والظاهر أن توثيق من وثقه منصرفٌ إلى دينه وزهده؛ فقد أُثني عليه في ذلك كثيرًا، حتى عدَّه أبو حاتم الرازي في أورع من لقي من الشيوخ.
وكلامُ مَنْ لقي الشيخ وتحمَّل عنه ليس في مرتبة كلام من سَبَر حديثَه، وقارن بين رواياته وروايات غيره؛ فإنه قد يظهر للثاني ما لا يظهر للأول، ومن ذلك: كلام أبي حاتم في ثابتٍ هذا، ولهذا نظائر.
وأما تخريج البخاري له؛ فقال ابن حجر: «روى عنه البخاري في الصحيح حديثَين في الهبة والتوحيد لم ينفرد بهما» ([9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn9)).
فالراجح في ثابت: أنه ضعيفٌ غير ضابط.
وأما شيخه: الحارث بن النعمان الليثي؛ فقال فيه البخاري والأزدي: «منكر الحديث»، وقال أبو حاتم الرازي: «ليس بقويِّ الحديث» ([10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn10))، وقال النسائي: «ليس بثقة» ([11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn11))، وعدَّ له العقيلي أحاديث مناكير يرويها عن أنس -رضي الله عنه-.
وكلمة البخاري: «منكر الحديث» جرحٌ شديدٌ عنده -كما هو معلوم-، وتؤيده كلمات الأئمة، فالرجل شديد الضعف.
وتفرُّده بالحديث عن أنس -مع أن له مناكير عنه- منكر، وتفرُّد ثابت بن محمد عنه منكرٌ -أيضًا-؛ لضعفه، فالحديث عن أنس منكرٌ شديد الضعف.
وقد ضعَّف هذا الحديثَ أحمد بن نصر الداودي، والبيهقي -ويأتي نقل كلامهما-، وقال ابن كثير: «وفي إسناده ضعف، وفي متنه نكارة» ([12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn12)).
2- حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-:
ويرويه عنه عطاء بن أبي رباح، وجاء عنه من طريقَين:
أ- رواية يزيد بن سنان الرهاوي:
# التخريج:
أخرجه عبد بن حميد (1002)، وابن ماجه (4126)؛ عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعبدالله بن سعيد الأشج في حديثه (75) -ومن طريقه ابن ماجه (4126)، والسلمي في الأربعين في التصوف (15)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 111)، وابن عساكر في معجمه (1190)، وابن الجوزي في الموضوعات (3/ 141)، وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (3/ 34)، وابن البخاري في مشيخته (671)، والذهبي في معجم الشيوخ (2/ 302)، وتذكرة الحفاظ (1/ 89) -؛ كلاهما (ابن أبي شيبة، والأشج) عن أبي خالد الأحمر،
والطبراني في الدعاء (1425) من طريق أبي فروة الأصغر: يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، والمؤمل بن أحمد الشيباني في السادس من فوائده (13/مجموع عشرة أجزاء حديثية) من طريق إبراهيم، والقضاعي في مسند الشهاب (1126) من طريق أحمد بن محمد بن يعقوب الدارمي؛ ثلاثتهم (أبو فروة الأصغر، وإبراهيم، والدارمي) عن محمد بن أبي فروة: يزيد بن سنان،
كلاهما (أبو خالد الأحمر، ومحمد بن أبي فروة) عن أبي فروة يزيد بن سنان، عن أبي المبارك، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخدري، قال: أحِبُّوا المساكين؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: «اللهم أحيِني مسكينًا، وأمِتني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين»، لفظ أبي خالد الأحمر. وقال إبراهيم عن محمد بن يزيد بن سنان: عن عطاء، قال: سمعت أبا سعيد يقول: يا أيها الناس؛ لا تحملنَّكم الفاقة والعسرة أن تَطلبوا الرزق من غير حِلِّه؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اللهم توفَّني فقيرًا، ولا توفني غَنيًّا، واحشُرني في زُمرة المساكين يوم القيامة؛ فإن أشقى الأشقياء من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة». واختُصر لفظ أبي فروة الأصغر عن أبيه، ورُوي بالمعنى؛ فجاء فيه: «اللهم أحيِني مسكينًا، وتوفني مسكينًا، واحشُرني في زُمرة المساكين». واختُصر لفظ أحمد بن محمد الدارمي، فلم يجئ فيه إلا قوله: «إن أشقى الأشقياء: من اجتَمَع عليه فقرُ الدنيا وعذابُ الآخرة»، قال القضاعي عَقِبَه: «مختصر».
إلا أن ابن أبي فروة: محمد بن يزيد بن سنان= أسقط أبا المبارك من الإسناد، وجعله عن أبي فروة، عن عطاء مباشرة.
# دراسة الأسانيد:
قال خلف الواسطي الحافظ -عقب رواية محمد بن أبي فروة عن أبيه-: «هذا حديثٌ غريبٌ من حديث عطاء عن أبي سعيد، لا أعلم له وجهًا غير هذا» ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn13)).
¥