تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صدق المسلم وصراحته: إن النعمان رضي الله عنه كان مثال المؤمن الصريح بقلبه وقالبه، فهو لا يريد أن يتظاهر بالتقوى والصلاح مما ليس في نفسه أن يفعله، أو لا يقوم به فعلاً، بل هو إنسان يريد النجاة والفلاح، وهو على استعداد أن يلتزم كل ما من شأنه أن يوصله إلى ذلك.

الزكاة والحج فريضتان محكمتان: فالتزام هذين الركنين ممن وجبا عليه، شرط أساسي في نجاته من النار ودخوله الجنة دون عذاب.

ولم يذكرهما النعمان رضي الله عنه بخصوصهما - كما ذكر الصلاة والصوم - إما لأنهما لم يفرضا بعد، وإما لكونه غير مكلف بهما لفقره وعدم استطاعته، أو لأنهما يدخلان في تعميمه بعدُ بقوله: وأحللت الحلال وحرمت الحرام، فإنه يستلزم فعل الفرائض كلها، لأنها من الحلال الواجب، وتركها من الحرام الممنوع.

أهمية الصلاة والصيام: إن تصدير هذا السائل سؤاله بأداء الصلوات المفروضة، يدل دلالة واضحة على ما استقر في نفوس الصحابة رضي الله عنهم من تعظيم أمرها والاهتمام بها، وكيف لا؟ وهي عماد الدين، وعنوان المسلم يؤديها في اليوم والليلة خمس مرات، محافظاً على أركانها وواجباتها، وسننها وآدابها. [انظر الحديث 3]

وأما الصوم: فهو في المرتبة الثانية بعد الصلاة، وإن كان لا يقل عنها في الفرضية، فقد أجمعت الأمة على أنه أحد أركان الإسلام التي عُلمت من الدين بالضرورة. [انظر الحديث 3]

فعل الواجب وترك المحرم وقاية من النار: الأصل في عبادة الله عز وجل المحافظة على الفرائض مع ترك المحرمات، فمن فعل ذلك فاز أيما فوز وأفلح أيما فلاح، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، شهدتُ أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصلَّيت الخمس، وأديت زكاة مالي، وصمت شهر رمضان؟. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ماتَ على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصبَ أُصبعيه - ما لم يعقَّ والديه". يعق من العقوق، وهو عدم الإحسان إلى الوالدين كما أمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الإتيان بالنوافل زيادة قرب من الله تعالى وكمال: والمسلم الذي يرجو النجاة، وتطمح نفسه إلى رفيع الدرجات عند الله عز وجل، لا يترك نافلة ولا يقرب مكروهاً، ولا يفرق فيما يطلب منه بين واجب أو مفروض أو مندوب، كما لا يفرق فيما نهي عنه بين محرم أو مكروه.

وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة يفعلون، لا يفرقون فيما أُمِروا به أو نُهُوا عنه، بل يلتزمون قول الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. رغبة في الثواب، وطمعاً في الرحمة والرضوان، وإشفاقاً من المعصية والحرمان.

ونحن إذ نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقر ذلك الصحابي على إعلانه: "والله لا أزيد على ذلك شيئاً "، ولا ينبهه إلى فضل الزيادة والتطوع، نعلم أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك تيسيراً عليه وتسهيلاً، وتعليماً للقادة والهداة إلى الله عز وجل: أن يبثُّوا روح الأمل في النفوس، وأن يتخلقوا بالسماحة والرفق، وتقريراً لما جاء به الإسلام من التيسير ورفع الحرج. على أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أن هذا المؤمن التقي حين يعبد الله عز وجل بما افترض عليه، ويصل به قلبه، ينشرح صدره، ويشعر باطمئنان نفسي ومتعة روحية، فيحمله كل ذلك على الشغف بالعبادة، والرغبة في الزيادة من مرضاة الله عز وجل، بأداء النوافل وترك المكروه.

التحليل والتحريم تشريع، لا يكون إلا لله تعالى: إن أصل الإيمان: أن يعتقد المسلم حِلَّ ما أحلَّه الله عز وجل وحرمة ما حرمه، سواء فعل المحرم أم ترك الحلال، فإن زعم إنسان لنفسه أنه يستطيع أن يحرم ما ثبت حله في شرع الله عز وجل، أو يحلل ما ثبتت حرمته، فإنه بذلك يتطاول على حق الله عز وجل، الذي له وحده سلطة التشريع، والتحليل والتحريم، فمن اعتقد أن له أن يشرع خلاف ما شرعه الله عز وجل، وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يشرع بهواه دون التزام قواعد التشريع الإسلامي، فقد خرج عن الإسلام، وبرئ منه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]. وقد ثبت أنها نزلت في بعض الصحابة الذين أرادوا أن يحرموا على أنفسهم بعض الطيبات تقشفاً وزهداً، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: "لكني أُصلِّي وأنام، وأصومُ وأُفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". رواه البخاري ومسلم.

الحِنْث باليمين والبِرُّ به: من حلف أن يفعل خيراً وما فيه طاعة فالأفضل له البر بيمينه، أي أن يفعل ما حلف على فعله لقوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 89] أي احفظوها عن أن تحنثوا فيها. ومن حلف على ترك واجب أو فعل معصية وجب عليه الحنث بيمينه، أي أن يخالف يمينه ولا يفعل ما أقسم على فعله، روى أبو داود وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من حلف على معصية فلا يمين له".

وأفاد الحديث:

أن على المسلم أن يسأل أهل العلم عن شرائع الإسلام، وما يجب عليه وما يحلُّ له وما يحرم، إن كان يجهل ذلك، ليسيرَ على هدى في حياته: وتطمئنَ نفسُه لسلامة عمله.

كما أفاد: أن على المعلم أن يتوسع بالمتعلم: ويبشره بالخير، ويأخذه باليسر والترغيب.

ومن حلف على ترك خيرٍ غير واجب عليه، فالأفضل في حقه أن يحنث، لأنه خير له، روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على يمينٍ ورأى غيرها خيراً منها، فليأتِ الذي هو خير وليُكَفِّر عن يمينه"

ساعدووووووووني الله يخليكم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير