تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ).

ففي إسناد الشاهد الأول عكرمة بن عمار، وفيه كلام. وبالغ ابن حزم فاتهمه بالكذب ووضع الحديث كما في كتابه الإحكام (6

199). وهو غير عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس، فلا تخلط بينهما. والراوي عنه هو النضر بن محمد، فيه جهالة، لم يوثقه إلا العجلي وذكره ابن حبان في الثقات، وتوثيقهما أضعف أنواع التوثيق. وإخراج مسلم له ليس بتوثيق، لأنه في الشواهد لا في الأصول.

أما عكرمة بن عمار فهو ثقة الا في حديثه عن يحيى بن أبي كثير، و هذا ليس منه، فاتهام ابن حزم لعكرمة بالكذب مما لا يعتد به، و لا يلتفت اليه، و لا يعول عليه خاصة اذا علمنا أن لابن حزم منهج قد انفرد به دون أهل العلم قاطبة.

قال الذهبي في "الكاشف" (3866): عكرمة بن عمار الحنفي اليمامي عن الهرماس وله صحبة وعن طاوس وجماعة وعنه شعبة والقطان وعبد الرزاق ثقة إلا في يحيى بن أبي كثير فمضطرب وكان مجاب الدعوة مات 159

و أما النضر بن محمد فهو ثقة له أفراد، و ليس فيه جهالة كما قال الشيخ عفا الله عنه، فاذا كان الراوي إذا لم يرد فيه جرح ولا تعديل ووثقه من لا يعتدّ بتوثيقه فإن ذلك ينفعه، فكيف و قد وثقه ابن حبان و العجلي، و هم من الأئمة في هذا الشأن، نعم في بعض أحكامهم تساهل، و ليس في كلها، بل و اعتمد كلامهما الذهبي و ابن حجر، و هما المعول عليهما في التوفيق بين أقوال القدماء.

قال الذهبي في الكاشف (5480): النضر بن محمد الجرشي اليمامي عن عكرمة بن عمار وشعبة وعنه أحمد العجلي ومؤمل بن يهاب ثقة.

قال ابن حجر في التقريب (2/ 247): النضر بن محمد بن موسى الجرشي بالجيم المضمومة والشين غدا أبو محمد اليمامي مولى بني أمية ثقة له أفراد من التاسعة.

كما أن في إسناد تلك الرواية الموضوعة حماد بن سلمة. وهو وإن كان من أئمة أهل السنة، فهو كثير الأوهام خاصة لما كبر. وفوق هذا فهو يروي بالمعنى ويتوسع جداً بهذا، وكثيراً ما يتحرّف الحديث ويصبح حسب فهمه أو وهمه. قال عنه ابن حبان في صحيحه (1

154): «كان يسمع الحديث عن أيوب وهشام وابن عون ويونس وخالد وقتادة عن ابن سيرين، فيتحرى المعنى ويجمع في اللفظ». وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل (9

66): «حماد ساء حفظه في آخر عمره». وروى الذهلي عن أحمد أنه قال: «كان حماد بن سلمة يخطئ –وأومأ أحمد بيده– خطأً كثيراً». وقال الذهبي في "السير" (7

446): «قال أبو عبد الله الحاكم: قد قيل في سوء حفظ حماد بن سلمة، وجمعه بين جماعة في الإسناد بلفظ واحد، ولم يخّرج له مسلم في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وله في كتابه أحاديث في الشواهد عن غير ثابت». وكلام الحاكم موجود مطولاً بالأمثلة في كتابه "المدخل إلى الصحيح" باب "من عيب على مسلم إخراج حديثه والإجابة عنه". وأشار الترمذي في علله (1

120) إلى أن بعض أهل الحديث قد تكلموا في حفظ حماد. ونقل الذهبي في السير (7

446 و 452) والزيلعي في نصب الراية (1

285)، عن البيهقي في "الخلافيات" أنه قال في حماد بن سلمة: « .. لما طعن في السن ساء حفظه. فلذلك لم يحتج به البخاري. وأما مسلم فاجتهد فيه وأخرج من حديثه عن ثابت مما سُمِعَ منه قبل تغيّره. وأما سوى حديثه عن ثابت فأخرج نحو اثني عشر حديثاً في الشواهد دون الاحتجاج. فالاحتياط أن لا يُحتج به فيما يخالف الثقات». قلت وهو هنا قد أخطأ وخالف بروايته رواية الثقات، والكتاب والسنة وأمراً معلوماً من الدِّين بالضرورة، وهو أن الله أعلم من جميع خلقه بكل شيء، بما في ذلك أمور دنياهم.

رأينا الشيخ عفا الله عنه ينقل عن الأئمة سوء حفظه و تصرفه في الأحاديث، و لم نراه ينقل عنهم أنه ثقة ثبت في رواة بعينهم قد اختص بهم و هم: ثابت البناني و حميد الطويل و على بن زيد بن جدعان و محمد بن زياد البصري و عمار بن أبي عمار، و هذا دليل على أنه قد ضبط رواياته عنهم، و اعتنى بها، و سلمت من أوهامه.

و هذه أقوال العلماء رحمهم الله في رواية حماد بن سلمة عن ثابت البناني:

قال أحمد: حماد بن سلمة أثبت في ثابت من معمر.

وقال ابن المديني: لم يكنفي أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير