هذا، والأوزاعي ذكر أن الرواي عن أُبَيٍّ ابنه – وإن أبهم اسمه- وتابعه أبان بن يزيد العطار، إلا أن الأوزاعي مع إمامته فقد كان في حديثه عن يحيى بعض الأوهام، وأبان نفسه على ثقته فله أفراد، فالأمر لا يزداد إلا إغلاقًا، وإن كان صنيع بعض الحفّاظ كالمزي والعسقلاني يدل على أن الرواي هو محمد بن أُبي عن أبيه أُبي.
- وإذا نظرنا إلى من تكلم على الحديث ممن سبق من العلماء: رأينا ابن حبان أدخله في "صحيحه" دون ذكر الصباح والمساء، وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي مع ذكر الصباح والمساء، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/ 458): رواه النسائي والطبراني بإسناد جيد، ووثق رجاله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 118) وصححه من المعاصرين شيخنا الألباني – رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 417/برقم662) مع ذكر الصباح والمساء، وإن كان قد حكم على زيادة الصباح والمساء في "الصحيحة" (7/ 743/برقم3245) بالشذوذ!! مع أننا لو نظرنا فيما سبق رأينا أن الذي لم يرو الصباح والمساء – دون اختلاف عليه- عن يحيى بن أبي كثير هو الأوزاعي فقط؛ وقد رواها عن يحيى بن أبي كثير مخالفًا للأوزاعي جماعة، فرووها عن يحيى بن أبي كثير، وهم: حرب بن شداد، وشيبان، وأبان، فهذه زيادة لا غبار عليها لو تخلصنا من إشكال ذكر الجد في الروايات السابقة، ولولا موقف المزي والعسقلاني ومن مشّى الحديث، وقُرْب وجوه الاختلاف في ذِكْر الجد وعمه؛ لكان لقول من لين الحديث لاحتمال الانقطاع بين محمد وجده أُبي بن كعب، ولعدم توثيق معتبر لمحمد، لولا صنيع الحافظين السابقين، وما سبق من تجاذب وتقارب بين الرواة المختلفين؛ لكان لمن ليّن الحديث وجه، وإن كان قد يقال: الرواي المضعَّف إذا روى حديثًا في قصة؛ فإن ذلك قد يدل على ضبطه، والله أعلم.
وعلى كل حال فالنفس إلى ثبوت الحديث بهذه الزيادة أميْل، لاسيما مع وجود شاهد، سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
- وللحديث شاهد دون ذكر قصة الجني من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- فقد جاء من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن زرارة بن مصعب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من قرأ حم المؤمن إلى [إِلَيْهِ المَصِيرُ] وآية الكرسي حين يصبح حُفظ بهما حتى يمسي، ومن قرأهما حين يمسي حُفظ بهما حتى يصبح"
أخرجه الترمذي (5/ 8/برقم2879) وقال: هذا حديث غريب، والدارمي (4/ 2132/3429) بلفظ: "لم ير شيئًا يكرهه .... " والمروزي كما في "مختصر قيام الليل" (صـ167) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبي هريرة به، بإسقاط زرارة بن مصعب وأبي سلمة، والطبراني في "الدعاء" برقم (322) بلفظ: "من قرأ آية الكرسي وأول حم المؤمن عُصم ذلك اليوم من كل سوء"دون ذكر الصباح والمساء، والعقيلي في "الضعفاء" (2/ 325) ترجمة المليكي بلفظ الطبراني، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" برقم (76)، وبرقم (687) بلفظ الطبراني، والبغوي في "شرح السنة" (4/ 464/1198) وفي تفسيره "معالم التنزيل" (1/ 269) والأصبهاني في "ذكر أخبار أصبهان" (1/ 233) وفيه: (عن ابن أبي مليكة عن زرارة به) والبيهقي في "الدلائل" (2/ 483)، (2/ 483 - 484) والنسفي في "القند في ذكر علماء سمرقند" (صـ281) ترجمة أبي طاهر عبد الواحد بن إبراهيم الميداني الصكوكي برقم (502) والحافظ في "نتائج الأفكار" (3/ 273) وقال: وفي سياق المتن مخالفة تقدم بيانها في باب الدعاء عند الصباح!! اهـ، وأخرجه قبل ذلك في (2/ 421).
ومن نظر في ترجمة عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وجد من أهل العلم من تركه، كالبخاري، والنسائي، وابن خراش، وهناك من اكتفى بتضعيفه ومشّاه ولم يتركه، ومنهم أبو حاتم، وأحمد، وابن معين الذي قال: ضعيف، وإن كان يطلق ذلك أحيانًا في الجرح الشديد، وكذا مشاه آخرون كابن عدي، والبزار، وغيرهما، وهو الأحوط عندي، وإن كان في النفْس نوع تردد، لكن لم يظهر لي ترك المليكي في هذا الموضع.
- وعلى هذا فالحديث يصلح أن يستشهد به في ذكر آية الكرسي من جملة أذكار الصباح والمساء، وأما أوائل حم المؤمن فلا تثبت بهذا الحديث، ولو رجحنا ضعف حديث أُبيٍّ لضعف محمد حفيد أُبي، ولاحتمال الانقطاع بينهما؛ فتضعف قصة الجني فقط من حديث أُبيّ، ويبقى ذكر آية الكرسي – لهذا الشاهد- في أذكار الصباح والمساء، وأنها عاصمة – بإذن الله تعالى- من قرأها صباحًا ومساءً من الجن، والله تعالى أعلم.
كتبه/ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
دار الحديث بمأرب
23/شوال/1431هـ
ـ[عمر الحضرمي]ــــــــ[05 - 10 - 10, 10:28 م]ـ
السلام عليكم
الرجاء من الإدارة تعديل عنوان الموضوع لحصول خطأ غير مقصود فيه إلى:
هل ثبت ذِكْر آية الكرسي في أذكار الصباح والمساء؟ لفضيلة الشيخ أبي الحسن السليماني وفقه الله
وجزاكم الله خيرا