وقال الفسوي في المعرفة حدثني الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله وقيل له لم لم يرو مالك عن سعد بن إبراهيم؟ فقال كان له مع سعد قصة. ثم قال لا يبالي سعد إن لم يرو عنه مالك.
فأين ما زعمه الباجي من أن توثيق ابن معين وأحمد المراد به عدالة سعد وصلاحه دون تثبته في الرواية وحفظه وهذه أقوال القوم صريحة كالشمس أن مرادهم ثبته وحفظه فقال الساجي وصح باتفاقهم أنه حجة وقال أجمعوا على الرواية عنه وثبته ابن المديني وابن معين وهل يكون الرجل ثبتا في عدالته وصلاحه وقال أحمد عن ترك مالك الرواية عنه من يلتفت إلى هذا وقال لا يبالي سعد إن لم يرو عنه مالك فهل يمكن حمل هذا على العدالة اللهم إني أسألك الإنصاف والعدل في القول والحكم
والله إني لمشفق على أبي الوليد إذ سلك هذا المسلك أن يكون سعد خصمه يوم القيامة ثم قد أغرب حين قال " ولا يعلم له فرية توجب رد حديثه غير قلة علمه بالحديث ... " وكان يدندن قبل على أنه ليس بالحافظ وعلى قلة حفظه وهذا خلط في التعليل فتارة يصفه بسوء الحفظ وقلته وأخرى يصفه بقلة علمه بالحديث فأين هذه من تلك؟ وبأي اتصف الرجل؟ ومن وصفه بذاك " فاللهم أعن على العدل في الحكم
ثم قال: وأما قول علي بن المديني كان لا يحدث بالمدينة فمن هذا الباب أيضا يحتمل أن يكون لا يحدث بها لما شملهم من ترك الأخذ عنه إما لأنه لم يكن من أهل هذا الشأن أو لأنهم علموا من طعنه في نسب مالك ما أوجب ذلك ولذلك أنكر أهل النسب هذا القول وأثبتوا نسب مالك على ما كان ينتسب إليه اهـ
أقول: ما زال يدندن حول اتفاق أهل المدينة على ترك الرواية منه وهذا لا حقيقة له وقد فرغنا منه وقوله إما لأنه لم يكن من أهل هذا الشأن هو ظن وتخرص لا دليل عليه بل قول أيمة الحديث يفنده ويبطله فالرجل ثقة حجة عند الجميع
ثم قال: وكان من أخذ عن سعد بن إبراهيم من الأيمة من غير أهل المدينة لم يعرفوا من حاله ما عرفه أهل بلده من قلة حفظه أو مما أوجب عندهم ترك حديثه من طعنه في نسب مالك على وجه يوجب ذلك اهـ
أقول: أهل بلده لم يتركوه كما زعم الباجي بلا دليل ثم هو يزعم أيضا أن أهل بلده عرفوا من حاله قلة حفظه فيا لله العجب ما مستند قوله هذا ومن سبقه إليه فاللهم هداك
ثم لو تأمل لعلم أن في قوله هذا رميا بالغفلة للأيمة الذي رووا عنه من غير أهل بلده والذين وثقوه بعدهم واحتجوا به وصححوا له فإن طعنه في مالك لو كان قادحا يوجب ترك روايته لاشتهر وذاع وتناقله الناس فإن خفي على جماعة لم يخف على الجميع والجميع وثقه ولو كان سيء الحفظ لم يخف أمره على شعبة وسفيان وأحمد وابن معين وابن المديني والبخاري ومسلم وأبي حاتم والنسائي والترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن سعد والعجلي والساجي وهؤلاء أعلم بالحديث ورجاله من عدد كالباجي فالشكوى إلى الله من قلة الإنصاف
ثم قال: وقد أخذ مالك مع كثرة توقيه وانتقائه وعلمه عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري وتركه أهل البصرة أيوب وغيره فكان القول قولهم فيه لما كانوا أعلم بحاله وقد ترك مالك محمد بن إسحاق وأخذ عنه شعبة وحسن القول فيه فكان القول قول مالك لأنه كان من أهل بلده وكان أعلم به اهـ
أقول: قياس راوية مالك عن ابن أبي المخارق على رواية غير مالك عن سعد كقياس البعر على الدر فابن أبي المخارق مجمع على ضعفه ولا يعلم له موثق [4] ( http://majles.alukah.net/#_ftn4) وأما سعد بن إبراهيم فمجمع على توثيقه ولا يعلم له مضعف غير أن مالكا ترك الرواية عنه وهذا ليس بنص في التضعيف والظاهر أن مالكا ما تركه لريبة في روايته وإنما لطعنه في نسبه وهذا كثير في الناس
وأما رواية ابن إسحاق ففيها تفصيل ليس هذا محلها وعلى كل سعد ثقة عند الجميع لا ريب في ذلك
ثم بعد ذكر هذا التليين لسعد من الباجي لين قوله فيه فقال: ولا أذهب إلى أن سعد بن إبراهيم يجري مجرى محمد بن إسحاق فإن سعد بن إبراهيم أحسن حديثا وأكثر توقيا وأظهر تدينا ومحمد بن إسحاق أوسع علما وكذلك لا أقول إن سعد بن إبراهيم يبلغ عندي مبلغ الترك اهـ
¥