تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخرجه البخاري (6/ 78 - 79، عمدة) معلقاً، ووصله أبو داود كما في "أطراف المزي" (6/ 156)، وابن خزيمة (1/ 318 - 319) والطحاوي في "الشرح" (1/ 254)، والدراقطني (2/ 344)، والحاكم (1/ 226)، وأبو الشيخ في "الناسخ والمنسوخ" كما في "التغليق" والبيهقي (2/ 100)، والحازمي في "الاعتبار" (ص 160).

قال الحاكم:

"صحيح على شرط مسلم"!.

وليس كما قال، فإن مسلماً لم يخرج شيئاً للدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، وقد تكلم العلماء في هذه الترجمة، وأشار أبو داود إلى ذلك كما نقله المزي في "الأطراف"، ويبدو أن رواية أبي داود لهذا الحديث وقعت في نسخة "ابن داسة" أو "ابن العبد" والله أعلم.

وغلط البيهقي هذه الرواية، فقال: "كذا قال عبد العزيز، ولا أراه

إلا وهماً". أي أنه وهم في رفعه، وهو الذي يترجح لي الآن، وكنت أميل قبل ذلك إلى صحة رفعه.

أما في التركماني فتعقب البيهقي فقال في "الجوهر النقي":

"حديث ابن عمر المذكور أولاً: أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"، وما علله به البيهقي من حديث المذكور، فيه نظر، لأن كلاً منهما معناه منفصل عن الآخر". انتهى

وانفصال أحد الحديثين عن الآخر من جهة المتن، إنما ينفع إذا سلم الإسناد، ولم يقف ابن التركماني عند الإسناد لا قليلاً ولا كثيراً سوى أن ابن خزيمة رواه في "صحيحه"، وهذا ليس بكافٍ في "التصحيح" كما لا يخفى لاسيما مع ثبوت العلة، فالراجح في هدا الحديث الوقفُ، وكأنه لهذا اقتصر البخاري رحمه الله على ذكر الموقوف، والله أعلم.

فالراجح الصحيح أن الحديث من "مسند أبي هريرة" ولذلك اقتصر عبد الحق الأشبيلي على إيراده في "الأحكام الصغرى" (1/ 243) وفي ذلك تصحيحٌ له عنده، كما هو معروف، لكن البخاري أعله بقوله: لا يتابع عليه ـ يعني محمد بن عبد الله بن حسن ـ، ولا أدري: أسَمِعَ من أبي الزناد أم لا؟

والجواب عن هذا التعليل: أن البخاري رحمه الله لم ينف السماع، إنما نفى علنه به، فحينئذٍ نقول: إن أبا الزناد كان عالم المدينة في وقته، وشهرة ذلك لا تحتاج إلى إثبات، ومحمد بن عبد الله مدني هو الآخر وقد وثقه النسائي، وابن حبان، ولا يُعلم عنه تدليس قط، وكان له من العمر قرابة الأربعين عاماً يوم مات أبو الزناد سنة (130هـ)، وبمثل هذه القرائن يقطع المرء بثبوت اللقاء، وقد فعل ذلك بعض أئمة الحديث

كابن حبان.

فقد نقل ابن أبي حاتم في "المراسيل" (ص 203 - 205) عن شعبة، ويحيى القطان، وابن معين، وأبي حاتم الرازي قولهم: "لم يسمع مجاهد من عائشة". فرد عليهم ابن حبان في "صحيحه" (3021) قائلاً: "ماتت عائشة سنة سبع وخمسين، وولد مجاهد سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر،

فدلك هذا على أن من زعم أن مجاهداً لم يسمع من عائشة كان واهماً في

قوله ذلك".

وكذلك نفى نافٍ سماع مجاهد من أبي هريرة t ، فرد عليه ابن حبان في "صحيحه" (4603) قائلاً: "سمع مجاهد من أبي هريرة أحاديث معلومة بين سماعه فيها عمر بن ذر، وقد وهم من زعم أنه لم يسمع من أبي هريرة شيئاً؛ لأن أبا هريرة مات سنة ثمانية وخمسين في إمارة معاوية، وكان مولد مجاهد سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب، ومات مجاهد سنة ثلاثة ومائة، فدل هذا على أن مجاهداً سمع أبا هريرة". انتهى

وأنت ترى يرحمك الله أنه ليس في يد ابن حبان دليل إلا إثبات المعاصرة البينة. على الرغم من أنه قال: "إن عمر بن ذر روى عن مجاهد أحاديث قال فيها: حدثنا أبو هريرة أو سمعت ونحوها، إلا أنه لم يتكئ على هذا رغم قوته، لأنه يمكن أن يقول: أخطأ أحد رواة الإسناد في ذكر التصريح بالسماع، ولجأ إلى حجة هي أقوى بكثير من مجرد التصريح بالسماع،

ولا تكاد ترد إلا بحجة فالجة، ألا وهي المعاصرة البينة، هذا مع أن مجاهداً مكيٌ، وعائشة رضي الله عنها عاشت ودفنت في المدينة، فإذا اعتبرت هذا، ورجعت إلى مسألتنا رأيت أن أبا الزناد، ومحمد بن عبد الله كليهما مدني، وقد عاشا مع بعض طويلاً مع البراءة من التدليس، فأي قرينة أقوى من هذه؟ وقد تمسَّك بعضُ من عائد في هذا البحث بقول البخاري، فقلت له: أفما التقيا في المسجد النبوي قط على مدار ثلاثين عاماً، مع شهرة أبي الزناد في هذا المسجد المبارك؟ أفما التقيا في صلاة الجمعة على الأقل؟! فسكت لوضوح الإلزام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير