تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقول: "قد نص كثير من أهل العلم على أن خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول يفيد العلم والعمل معاً، أي: يفيد القطع "وممن نصَّ على ذلك: مالك والشافعي وأصحاب أبي حنيفة وداود بن عليّ وأصحابه كأبي محمد بن حزم، ونص عليه الحسين بن عليّ الكرابيسي، والحارث بن أسد المحاسبي.

قال ابن خوايز منداد في كتابه "أصول الفقه" وقد ذكر خبر الواحد الذي لم يروه إلا الواحد والاثنان: "ويقع بهذا الضرب أيضاً العلم الضروري، نص على ذلك مالك، وقال أحمد في حديث الرؤية: نعلم أنها حقٌّ ونقطع على العلم بها، وكذلك روى المروزي، قال: قلت لأبي هبد الله: ههنا اثنان يقولان إن الخبر يوجب عملاً ولا يوجب علماً! فعابه، وقال: لا أدري

ما هذا؟ ". وقال القاضي أبو يعلي: "وظاهرُ هذا أنه يسوي بين العلم والعمل ... ثم قال: "خبر الواحد يوجب العلم إذا صح سنده، ولم تختلف الرواية فيه، وتلقته الأمة بالقبول، وأصحابنا يطلقون القول فيه،

وأنه يوجب العلم، وإن لم تتلقه الأمة بالقبول. قال: والمذهب على ما حكيت لا غير. فقد صرح بأن هذا هو المذهب، وقال ابن أبي يونس في أول "الإرشاد": وخبر الواحد يوجب العلم والعمل جميعاً.

وقال أبو إسحاق الشيرازي في كتبه في الأصول كـ "التبصرة" و "شرح اللمع" وغيرهما، وهذا لفظه في الشرح: "وخبرُ الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول يوجب العلم والعمل سواءٌ عمل به الكل أو البعض، ولم يُحكَ فيه نزاعاً بين أصحاب الشافعي، وحكى هذا القول القاضي عبد الوهاب من المالكية عن جماعة من الفقهاء، وصرحت الحنفية في كتبهم أن الخبر المستفيض يوجب العلم، ومثلوه بقول النبي r : " لا وصية لوارث" قالوا: مع إنه إنما رُوي من طريق الآحاد. قالوا: ونحوه حديث ابن مسعود في المتابعين إذا اختلفا، أن القول قول البائع، ونحوه حديث عبد الرحمن بن عوف في أخذ الجزية من المجوس. وقد اتفق السلف والخلف على استعمال حكم هذه الأخبار حين سمعوها، فدل ذلك من أمرها على صحة مخرجها وسلامتها، وإن كان قد خالف فيها قومٌ فإنها عندنا شذوذٌ

ولا يُعتدُّ بهم في الإجماع، قال: وإنما قلنا ما كان هذا سبيله من الأخبار فإنه يوجب العلم بصحة مخبره، من قبل أنا إذا وجدنا السلف قد اتفقوا على قبول خبر هذا وصفه من غير تثبت فيه ولا معارضة بالأصول، أو بخبرٍ مثله مع علمنا بمذاهبهم في قبول الأخبار والنظر فيها وعرضها على الأصول، دلنا ذلك من أمورهم على أنهم لم يصيروا إلى حكمه إلا من حيث ثبت عندهم صحته واستقامته فأوجب لنا العلم بصحته، وهذا لفظ أبي بكر الرازي في كتابه "أصول الفقه" ... ". أهـ

وممن نص على ذلك أيضاً: الحافظ ابن الصلاح رحمه الله في "مقدمته" وأن الأحاديث التي تلقتها الأمة بالقبول تفيد العلم واليقين في كثير من الأحيان، واختاره الحافظ ابن كثير في "مختصره".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد r من الأولين والآخرين. أما السلفُ فلم يكن بينهم في ذلك نزاعٌ، وأما الخلفُ: فهذا مذهبُ الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة، والمسألة منقولة في كتب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة مثل السرخسي، وأبي بكرٍ الرازي من الحنفية، والشيخ أبي حامد،

وأبي الطيب والشيخ أبي إسحاق من الشافعية، وابن خوايز منداد وغيره من المالكية، ومثل القاضي أبي يعلي، وابن موسى، وأبي الخطاب وغيرهم من الحنابلة، ومثل أبي إسحاق الاسفرائيني وابن فورك وأبي إسحاق النظَّام من المتكلمين، وذكره ابن الصلاح واختاره وصححه، ولكنه لم يعلم كثرة القائلين به ليتقوى بهم، وإنما قاله بموجب الحجج الصحيحة، وظن من اعترض عليه من المشايخ الذين لهم علمٌ ودينٌ، وليس لهم بهذا الباب خبرة تامة أن هذا الذي قاله ابن الصلاح انفرد به عن الجمهور ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير