تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد رأيتك ـ رضي الله عنك ـ لخصتَ مقاصد بحثِكَ في عشرة وجوه ختمت بها كلامك، فأنا أتتبعها واحدة تلو الأخرى، بشرط الإنصاف، وترك الاعتساف إن شاء الله تعالى.

الوجه الأول:

أنك نقلت عن الخطابي وغيره، أن حديث وائل بن حجر t والذي يقضي بتقديم الركبتين على اليدين، أثبت من حديث أبي هريرة t والذي يقضي بتقديم اليدين على الركبتين.

والجواب:

أن هذا القول لا يُسلَّمُ لقائله إلا بعد تفصيل الكلام على أحاديث الفريقين، وردها إلى قواعد أهل العلم بالحديث.

فأما حديث وائل بن حجر t :

فأخرجه أبو داود (838)، والنسائي (2/ 206 - 207) والترمذي في "سننه" (268)، وفي "العلل الكبير" (1/ 220)، وابن ماجة (882)، والدارمي (1/ 245)، وابن خزيمة (626)، وابن حبان (487)، والبزار في "مسنده" (ج2/ ق244/ 1)، والطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 255)، والحاكم (1/ 266)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (1259)، وابن المنذر في "الأوسط" (3/ 165) والدارقطني (1/ 345)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (ج4/ق98/ 20) ومن طريقه ابن جماعة في "مشيخته" (2/ 574)، والبيهقي (2/ 98، والخطيب في "موضح الأوهام" (2/ 433)، والبغوي في "شرح السنة" (3/ 133)، والحازمي

في "الاعتبار" (ص 160 - 161) من طريق عن يزيد بن هارون،

ثنا شريك النخعي، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: كان رسول الله r إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض يرفع يديه قبل ركبتيه.

قال الترمذي:

"هذا حديث حسن غريب، لا نعرف أحداً رواه مثل هذا عن شريك، قال: زاد الحسن بن علي في حديثه: قال يزيد بن هارون: ولم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث".

وقال: "العلل الكبير": "وروى همام بن يحيى، عن شقيق، عن عاصم بن كليب شيئاً من هذا مرسلاً، لم يذكر وائل بن حجر، وشريك بن عبد الله كثير الغلط والوهم".

وقال أبو القاسم البغوي: "لا أعلم حدَّث به عن شريك غير يزيد".

وقال النسائي ـ كما في "أطراف المزىّ" (9/ 90) ـ:

"لم يقل هذا عن شريك غير يزيد بن هارون".

وكذلك قال البغوي.

وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا يزيد بن هارون، عن شريك".

وقال الدارقطني: "تفرد به: يزيد بن هارون، عن شريك، ولم يُحدِّث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما تفرد به".

وقال البيهقي: "إسناده ضعيف".

وقال أيضاً: "هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام

من هذا الوجه مرسلاً، هكذا ذكره البخاري وغيره من الحُفاظ المتقدمين

رحمهم الله تعالى".

وقال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (2/ 68 - 69): "حديث غريب".

* قلتُ: وهذا القول منهم هو الذي تطمئن إليه نفس الناقد، لاستقامته على القواعد، وقد اتفقت كلمتهم على أن شريك بن عبد الله القاضي تفرد بهذا الحديث، وشريك سيء الحفظ، وسيء الحفظ إذا انفرد بشيء فلا يُحتج به، وهذا القدر متفق عليه عند العلماء.

فإن قيل: فما أنت قائل فيما ذكره ابن حبان في "الثقات" (6/ 444) حيث قال في "ترجمة شريك": "وكان في آخر أمره يُخطئ فيما يروي، تغير عليه حفظه، فسماع المتقدمين منه، الذين سمعوا منه بواسط، ليس فيه تخليط مثل يزيد بن هارون، وإسحاق الأزرق، وسماع المتأخرين منه بالكوفة، فيه أوهام كثيرة". انتهى

فهذا القول من ابن حبان رحمه الله يدل على أن سماع يزيد بن هارون

من شريك ـ وهذا الحديث منه، كان قبل أن يتغير حفظ شريك، فهذا يدل على ثبوت الحديث.

فالجواب:

أن الدار قطني لم يراعِ مثل هذا القيد هنا، وكلامه شاهد على ذلك. سلمنا به، لكن روى الخطيب في "الكفاية" (ص 361) عن يزيد بن هارون، قال: قدمت الكوفة، فما رأيت بها أحداً إلا يُدلِّس، إلا مسعر بن كدام، وشريكاً"، فهذا يدل على أن يزيد بن هارون أخذ منه في الكوفة أيضاً، فالصواب: هو التوقف في رواية يزيد، عن شريك، حتى يتميز ما حدَّث به في الكوفة، مما حدَّث به في غيرها.

أضف إلى ذلك ما ذكره الترمذي عن شيخه الحسن بن علي، عن يزيد ابن هارون، قال: "لم يروِ شريك، عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير