ومع ذلك فأمارات الضعف عليه ظاهرة ففيه اضطراب في هذا الإسناد جعل من مسند أنس، وفي إسناد آخر جعل من مسند أم كثير.
أخرجه أبونعيم في «معرفة الصحابة» (7387)، من طريق أحمد بن سهيل الوراق، ثنا إسحاق بن عيسى، ثنا أبو الصباح، عن أم كثير بنت يزيد الأنصارية، قالت: دخلت أنا وأختي على رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقلت له: أختي تريد أن تسألك عن شيء، وهي تستحي، قال: «فلتسأل؛ فان طلب العلم فريضة».
قالت: فقلت له -أو قالت أختي -: إن لي ابنا يلعب بالحمام، قال: «أما إنها لعبة المنافقين».
وفي الإسناد من لم أقف له على ترجمة.
فأبو الصباح هذا رواه على ثلاث أوجه: -
-الوجه الأول رواه عن أنس مباشرة.
-الوجه الثاني رواه عن أم كثير عن أنس.
-الوجه الثالث رواه عن أم كثير مرفوعًا، فجعله من مسند أم كثير وهذا اضطراب واضح.
أقوال أهل العلم في تضعيف الحديث.
قال الحسن بن علي بن الحسن: إنه سأل أبا عبد الله عن «طلب العلم فريضة».
قال: لا يثبت عندنا فيه شئ. انظر «المنتخب من علل الخلال» رقم (62).
وقال إسحاق بن راهويه: «طلب العلم واجب، ولم يصح فيه الخبر، إلا أن معناه أن يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوئه وصلاته وزكاته إن كان له مال، وكذلك الحج وغيره، قال: وما وجب عليه من ذلك لم يستأذن في الخروج إليه، وما كان منه فضيلة لم يخرج إلي طلبه حتى يستأذن أبويه».
قال أبو عمر بن عبد البر: يريد إسحاق – والله أعلم – أن الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنقل، ولكن معناه صحيح عندهم، وان كانوا قد اختلفوا فيه اختلافًا متقاربًا على ما نذكره ههنا إن شاء الله. انظر «جامع بيان العلم وفضله» (1/ 52، 53).
وقال البيهقي عقب حديث: «اطلبوا العلم ولو بالصين»؛فان طلب العلم فريضة على كل مسلم». هذا حديث شبه مشهور وإسناده ضعيف وقد روى من أوجه كلها ضعيفة.
وقال البزار: فاما مايذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «طلب العلم فريضة على كل مسلم». فقد روى عن أنس من غير وجه، وكل مايروى فيها عن أنس فغير صحيح، وقال في موضع آخر: وكل ما يروى عن أنس في طلب العلم فريضة فأسانيدها لينه كلها.
وقال ابن الجوزي بعد ذكر طرقه (1/ 72): هذه الأحاديث كلها لا تثبت.
وفي تذكرة الموضوعات (17): في المقاصد «طلب العلم فريضة على كل مسلم «روى عن أنس بطرق كلها معلولة واهية، وفي الباب عن جماعة من الصحابة، وبسط الكلام في تخريج الإحياء، ومع هذا كله قال البيهقي: متنه مشهور وإسناده ضعيف. روى من أوجه كلها ضعيفة، وقال أحمد: لا يثبت في هذا الباب شئ، وكذا قال ابن راهويه، وأبو علي النيسابوري والحاكم، ومثله ابن الصلاح المشهور الذي ليس بصحيح، لكن قال العراقي: قد صحح بعض الأئمة بعض طرقه، وقال المزني: إن طرقه تبلغ رتبه الحسن.
وقلت: حسنه بعض أهل العلم كالسخاوي، والسيوطي، والزركشي وكذا الشيخ الألباني -:- إلا أن المتتبع لطرق هذا الحديث وشواهده يرى عدم صلاحيتها للتقوية، ويعلم علما واضحًا ضعف هذا الحديث والله أعلم.
...
35 - قال صلى الله عليه وسلم: «العلم خزائن مفاتيحها السؤال، ألا فاسألوا فإنه يؤجر فيه أربعة (السائل، والعالم، والمستمع، والمحب لهم).
قلت: موضوع:
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 61)، وزاد الشيخ الألباني والشيروى في «العوالي» (213/ 1)، من طريق عبدالله بن أحمد بن عامر الطائى، حدثني أبي، حدثني علي بن موسى الرضا، قال حدثني أبى: موسى بن جعفر، حدثني أبى: جعفر بن محمد، حدثني أبى: محمد بن علي، حدثني أبى: علي بن الحسين، حدثني أبى: الحسين بن علي، حدثني أبى: علي بن أبي طالب فذكره مرفوعًا.
قلت: وهذا إسناد موضوع.
فيه عبد الله بن أحمد بن عامر الطائى.
قال الذهبي في «الميزان» (2/ 390): روى عن أبيه، عن علي الرضى، عن آبائه بتلك النسخة الموضوعة ماتنفك من وضعه أو وضع أبيه.
ومن قبله قال ابن الجوزي: يروى عن أهل البيت نسخة باطلة.
وأخرجه أبونعيم في «الحلية» (3/ 192)، وزاد الألباني وأبو عثمان النجيرمي في «الفوائد» (24/ 1)، من طريق داود بن سليمان القزاز، حدثنا علي بن موسى الرضى به.
وقال أبو نعيم: هذا حديث غريب، لم نكتبه إلا بهذا الإسناد.
قلت: وهذا إسناد موضوع أيضًا فيه داود بن سليمان.
¥