تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهؤلاء خمسة عشر رجلا من أعيان أهل المدينة رووا عنه ورواية بعضهم في الصحيحين أو في أحدهما وممن روى عنه من أهل المدينة أيضا الإمام مالك نفسه قال البخاري في التاريخ الكبير عن علي ين المديني وروى عنه مالك حرفا [3] ( http://majles.alukah.net/#_ftn3) فأين ما زعمه الباجي أن أهل المدينة اتفقوا على ترك الرواية عنه فقوله " ورأي الجمهور أولى " حق وصدق لكن على خلاف مراده فجمهور أهل الحديث رووا عنه ووثقوه وما زعمه من أن الجمهور تركوه لا حقيقة له إلا في ذهن أبي الوليد رحمه الله

ثم قال: والظاهر أن أهل المدينة إنما اتفقوا على ترك الأخذ عنه إما لأنه قد طعن في نسب مالك طعنا استحق به عندهم الترك وقد ترك شعبة الرواية عن أبي الزبير المكي ولا خلاف أنه أحفظ من سعد بن إبراهيم وأكثر حديثا وجرحه بأن قال رأيته وزن فأرجح وطعن سعد في نسب مالك أعظم إثما مع ما يختص به من وجوب الحد الذي يمنع قبول الشهادة ويحتمل أن يكونوا اتفقوا على ترك الأخذ عنه لما لم يرضوا حديثه اهـ

أقول: دندن الباجي في هذه الأسطر القليلة مرات أن أهل المدينة اتفقوا على تركه وهذه دعوى عريضة عجز أن يسمي واحدا ممن تركه سوى مالك فضلا أن ينسب الترك إليهم جميعا وعجز أيضا أن يسمي واحدا من أهل الحديث سبقه إلى هذا القول الشاذ

وقوله " ويحتمل أن يكونوا اتفقوا على ترك الأخذ عنه لما لم يرضوا حديثه " دعويان تحتاجان إلى دليل ولا شبه دليل فمن أين عرف أنهم لم يرضوا حديثه وسبيل ذلك تنصيص أيمة الحديث على ذلك أو أن يسبر هو حديثه ويقارنه بحديث الثقات ثم يتبين له بعد ذلك السبر سوء حفظه وخطؤه في الرواية وكلا الأمرين لم يفعل ولو حصل له بعض ذلك لصاح به وما أرسل قوله دعوى مجردة فالله المستعان على قلة الإنصاف

ثم إن زعمه أيضا أن أبا الزبير أحفظ من سعد دعوى أخرى ما أقام عليها دليلا وليست بالظاهرة فأبو الزبير تكلم الأيمة في حفظه وما غمز سعدا في حفظه أحد أما أيهما أكثر حديثا فالله أعلم وأمر الكثرة نسبي وهو يحتاج إلى تتبع مروياتهما وعلى كل كلاهما وصف بكثرة الحديث

ثم قال: وقول ابن معين وابن حنبل فيه ثقة يحتمل أن يريدا به أنه من أهل الثقة في نفسه مريد للخير ولا يقصد التحريف ولا يستجيزه ولا يعلم له فرية توجب رد حديثه غير قلة علمه بالحديث أو لطعنه في نسب مالك وقد ذكر مالك أنه أدرك بالمدينة جماعة ممن يؤتمن على عظيم المال لم يأخذ عن أحد منهم لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن يريد العلم بنقل الرواية وقد يستعمل يحيى بن معين وابن حنبل وأبو زرعة الثقة في من هذه صفته وإن كان لا يحتج بحديثه ولذلك قال ابن معين وابن حنبل في محمد بن إسحاق هو ثقة ولكن لا يحتج بحديثه وقد تقرر لهما ولغيرهما في غير ما رجل ومن تأمل هذا في كتابنا وغيره وجده كثيرا وغيرهم من أهل الحديث لا يقول ثقة إلا في من يحتج بحديثه ولذلك قال عبد الرحمن بن مهدي لما سئل عن أبي خالد الدالاني أهو ثقة؟ فقال هو مسلم هو خيار الثقة شعبة وسفيان اهـ

أقول: لا شك أن أبا الوليد حين رام تضعيف سعد بن إبراهيم علم يقينا أنه سيجابه بقول الأيمة فيه ثقة فأراد التنصل من ذلك من أن الأيمة ربما قالوا في الراوي ثقة وهم يريدون صلاحه وعدالته وأنه ممن لا يتعمد الكذب وإن كان لا يحتج به في رواية الحديث لسوء حفظه وهذا حق ووارد في كلامهم لا يستنكر لكن هذا خلاف الأصل ولا يصار إليه إلا عند وجود القرائن لأن الأصل في توثيق الراوي إخبار عن حفظه وعدالته وإلا جرنا ذلك إلى إبطال توثيق كثير من الرواة بحجة أن الأيمة أرادوا العدالة ومن أقوى القرائن على إرادة العدالة بالتوثيق دون الحفظ أن يرد في حق هذا الراوي جرح معتبر فإيراد هذا المعنى في حق سعد بن إبراهيم وهم وخطأ لأمرين

1/ أن عبارات الأيمة في سعد لم يرد فيها التوثيق مجردا مع خفاء الجرح عند من وثقه فقد قال الساجي ثقة أجمع أهل العلم على صدقه والرواية عنه إلا مالكا وقال وصح باتفاقهم أنه حجة

وقال ابن المديني وكان عندنا ثقة ثبتا

وقال ابن معين وإنما ترك مالك الرواية عنه لأنه تكلم في نسب مالك فكان مالك لا يروى عنه وهو ثبت لا شك فيه

وقال أحمد بن محمد سمعت أحمد بن حنبل يقول سعد ثقة فقيل له إن مالكا لا يحدث عنه فقال من يلتفت إلى هذا سعد ثقة رجل صالح

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير