تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلتُ: لكن خولف عبد الرزاق فيه عن معمر! خالفه رباح بن زيد القرشي الثقة المشهور! فرواه عن معمر فقال: عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن مولى لآل الزبير به ... هكذا أخرجه أحمد في «مسنده» [1/ 455/طبعة عالم الكتب]، وكما في «إتحاف المهرة» [4/ 555]، و «أطراف المسند» [2/ 360/طبعة دار ابن كثير]، ثنا إبراهيم بن خالد ثنا رباح عن معمر به ...

قلتُ: قد وقع في أكثر طبعات «المسند»: «عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن مولى لآل الزبير أن الزبير بن العوام حدثه»! هكذا بزيادة: «الزبير بن العوام»! وهي زيادة مقحمة بلا ريب. ولم يفطن لها جماعة ممن تكلموا على هذا الحديث من المتأخرين!

أما بحر بن كنيز وعثمان بن مقسم: فهما في وادٍ آخر!! فقد بلغ بهما التخليط مبلغًا جعلهما يرويانه عن ابن أبي كثير فيقولان: عن زيد بن أسلم عن أبي سلام عن الزبير بن العوام به ... !! هكذا أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» [1/ 223/طبعة مكتبة الغرباء الأثرية]، حدثنا بشر بن موسى نا معلى بن عباد بن يعلى نا بحر بن كنيز وعثمان بن مقسم كلاهما به ...

قلتُ: وهذا إسناد ما كان، قد أُسقِطَ من عالم النسيان!

وبحر بن كنيز: قد غرق في بحر الهجران منذ زمان!! وقد تركه جماعة!! وهو من رجال ابن ماجه وحده!

أما عثمان بن مقسم: فقد قُسِمَ له بالكذب على لسان جماعة من النقاد!! راجع ترجمته من اللسان [155/ 4].

والمحفوظ في هذا الحديث: هو قول حرب بن شداد ومن جوَّده عن ابن أبي كثير عن يعيش بن الوليد عن مولى للزبير عن الزبير به ...

وهذا هو الذي رجحه الدارقطني في العلل [247/ 4]، وقبله صححه أبو زرعة الرازي كما مضى. ونحوه أشار البزار.

وهو إسناد ضعيف؛ لجهالة مولى الزبير كما سبق ذكره. لكن: للحديث شواهد تقويه إن شاء الله:

1 - فلقوله: «دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء»: شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: «سيصيب أمتي داء الأمم: فقالوا: يا رسول الله: وما داء الأمم؟! قال: الأشر والبطر والتكاثر والتناجش في الدنيا، والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي، ثم يكون الهرج». أخرجه الحاكم [185/ 4]، والطبراني في الأوسط [9/ رقم/ 9016]، وابن أبي الدنيا في العقوبات [رقم/ 261]، وفي «ذم الحسد»، وفي «ذم البغي» [رقم/2]، وابن وضاح في البدع [رقم/ 224]، وابن أبي حاتم في العلل [6/ 302 - 303/طبعة سعد الحميد]، وغيرهم، من طريق بن وهب أخبرني أبو هانيء حميد بن هانيء الخولاني حدثني أبو سعيد الغفاري أنه قال: سمعت أبا هريرة به ... وليس عند الحاكم قوله: «ثم يكون الهرج».

قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن أبي سعيد الغفاري إلا أبو هانيء». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وقال العراقي في المغني [156/ 3]،: «أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الحسد والطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة بإسناد جيد». وتابعه الإمام في الصحيحة [296/ 2]، وقال الهيثمي في «المجمع» [1/ 600]: «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أبو سعيد الغفاري لم يرو عنه غير حميد بن هانئ، وبقية رجاله وثقوا».

قلتُ: ومداره على «أبي سعيد الغفاري»؟ وقد ترجمه الحافظ في «التعجيل» فقال: «أبو سعيد الغفاري: عن أبى هريرة في نزع الحرير من الثوب روى عنه أبو هانئ حميد بن هانئ، استدركه شيخنا الهيثمي وقال: ذكره بن حبان في «الثقات» ... ». ثم قال الحافظ: «قلت: والذي في نسخة شيخنا- يعني الهيثمي- من «ثقات ابن حبان» وهو بخط الحافظ أبي على البكري: «أبو سعد» بسكون العين، وقال: «مولى بنى غفار» وكذا رأيته في «ترتيب المسند» لابن المحب وكذا هو في «الكنى» لأبي أحمد وقال: «حديثه في المصريين» وتبع في ذلك البخاري، فإنه ذكره وذكر حديثه عن عبد الله بن يزيد المقرئ شيخ أحمد فيه- يعني في الحديث المذكور أول ترجمته- ثم وجدته في «تاريخ بن يونس» فقال: «مولى بني غفار روى عنه أبو هانئ وخلاد بن سليمان الحضرمي» فأفاد عنه راويا آخر».

قلتُ: وبـ: «أبي سعد الغفاري» ترجمه الأكثرون. وهو الذي جزم به أبو حاتم الرازي كما في العلل [6/ 302].

فالحاصل: أنه شيخ غفاري روى عنه ثقتان، وذكره ابن حبان في «الثقات». ولا يطمئن القلب بهذا إلى تحسين ما ينفرد به! لكن حديثه هنا: شاهد صالح لحديث الزبير، فأرجو أن يتقوى أحدهما بالآخر إن شاء الله.2 - ويشهد لقوله: «وهي الحالقة: لا أقول حالقة الشعر!! ولكن حالقة الدين»: حديث أبي هريرة مرفوعًا: «والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تسلموا، ولا تسلموا حتى تحابوا، وأفشوا السلام تحابوا، وإياكم والبغضة فإنها هي الحالقة لا أقول لكم تحلق الشعر ولكن تحلق الدين». أخرجه البخاري في الأدب [رقم/ 260]، وأبو جعفر ابن البختري في " مجلس من إملائه /ضمن مجموع مؤلفاته" [رقم/19]، من طريقين عن إبراهيم بن أبي أسيد عن جده عن أبي هريرة به ...

قلت: وسنده صالح في الشواهد؛ فيه جهالة جد إبراهيم. وله شاهد آخر: من حديث ابن عباس مرفوعًا: «دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر». أخرجه ابن عدي في الكامل [4/ 198]، بسند تالف!

وفي الباب: عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وإياكم والبغضة فانها هي الحالقة). أخرجه ابن المبارك في " الزهد " [رقم/738]، وابن عبد البر في التمهيد [23/ 145 - 146]، وجماعة من طرق عن يحيى بن سعيد به ...

قلت: وهذا مرسل من أصح ما يكون في الدنيا! وقد اختلف في سنده ووصله وإرساله على يحيى بن سعيد! والوجه الماضي هو المحفوظ عنه كما جزم به الدارقطني وغيره.

3 - ويشهد لباقي الحديث: «والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم؟ أفشوا السلام»: حديث أبي هريرة عند مسلم [54]، وأبي داود [5193]، والترمذي [2688]، وابن ماجه [68]، وأحمد [391/ 2]، وجماعة كثيرة. والله المستعان.

انتهى بحروفه من: (رحمات الملأ الأعلى بتخريج مسند أبي يعلى) [رقم/669].

وكتبه العبد الفقير العاثر: أبو المظفر السناري.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير