ له – وأحمد [2/ 336]، وعلي بن عمر الحربي في «الفوائد المنتقاه عن الشيوخ العوالي» [رقم/30]، والبيهقي في الشعب [5/رقم/ 6317]، وفي «البعث والنشور» [ص/ 280 - 281/طبعة الكتب الثقافية]، وغيرهم من طرق عن عبد العزيز القسملي به ...
قال الترمذي: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ»،
وقال الألباني في «الصحيحة» [رقم/512]: «إسناده صحيح على شرط الشيخين!»،
وقال العلامة مقبل الوادعي في «غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل»: «هذا حديث صحيح ورجاله ثقات».
قلت: وهكذا اغتر جماعة من المتأخرين بجمال هذا الإسناد وصححوه! ولم يفعلوا شيئا؟ لأن الحديث منكر جدا من حديث أبي صالح عن أبي هريرة! انفرد به عبد العزيز القسملي عن الأعمش، وعبد العزيز غير مدفوع عن ثقة وحفظ، إلا أنه كان ربما يغلط في الروايات، ويأتي عن الثقات بما لا يتابعه عليه الأثبات!
ولذلك أورده العقيلي في «الضعفاء» وقال: «في حديثه بعض الوهم» ثم ساق له بعض أغلاطه على الثقات، وابن حبان مع توثيقه له، فقد ذكره في «مشاهير علماء الأمصار» [ص/158]، ثم قال: «وكان رديء الحفظ»! وقال في ترجمة «فروة بن نوفل الأشجعي» من الثقات [3/ 331]: «عبد العزيز بن مسلم القسملي ربما أوهم فأفحش»،
وقد تتبعت بعض حديثه فإذا هو يصل عن الأعمش ما يرسله عنه غيره من الأثبات، وربما رفع عنه الموقوف من الأخبار والروايات، راجع بعض الأمثلة من باب غلطه على الأعمش في: «علل ابن أبي حاتم» [رقم/626]، و [رقم/1837]،
وهذا الحديث هنا: شاهد سافر على خطأه ووهمه على أبي محمد الأسدي؟ فالحديث مشهور معروف من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، ورواه عن عطية جماعة من النقلة، منهم الأعمش، وقد اختلف على الأعمش في وصله ووقفه، وكأنَّ الوجهين عنه محفوظان كما مضى الإشارة إلى ذلك، وإلا فالموقوف عنه هو المحفوظ، لكون الثوري رواه عنه هكذا، وهو أحفظ أهل الدنيا في الأعمش! لا يلحقه في ذلك عبد العزيز القسملي ولو تظاهر عليه بعشرين آخرين مثله في الحفظ والثقة والأمانة؟
فالحديث لا يثبت عن الأعمش إلا من روايته عن عطية العوفي عن أبي سعيد به موقوفًا أو موقوفًا،
¥