تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثا: أنه قد رواها على الصواب أيضا، كرواية خالد؛ فيما أخرجه النسائي في ((سننه)) (رقم: 4413)، حيث قال: أخبرنا محمد بن رافع، حدثنا عبدالرزاق، عن معمر عن أيوب به بلفظ: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)).

بل رواه جمع عن أيوب بلفظ خالد و عاصم.

فقد أخرجه أبوعوانة (5/ 190 - 191) من طريق يونس عن ابن عيينة؛ و أيضا (5/ 191) من طريق سليمان عن حماد؛ و أيضا (5/ 191) من طريق عبدالرحيم بن سليمان عن أشعث بن سوار؛ و الطبراني (رقم: 7122) من طريق سهل بن بكار عن وهيب (الأصل: وهب)، كلهم عن أيوب عن أبي قتادة به.

و هذه أسانيد صحيحة مشهورة غاية، سوى إسناد أشعث، ففيه لين خفيف؛ فهو: صدوق، صالح الحديث، على لين فيه.

و يونس هو: ابن عبدالأعلى، و سليمان هو: ابن حرب، يروي عن الحمادين، و المراد هنا: ابن زيد، فهو به ألزم، لازمه تسع عشرة سنة.

قلت: فرواية الأربعة: حماد بن زيد و ابن عيينة و وهيب - وهم ثقات أثبات - و أشعث:تنادي بشذوذ، بل نكارة: لفظ رواية الدبري عن عبدالرزاق عن معمر.

فإن قيل: لم لا تكون من قبيل: زيادة الثقة؟!

قلنا: الجواب على هذا من أوجه:

أولا: أن مسألة زيادة الثقة: ليس الضابط فيها ثقة الزائد، أو حفظه أو كثرته، و إنما هي تدور مع القرينة المرجحة لإحدى جهتي الخلاف، فليس الوصل مقبولا مطلقا، و لا كذلك الرفع؛ بل الأمر في ذلك يدور مع القرائن، و هذا ما جرى عليه متقدمو الحفاظ و أئمة الحديث، و لا يخلو الأمر البتة عن قرينة دالة على الصواب.

ثانيا: أن مسألتنا هذه ليست من قبيل زيادة الثقة، بل من قبيل المخالفة: التي إذا قبلنا فيها قول معمر رددنا فيها قول خالد الحذاء، و هذا بين.

فلو أن معمرا ذكر ما ذكرته رواية الجماعة، و زاد عليها لكان الأمر متوجها؛ لكنه أبدل جملة ((إن الله كتب الإحسان ((بجملة)) إن الله محسن يحب الإحسان إلى كل شيء .. )).

ثم لو سلمنا على سبيل التنزل: أنها من باب زيادات الثقات، لكان هذا منتفيا في رواية معمر، فهي مخالفة لنفسها في رواية معمر نفسه الموافقة لرواية الجماعة، و هو الآتي.

ثالثا: أن رواية معمر المتقدمة:خالفت روايات ثلاث طبقات: خالفت رواية معمر من رواية عبدالرزاق نفسه عند النسائي، و خالفت الجماعة عن أيوب، و خالفت: أصحاب أبي قتادة - خالد الحذاء و عاصم الأحول و أيوب -.

و هاهنا تنبيهات:

التنبيه الأول: جاءت رواية خالد الحذاء من طريق عبدالوهاب الثقفي عنه عند البيهقي (9/ 280) هكذا: ((إن الله محسان (1)! كتب الإحسان على كل شيء .. ))

أخرجها من طريق أحمد بن سلمة ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبا عبدالوهاب بن عبدالمجيد الثقفي به.

قلت: و هذه اللفظة غير محفوظة أيضا، فقد روى طريقَ عبدالوهاب: مسلمٌ في ((صحيحه)) (رقم: 1955 / ص: 1549) عن إسحاق بن راهويه عن عبدالوهاب به، و هو نفس الطريق، و قال مسلم في آخره: بمعنى حديثه، أي: ابن علية عن خالد.


(1): كذا في الأصل و هو على رأي سيبويه: رجل محسن و محسان.
فلو كانت فيه هذه الزيادة لبينها، كما هو منهجه في زيادات الألفاظ، و لتقرير هذا موضع آخر.
و قد رواها ابن ماجه (رقم:3170) عن محمدبن المثنى؛ و الطحاوي في ((شرح المعاني)) (3/ 184) فقال: ثنا إسماعيل بن يحيى المزني، ثنا محمد بن إدريس الشافعي،كلاهما:أنا عبدالوهاب فذكره بلفظ: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء .. )).
فهذا يبين أن ما في رواية البيهقي خطأ، لكن لا أدري ممن هو؟، و يحتمل أنه من ابن سلمة، اشتبه عليه لفظ معمر بلفظ غيره.
التنبيه الثاني: قد وقع اختلاف في سند الحديث من رواية منصور عن خالد.
فقد رواه عبيدالله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عن خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن أبي الأشعث عن شداد: أخرجه النسائي (رقم: 4412) و أبوعوانة (5/ 191) و البيهقي في ((الشعب)) (رقم:11052).
قال أبوعوانة: ((و هذا خطأ)).
و قال البيهقي: ((كذا قال إسرائيل، و خالفه جرير (1)).
و قال ابن كثير في ((جامع المسانيد)) (4/ 204): ((و قع في بعض روايات النسائي زيادة أبي أسماء الرحبي بين أبي الأشعث و شداد، و أظن ذلك وهما من بعض الرواة و الله أعلم)).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير