تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[خبر الواحد الصحيح وأثره في العمل والعقيدة - د. نور الدين عتر]

ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[23 - 02 - 05, 02:59 م]ـ

هذه مقالة قديمة نشرها الشيخ نورالدين عتر في مجلة التراث العربي وهي مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب - دمشق

العددان: 11 - جمادى الآخر 1403 نيسان "أبريل" السنة الثالثة و 12 - رمضان 1403 تموز "يوليو" 1983

خبر الواحد الصحيح وأثره في العمل والعقيدة ـــ د. نور الدين عتر

وقع بين طوائف من الناس تطرف في حكم الحديث الأحادي الصحيح، وما يترتب على صحة الحديث من التزام، وذلك بسبب الغلو في المسألة قبولاً أو تحفظاً.

فقد غلا بعضهم في قبول الحديث حتى بدوا لكثير ممن قرأ كلامهم وكأنهم لا يرون أحداً عاملاً بالحديث غيرهم، وإن ثمة إيحاءً في كلامهم بأن من أنكر حديثاً صحيحاً أو تأوله فقد استحق أن يحكم عليه بالخروج عن هذه الملة الحنيفية السمحة.

وفرط بعض آخر في حق الحديث الآحادي الصحيح حتى صار كأنه لا يعني شيئاً عنده، فإذا قيل له هذا واجب أمر به النبي (أو سنة، أو ورد حديث يخبر بكذا بادر للقول: إنه خبر آحاد والعقيدة لا تثبت به عند العلماء؟! ‍ كذا. وقد درج هذا وذاك للأسف على لسان بعض الإسلاميين، ولعل بعضهم وهو كاتب أديب اجتماعي أثَّر أكثر من غيره في نشر هذه الفكرة الخاطئة عن حكم الحديث الآحادي الصحيح عند العلماء.

وهذا التناقض في طرفي الإفراط والتفريط يشوش كثيراً من الناس، ويدعو أهل العلم والاختصاص في المسألة إلى بحث الموضوع بحثاً يلقي الضوء ساطعاً على هذه الاشتباهات، ليكون المثقف بصورة عامة والجامعي بصورة خاصة على بينة من الأمر، فيما يتعلق بحكم الحديث الآحادي الصحيح، وما يترتب عليه من الأحكام.

وألفت النظر إلى أمر آخر في تقديم هذا البحث يرجع إلى الناحية العلمية الموضوعية بخصوص هذا العلم العظيم علم الحديث، ذلك الأمر هو إبراز دقة المنهج العلمي لأصول هذا العلم، دقة تعتز بها هذه الأمة، حيث اختصت من بين سائر الأمم بإبداع هذا المنهج الدقيق المتكامل في فحص النقول والروايات الذي هو منهج علم مصطلح الحديث، أو علم الحديث (1).

إن الحديث الصحيح يعتبر نقطة الارتكاز التطبيقية الأولى لعلوم الحديث، لأنه يقع في الدرجة الأولى من غايات وضع هذا العلم بقواعده وفنونه الكثيرة المتشعبة التي تبلغ أصولها خمسة وثمانين نوعاً.

قال الشيخ عز الدين بن جماعة: "علم الحديث: علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن وغايته: معرفة الصحيح من غيره" (2).

لذلك كان تصحيح الحديث تصحيحاً علمياً منهجياً من عمل الأئمة المتقنين، وجهابذة الحفاظ المتقدمين، خلافاً لما يفعله كثير من العوام وأشباههم، يشهدون بالعلم والتقدم في هذا الفن لشخص لمجرد أن يقوم بنقد حديث أو تجريح راوٍ .. ‍!

ومن أجل تحقيق هذين الغرضين الكبيرين فسوف ندرس الحديث الصحيح دراسة مبتكرة، لا تقف عند الدراسة التقليدية لشرح كلمات تعريفه أو قانونه. بل نتجاوز لإبراز تطبيق نظريتنا في منهج النقد في علوم الحديث، وكيف أن شروط الحديث الصحيح قد اشتملت على دفع الخلل عن الحديث من كل جهاته، وفقاً لهذه النظرية، كما سنوضحه في تعريف الحديث الصحيح.

وهذا هو تعريف الحديث الصحيح نسوقه ثم نشرحه فيما يلي:

الحديث الصحيح: هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه، ولم يكن شاذاً ولا معلاً" (3).

هذه العبارة أدق تعريف للحديث الصحيح، وللعلماء عبارات أخرى لا تخالف ما حوته هذه الجمل، في مضمونها، لكنها منتقدة شكلاً من حيث صياغتها.

وبالتأمل في هذا التعريف نجد أن للحديث الصحيح خمسة شروط لا بد أن تتوفر فيه كلها حتى يحكم له بالصحة، فإذا اختل واحد منها فليس الحديث بصحيح، وهذه الشروط الخمسة تتضمن أركان البحث النقدي التي سبق أن أشرنا إليها، ونبين لك ذلك فيما يلي:

الشرط الأول: أن يكون كل واحد من رواة الحديث عدلاً؛ أي متحلياً بصفة العدالة. والعدالة خصلة تلزم صاحبها سبيل الاستقامة والصدق. لأنها كما عرفها العلماء: "ملكة تحمل صاحبها على التقوى واجتناب الأدناس وما يخل بالمروءة عند الناس".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير