وقال العراقي في "المغني" (1/ 305): "سكت عليه الحاكم، وهو ضعيف".
وسبقه إلى تضعيفه النووي في "الأذكار" (ص 344).
2 - أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
أخرجه ابن ماجه (1181 - 3866)، ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (141)، والبغوي (5/ 204)، وابن حبان في "المجروحين" (1/ 268) والحاكم (1/ 536)، والحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (2/ 616) وابن الجوزي في "الواهيات" (2/ 840) من طريق صالح بن حسان، عن محمد ابن كعب القُرظي، عن ابن عباس مرفوعاً: "إذا دعوت الله فادع بباطن كفيك، ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك".
* قلت: وهذا سندٌ واهٍ.
وآفته صالح بن حسان.
قال البخاري: "منكر الحديث".
ولخص الحافظ حاله في "التقريب" فقال: "متروك".
وقال أبو حاتم: "حديث منكر".
نقله عنه ولده في "العلل" (2572/ 2/351).
وتابعه رجل مجهول عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس مرفوعاً وزاد في أوله شيئاً.
أخرجه أبو داود (1485)، والبيهقي (2/ 212) وفي "الدعوات الكبير" (ق39/ 1) من طريق عبد الملك بن محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدَّثه، عن محمد بن كعب به.
قال أبو داود: "رُوي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب، كلها واهية، وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضاً". أهـ
* قلت: وله علتان:
الأولى: ضعف عبد الملك هذا.
الثانية: جهالة الراوي عن محمد بن كعب.
وتابعه عيسى بن ميمون، عن محمد بن كعب به.
أخرجه ابن نصر (141) وقال: "عيسى بن ميمون ليس هو ممن يحتج بحديثه".
وقال النووي في "الأذكار" (ص 344): (في إسناده ضعف".
3 - أما حديث يزيد بن سعيد الكندي t :
فأخرجه أبو داود (1492)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6614) عن جعفر الغرياني والحسن بن سفيان وعلي بن طيفور قالوا: حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا أبن لهيعة، عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد، عن أبيه أن النبي r كان إذا دعا فرفع يديه، مسح وجهه بيديه.
قال الحافظ في "آمالي الأذكار": "فيه ابن لهيعة، وشيخه مجهول"، وخولف قتيبة في سياقه وفي إسناده.
خالفه سعيد بن أبي مريم قال: نا ابن لهيعة، عن حبان بن واسع، عن حفص بن هاشم، أن خلاد بن السائب حدثه، عن أبيه أن رسول الله r كان إذا دعا جهل راحته إلى وجهه.
أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2590) ثنا محمد بن عوف،
نا ابن مريم بهذا.
فخالفه في إسناده فأسقط ذكر "والد السائب"، وفي متنه: لم يذكر
مسح الوجه.
وتابعه عمرو بن خالد الحراني، ثنا ابن لهيعة قال: سمعت حفص بن هاشم يذكر أن خلاد بن السائب حدثه، هن أبيه مثله.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (ج 7 / رقم 6625) قال: حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج، ثنا عمرة بن خالد.
ورواه يحيى بن إسحاق السيلحيني قال: ثنا ابن لهيعة، عن حبان بن واسع بن حبان، عن خلاد بن السائب أن النبي r كان إذا سأل جعل باطن كفيه إليه، وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه. أخرجه أحمد (4/ 56).
فخالف السيلحيني من تقدم في إسناده فأرسله.
ويحيى بن إسحاق من قدماء أصحاب ابن لهيعة وروايته عندي أولى، والاضطراب عندي من ابن لهيعة، ولعله غلط في إسناده فقال: "حفص
بن هاشم" وليس له ذكر في شيء من كتب التواريخ، ولا ذكر أحد أن
لابن عتبة ابناً يسمى حفصاً كما ذكر الحافظ في "التهذيب" في ترجمة "حفص بن هاشم".
فالصحيح: ضعف هذا الحديث، لشدة ضعف مفرداته، فقول الحافظ في "بلوغ المرام" (ص 284): "إنه حديثٌ حسنٌ" غيرُ حسنٍ، هذا والله أعلم.
وقد اختلف أهل العلم في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء.
قال محمد بن نصر: "ورأيت إسحاق يستحين العمل بهذه الأحاديث، وأما أحمد بن حنبل، فحدثني أبو داود قال: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ من الوتر؟ فقال: لم أسمع فيه شيئاً، ورأيت أحمد لا يفعله ...
وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء فأنكر ذلك وقال: ما علمت ... وسئل عبد الله ـ يعني ابن المبارك ـ عن الرجل يبسط يديه فيدعو ثم يمسح بهما وجهه؟ فقال: كره ذلك سفيان ـ يعني الثوري".
* قلت: وأنكر ذلك البيهقي في "رسالته إلى أبي محمد الجويني"
(2/ 286 ـ مجموعة الرسائل المنيرية).
وقال العز بن عبد السلام: "لا يفعله إلا الجهال".
نعم .. أخرج البخاري في "الأدب المفرد" (609) قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فُليح، قال: أخبرني أبي، عن أبي نعيم ـ وهو وهب ـ قال: "رأيت ابن عمر وابن الزبير يدعوان، يديران بالراحتين على الوجه".
وهذا الأثر حسَّنه الحافظ ابن حجر، وضعفه شيخنا الألباني، وهو محتمل للتحسين، فلا أرى أن يبده الذي يمسح وجهه بعد الدعاء، وإن كان الأفضل تركه، والله أعلم.
المصدر: فتاوى أبي إسحاق الحويني المسمى (إقامة الدلائل على عموم المسائل) الجزء الأول الفتوى رقم (2)
([1]) قال النووي في "الأذكار" (ص 344): "أما قول الحافظ عبد الحق ـ يعني الأشبيلي ـ رحمه الله تعالى: إن الترمذي قال: إنه حديث صحيح، فليس في النُسخ المعتمدة من "الترمذي" أنه صحيح، بل قال: حديث غريب". أهـ
¥