و قال ابن عساكر -عقب إخراج رواية أبي خالد الأحمر-: «هذا حديثٌ غريب» ([14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn14)).
ويُستدرك على خلف الواسطي الطريقُ الثانية عن عطاء، وتأتي.
ويظهر أن ابن عساكر لم يكن يريد بغرابته: تفرد راويه به عن أبي فروة، وإنما أراد: غرابته عن عطاء بن أبي رباح، وعدم شُهرته عنه، ويأتي ما يوضح ذلك.
وقد اختُلف عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي في روايته هذه:
- فرواه أبو خالد الأحمر عنه، عن أبي المبارك، عن عطاء، عن أبي سعيد،
- ورواه ابنه محمد عنه، عن عطاء، عن أبي سعيد؛ بإسقاط أبي المبارك.
وحال أبي خالد الأحمر أحسن من حال محمد بن أبي فروة، إلا أن أبا زرعة الرازي راعى قرينة كون محمد ابنًا لشيخهما، فرجَّح في حديثٍ آخرَ روايتَه على رواية أبي خالد، بل وعلى رواية أوثقَ من أبي خالد، وهو الحافظ الثبت: وكيع بن الجراح، وقال: «حديث محمد بن يزيد أشبهُ عن أبيه؛ لأنه أفهمُ بحديث أبيه؛ أنْ كان كُتُب أبيه عندَه، ويزيد بن سنان ليس بقويِّ الحديث» ([15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn15)).
وكلام أبي زرعة صالحٌ للتطبيق في حديثنا هذا، فلعل أبا فروة حدَّث أبا خالد الأحمر من حفظه، فذكر أبا المبارك، وأما الحديث في كتبه؛ فبإسقاط أبي المبارك، وهي رواية ابنه محمد عنه.
ولا شكَّ أن الحديث في الكتاب هو الأصل، وأن التحديث من الحفظ مظنة الغلط.
وأشار أبو زرعة في خاتمة كلامه إلى ضعف أبي فروة، ولعله أراد احتمالَ كون هذا التلَوُّن والاختلاف من قِبَله، وهذا ما أشار إليه ابن عدي؛ حيث أخرج الحديثَ الذي تكلَّم عليه أبو زرعة من رواية أبي خالد الأحمر، ثم قال: «هذا الحديث يرويه يزيد بن سنان لونَين ... »، ثم أسند روايةَ ابن أبي فروة: محمد بن يزيد بن سنان، وقال: «وهاتان الروايتان رواهما يزيدُ بن سنان؛ غير محفوظتَين» ([16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn16)).
والاختلاف على أبي فروة في حديثنا هذا يدلُّ على اضطرابه وتلوُّنه فيه -أيضًا-.
وأبو فروة -في أصله- متكلَّمٌ فيه: فقد ضعفه أحمد، وقال -في رواية-: «ليس حديثه بشيء»، وقال ابن معين: «ليس حديثه بشيء»، وقال -في رواية-: «ليس بشيء»، وقال -في رواية-: «ليس بثقة»، وضعفه ابن المديني، وقال محمد بن عبدالله بن عمار: «منكر الحديث»، وقال أبو داود: «ليس بشيء»، وقال النسائي: «متروك الحديث»، وفي موضع: «ليس بثقة»، وقال أبو زرعة: «ليس بقويِّ الحديث»، وقال أبو حاتم: «محله الصدق، والغالب عليه الغفلة، يكتب حديثه، ولا يحتج به»، وقال ابن حبان: «كان ممن يخطئ كثيرًا حتى يروي عن الثقات ما لا يُشبه حديث الأثبات، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا وافق الثقات، فكيف إذا انفرد بالمعضلات؟»، وقال ابن عدي: «ولأبي فروة الرهاوي هذا حديثٌ صالح، ويروي عن زيد بن أبي أنيسة نسخةً ينفرد فيها عن زيد بأحاديث، وله عن غير زيدٍ أحاديثُ متفرقةٌ عن الشيوخ، وعامة حديثه غير محفوظ»، ولغير هؤلاء من الأئمة كلماتٌ أخرى في تضعيفه ([17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn17)).
ومجموعُ كلمات الأئمة تدل على ضعفه الشديد، وأنه صاحب مناكير وأخطاء كثيرةٍ دخلت عليه من غَلَبةِ غفلته عليه، وقلَّة ضبطه وعنايته، حتى صار عامَّة حديث مُنكرًا غيرَ محفوظ، فصار متروكًا.
وإن صحَّ في روايته أنه ذكر أبا المبارك في الإسناد؛ فأبو المبارك مجهول العين، قال الترمذي: «رجلٌ مجهول»، وقال أبو حاتم: «مجهول»، وقال -في موضع آخر-: «شبه مجهول» ([18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn18))، وقال ابن عبدالبر: «ليس بالمشهور» ([19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn19))، وقال ابن عساكر: «لا يُعرف له اسم» ([20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn20))، وقال الذهبي: «لا يُدرَى من هو»، وقال: «فأبو المبارك لا تقوم به حجة؛ لجهالته» ([21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=40#_ftn21)).
¥