جميعاً صحيحان.
وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى حديث سعيد بن عامر وهمٌ وهِمَ فيه سعيد بن عامر والصحيح حديث عاصم عن حفصة بنت سيرين، وأبو معاوية هذا محمد بن خازم الضرير وهو من أوثق الناس في الأعمش وفي غير الأعمش قد يغلط ويخطئ.
قال أبو عيسى على هذا الخبر وهذا حديث حسن صحيح وجزم بصحته غير واحد وهذا الذي يفهم من كلام البخاري وأبي حاتم صححه ابن خزيمة وابن حبان وهذا أصح حديث في هذا الباب.
9 - حديث (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) رواه أبو داود من حديث سالم بن المقفع عن ابن عمر وإسناده جيد, وفي الباب حديث معاوية بن زهرة أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول إذا أفطر: (اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا). وهذا مرسل ولا يصح في الباب سوى حديث ابن عمر، ولم يروه أبو عيسى الترمذي، ولذلك لم يذكر ماذا يقال عقب الإفطار، وإنما رواه أبو داود رحمه الله تعالى من حديث عبد الله بن عمر يقول ذهب الظمأ، إذن فالمشروع أن يقول عند الإفطار (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) ولو لم يشرب ماء فإنه يقول هذا الذكر.
10 - قال الإمام أبو عيسى رحمه الله تعالى حدثنا محمد بن رافع أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فتميرات فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء. قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب.
هذا الخبر معلول وفيه نكارة قال الإمام أبو حاتم وأبو زرعة: لا نعلم روى هذا الحديث غير عبد الرزاق ولا ندري من أين جاء عبد الرزاق، وقد روى هذا الخبر ابن عدي في الكامل عن الحسن بن سفيان قال حدثنا عمار بن هارون قال حدثنا جعفر بن سليمان وذكره بنحوه مختصراً. وعمار ضعيف الحديث ورواه العقيلي في (الضعفاء) والضياء المقدسي في (المختارة) عن طريق عبد الواحد بن ثابت عن ثابت عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات أو شيء لم تصبه النار)، وعبد الواحد قال عنه البخاري رحمه الله تعالى " منكر الحديث "، ولا يصح في الباب شيء غير حديث حفصة عن الرباب عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث عبد الرزاق غلط وقد أنكره الحفاظ وقول أبي عيسى (غريب) أي من حديث عبد الرزاق، وهذا هو ما قاله أبو حاتم وأبو زرعه ولا ندري من أين جاء؟ أي جاء هذا الخبر الإمام عبد الرزاق، فإن هذا ليس من حديثه، ولذلك هذا الخبر معلول ولا يصح.
11 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسماعيلَ أَخبرنَا إِبراهيمُ بنُ المُنذِرِ أَخبرنَا إِسحاقُ بنُ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدِ قَالَ: حدَّثني عَبدُ الله بنُ جَعفَرٍ عن عُثمانَ بنِ مُحَمَّدِ عن المَقبُرِيِّ عن أَبي هُريرةَ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
- "الصَّومُ يومَ تصُومُونَ، والفِطرُ يومَ تُفطِرُون، والأَضحَى يومَ تُضَحُّونَ". قال أبو عيسى هذا حديث غريب حسن، وقد رواه أبو داود وغيره من طريق محمد بن المنكدر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون).
وقد قيل بأن ابن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة نص عليه البزار وغيره، ورواه الترمذي من طريق يحي بن اليمان عن معمر عن ابن المنكدر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم (الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس).
ويحي بن اليمان كثير الغلط ولعله غلط في جعله من مسند عائشة، والصواب ما رواه يزيد بن زريع عن معمر عن بن المنكدر عن أبي هريرة، وابن المنكدر في سماعه من أبي هريرة نظر، ولا أعلم في هذا الباب شيئا ثابتاً إلا إن كان طريق عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنسي عن المقبري عن أبي هريرة وهو أصح شيء ورد في هذا الباب.
12 - عن أنس رضي الله عنه كما أخرجه الحاكم وابن عساكر ولفظه (من فقه الرجل في دينه تعجيل فطره وتأخير سحوره، وتسحروا فإنه الغذاء المبارك) وفي صحته نظر.
13 - قال أبو عيسى رحمه الله تعالى: حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري أخبرنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: (أحب عبادي إلي أعجلهم فطراً)
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا أبو عاصم وأبو المغيرة عن الأوزاعي نحوه. أي نحو حديث قرة.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب، غريب لأنه من رواية قرة والخبر رواته ثقات ما عدا قرة بن عبد الرحمن المعافري، قال عنه الأمام أحمد رحمه الله تعالى (منكر الحديث جداً)، وقال ابن معين (ضعيف)، وقال الإمام أبو زرعه رحمه الله تعالى (الأحاديث التي يرويها مناكير)، وحكى يزيد بن السمط عن الأوزاعي أنه كان يقول (ما أحد أعلم بالزهري من قرة) فقد تعقبه ابن حبان وأصاب في تعقبه،وقد وثقه يعقوب، والصواب في قرة أنه سيء الحفظ وليس بقوي في الحديث، ولكنه ليس ممن يتعمد الكذب فيعتبر به في المتابعات والشواهد والمتأمل في أحاديث قرة يرى أنه يخالف الأئمة، فكثيراً ما يرفع المرسل ويخالف الأئمة في أحاديثهم ففي حديث قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه) أخطأ فيه قرة قال عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وهذا غلط والصواب ما رواه مالك وغيره عن الزهري عن زين العابدين، وقد اتفق الحفاظ أبو حاتم وأحمد والبخاري والدارقطني وغير هؤلاء على أن هذا هو الصواب، وإن كان أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى صحح حديث قرة وقال وهذا حديث حسن صحيح. وهذا فيه نظر من وجهين:
الوجه الأول:أن قرة سيء الحفظ فلا يصحح حديثه.
الوجه الثاني: أنه خالف الحفاظ وجعله من مسند أبي هريرة وهذا وجه الغلط في أحاديث قرة، والصواب أنه ليس من مسند أبي هريرة وأنه من مراسيل زين العابدين علي بن الحسين رحمه الله.
¥