تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يعلم أن يسأل أهل الذكر، وهو أولوا الكتاب والعلم، ولو كانت أخبارهم لا تفيد العلم، لم يأمر بسؤال من لا يفيد خبره علماً، وهو سبحانه وتعالى لم يقل: سلوا عدد التواتر، بل أمر بسؤال أهل الذكر مطلقاً، فلو كان واحداً لكان سؤاله وجوابه كافياً.

4 - قوله تعالى:} وما كان المؤمنون لينقروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون {.

والطائفة تقع على الواحد فما فوقه، فأخبر أن الطائفة تُنذِر قومهم إذا رجعوا إليهم، والإنذار: هو الإعلام مما يفيد العلم، وقوله تعالى:} لعلهم يحذرون {نظير قوله تعالى في آياته المتلوة:} لعلهم يتفكرون {،} لعلهم يعقلون {،} لعلهم يهتدون {وهو سبحانه وتعالى إنما يذكر ذلك فيما يحصل به العلم، لا فيما لا يفيد العلم.

5 - قوله تعالى:} يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وقال تعالى:} ما على الرسول إلا البلاغ المبين {،

وقال الرسول r: " بلغوا عني ولو آية" وقال لأصحابه في الجمع الأعظم يوم عرفة: "أنتم مسؤلون عني فماذا أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك بلغت، وأديت، ونصحت. ومعلوم أن البلاغ هو الذي تقوم به الحجة على المبلغ، ويحصل به العلم. فلو كان خبر الواحد لا يحصل به العلم لم يقع به التبليغ الذي تقوم به حجة الله على العبد، فإن الحجة إنما تقوم بما يحصل به العلم،

وقد كان النبي r يرسل الواحد من أصحابه يُبلغ عنه، فتقوم الحجة

على من بلغه، وكذلك قامت الحجة علينا بما بلغنا العدول الثقات من أقواله وأفعاله وسنته، ولو لم يفد العلم لم تقم بذلك حجة ولا على من بلغه، واحداً كان أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو دون عدد التواتر، وهذا من أبطل الباطل. فيلزم من قال: إن أخبار رسول الله r لا تفيد العلم أحد أمرين: إما أن يقول: الرسول لم يبلغ إلا القرآن وما رواه عنه التواتر، وما سوى ذلك لم تقم به حجة ولا تبليغ، وإما أن يقول: إن الحجة والبلاغ حاصلان بما لا يوجب علماً، وإذا بطل هذا الأمران، بطل القول بأن أخباره r التي رواها الثقات العدول الحفاظ، وتلقتها الأمة بالقبول لا تفيد علماً، وهذا ظاهرٌ لا خفاء فيه.

6 - أن الرسل صلوات الله عليهم وسلامه كانوا يقبلون خبر الواحد ويقطعون بمضمونه، فقبله موسى من الذي جاء من أقصى المدينة قائلاً له:} إنَ الملأَ يأتمرونَ بكَ ليَقْتُلُوكَ {فجزم بخبره، وخرج هارباً من المدينة، وقبل خبر بنت مدين لما قالت له:} إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا {، وقبل خبر أبيها في قوله هذه ابنتي، وتزوجها بخبره. وقبل يوسف الصديق خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك، وقال:} ارجع إلى ربك فسأله ما بال النسوة {. وقبل النبي r خبر الآحاد الذين كانوا يخبرونه بنقض عهد المعاهدين له، وغزاهم بخبرهم، واستباح دماءهم وأموالهم، وسبى ذراريهم. ورسل الله صلوات الله وسلامه عليهم لم يرتبوا على تلك الأخبار أحكامها وهم يجوزون أن تكون كذباً وغلطاً، وكذلك الأمة لم تثبت الشرائع العامة الكلية بأخبار الآحاد، وهم يجوزون أن تكون كذباً على رسول الله في نفس الأمر، ولم يخبروا عن الرب تبارك وتعالى في أسمائه وصفاته وأفعاله بما لا علم لهم به، بل يجوز أن يكون كذباً وخطأً في نفس الأمر، وهذا مما يقطع ببطلانه كل عالم مستبصر.

7 - أخرج البخاري (10/ 36 - 37 و 13/ 232 فتح)، ومسلم (1980/ 9) عن مالك، وهو في "موطئه" (2/ 846 - 847/ 13) من طريق إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح، وأبا طلحة الأنصاري، وأبي كعب شراباً من فضيخٍ وتمرٍ، قال: فجاءهم آتٍ فقال: إن الخمر قد حُرِمت، فقال: أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها، فقمت إلى مهراسٍ لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت.

وله طرق أخرى عن أنس t .

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير