(شهدت أبا زرعة ذكر كتاب الصحيح الذي ألفه مسلم بن الحجاج، ثم الفضل الصائغ على مثاله، فقال لي أبو زرعة: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئا يتشوفون به، ألفوا كتابا لم يسبقوا إليه، ليقيموا لأنفسهم رياسة قبل وقتها.
وأتاه ذات يوم -وأنا شاهد- رجل بكتاب الصحيح من رواية مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث عن أسباط بن نصر، فقال لي أبو زرعة: ما أبعد هذا من الصحيح، يدخل في كتابه أسباط بن نصر! ثم رأى في الكتاب قطن بن نسير فقال لي: وهذا أطم من الأول؛ قطن بن نسير وصل أحاديث عن ثابت، جعلها عن أنس، ثم نظر فقال: يروي عن أحمد بن عيسى المصري في كتابه الصحيح! قال لي أبو زرعة: ما رأيت أهل مصر يشكون في أن أحمد بن عيسى، وأشار أبو زرعة بيده إلى لسانه، كأنه يقول: الكذب. ثم قال لي: يحدث عن أمثال هؤلاء، ويترك عن محمد بن عجلان، ونظرائه، ويطرق لأهل البدع علينا، فيجدون السبيل بأن يقولوا لحديث إذا احتج عليهم به = ليس هذا في كتاب الصحيح! ورأيته يذم وضع هذا الكتاب، ويؤنبه. فلما رجعت إلى نيسابور في المرة الثانية، ذكرت لمسلم بن الحجاج إنكار أبي زرعة عليه روايته في هذا الكتاب عن أسباط بن نصر، وقطن بن نسير، وأحمد بن عيسى، فقال لي مسلم: إنما قلتُ صحيح، وإنما أدخلت من حديث أسباط، وقطن، وأحمد، ما قد رواه الثقات عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع، ويكون عندي من رواية من هو أوثق منهم بنزول، فاقتصر على أولئك، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات. وقدم مسلم بعد ذلك إلى الري، فبلغني أنه خرج إلى أبي عبد الله محمد بن مسلم بن وارة فجفاه، وعاتبه على هذا الكتاب، وقال له نحوا مما قاله أبو زرعة: إن هذا يطرق لأهل البدع علينا. فاعتذر إليه مسلم وقال: إنما أخرجت هذا الكتاب وقلت: هو صحاح، ولم أقل إن مالم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب: ضعيف، ولكني إنما أخرجت هذا من الحديث الصحيح، ليكون مجموعا عندي، وعند من يكتبه عني، فلا يرتاب في صحتها، ولم أقل: إن ما سواه ضعيف، ونحو ذلك مما اعتذر به مسلم إلى محمد بن مسلم، فقبل عذره وحدثه).
فالأحاديث التي لا تصح في صحيح مسلم هي الأحاديث التي انتقدها الأئمة المتقدمون فان وافقهم المتأخرون فقد أصابوا، و ان خالفوهم فقد أخطئوا، و الله أعلم.
أشكركم على ردوكم وجزاكم الله خيرا.
بارك الله فيك
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 10 - 10, 09:25 م]ـ
http://www.ibnamin.com/daef_bukhari_muslim.htm#_Toc92456657
ـ[أديب بشير]ــــــــ[07 - 11 - 10, 06:07 م]ـ
ثانيا: نقد المتن:
1 - في رواية أبي نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة: عَنْ جَابِرٍ ( http://www.islamweb.net/hadith/RawyDetails.php?RawyID=2069)، قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ مَرَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ، فَأَعْجَبَتْهُ، فَقَامَ فَدَخَلَ الْبَيْتَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ ... "
قلت: وإن تعجب فعجب أن هذه القصة الواهية المنكرة تجعل النبي صلى الله عليه وسلم يترك أصحابه جالسين لأن امرأة مرت به فوقعت شهوة النساء في قلبه صلى الله عليه وسلم فقام ليأتي بعض أزواجه فأصابها، كل هذا والصحابة رضي اللَّه عنهم جالسون ثم يقضي حاجته، ثم يخرج، ونتساءل هل الصحابة أملك لأنفسهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
و كأنك لم تقرأ الاية (52) من سورة الأحزاب:
(لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا)
و جاء في تفسير ابن كثير:
(ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وابن زيد وابن جرير وغيرهم أن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورضا عنهن على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة لما خيرهن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما تقدم في الآية فلما اخترن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان جزاؤهن أن الله تعالى قصره عليهن وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ولو أعجبه حسنهن إلا الإماء والسراري فلا حرج عليه فيهن)
و كأنك لم تقرأ في صحيح البخاري (فنظر إليها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فصعد النظر إليها وصوبه، ثم طأطأرأسه)
و النص الذي استنكرته فيه أنها (أعجبته)، أما قولك (فوقعت شهوة النساء في قلبه) فهذه من كيسك، و ليست من لوازم الاعجاب و انما تنشأ من الاسترسال في النظر و التفكير، و حتى لو كانت من لوازمه فالقران اقتضاها، و كونه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ترك أصحابه ليقضي حاجته فهذا للتشريع اذ ذلك أدعى للحفظ و التطبيق، ثم ما الذي يحتاج الى التأويل هنا؟
¥