ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[17 - 12 - 10, 02:30 م]ـ
الأخ المكرَّم أبا القاسم البيضاوي .. أحسن الله إليك وأصلح بالك
اختلاط أبي إسحاق
الأمر مختَلَفٌ فيه على قولين: مَن أثبت له الاختلاط، ومَن لم يثبته. والذين أثبتوه أقدم كما لا يخفى، بل منهم إسرائيل نفسه! قال أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (1212، ص223): ((وحدثني عبد الله بن جعفر، عن عبيد الله بن عمرو قال: جئتُ محمد بن سوقة معي شفيعاً عند أبي إسحاق. فقلتُ لإسرائيل: استأذِن لنا الشيخ. فقال لنا: "صلَّى بنا الشيخ البارحة، فاختلط". قال: فدخلنا عليه، فسلَّمنا وخرجنا)). اهـ ولم يكن المتقدمون كأحمد وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين ليلتبس عليهم الاختلاط بالتغير.
وعلى أية حال فأبو إسحاق عند الفريق الآخر - وإن لم يقولوا باختلاطه - قد ساء حفظه وتغير بآخرة. قال الذهبي: ((شاخ ونسي ولم يختلط)). وقال أيضاً: ((وقد كبر وتغير حفظه ولم يختلط)). اهـ والمحصِّلة تكاد تكون واحدة، وهو أنَّ حديث مَن سمع منه بآخرة أقلُّ رتبةً مِمَّن سماعه مِنه قديم. وهذا التفريق حاصل في كلام النقاد، سواء كان بسبب الاختلاط أم التغير. وإلا لصار تنبيه الأئمة على هذا المعنى لا معنى له!
سماع زهير من أبي إسحاق
إضافةً إلى ما نقلتُ أعلاه بهذا الخصوص، فقد قال أيضاً الترمذي في علله الكبير (بترتيب أبي طالب القاضي 11، ص29): ((وزهير في أبي إسحاق ليس بذاك، لأن سماعه من أبي إسحاق بأخرة، وأبو إسحاق في آخر زمانه كان قد ساء حفظه)). اهـ
المتابعات المرفوعة
تقول حفظك الله عن إسرائيل وزهير: ((لم يتفردا بهذا عن ابي اسحاق فقد وافقهما ثلاثة من الثقات فانتبه!)). اهـ
قلتُ: والثلاثة الذين تقصدهم هم: حمزة الزيات المقرئ، وعبد الجبار بن العباس، ومحمد بن جحادة.
- فأما الأول، فقال فيه الساجي: ((صدوق سيئ الحفظ ليس بمتقن في الحديث)). اهـ وقال فيه ابن حجر: ((صدوق زاهد ربما وهم)). اهـ وهذا جرح مفسَّر، مع ما تعلمه مِن حال القراء في الحديث.
- وأما الثاني، فقلتَ أكرمك الله: ((رَوى هذه الطريق الترمذيُّ عن ابن وكيع وليس هو بحُجّة)). اهـ وسفيان بن وكيع هذا متهم بالكذب لا يُشتغل به، فكيف يصلح للاعتبار؟ قال البخاري: ((يتكلمون فيه لأشياء لقنوه)). اهـ وقال أبو حاتم: ((له وراق أفسد حديثه)). اهـ وقال أبو زرعة: ((لا يُشتغل به .. كان يُتهم بالكذب)). اهـ
- وأما الثالث، فقلتَ أيضاً: ((وفي هذه الطريق إليه لين، لكن تصلح للاعتبار)). اهـ وذلك أنّ الراوي عنه هو عاصم بن هلال أبو النضر، وهو إلى الضعف ما هو.
والخلاصة التي أراها هو أن مثل هذه الطرق التي عرفتَ حال رجالها لا تصمد أمام رواية شعبة وهو مَن هو. فبقى الخلاف بيننا في مسألة الترجيح، والله الموفق.
تقديم رواية شعبة
سماعُ شعبة من أبي إسحاق قديم، وهو مقدَّم على الصغار الذين سمعوا مِن أبي إسحاق بآخرة كما أسلفنا. وهؤلاء الذين منهم زهير وإسرائيل نصَّ الإمام أحمد على أنهم يزيدون في الإسناد والمتن! فالأشبه بالصواب أن أبا إسحاق حدَّث بهذا الحديث قديماً موقوفاً، ورواه عنه شعبة. ثم حدَّث به مرفوعاً بعد أن اختلط، وأخذه عنه الصغار. قال شعبة: ((كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة)). اهـ فبان بذلك أن الرواية الموقوفة هي الأصح. وإلى هذا ذهب أيضاً الدارقطني في علله، وقد وقفتُ عليه بعد أن رأيته في إحدى المداخلات.
والله أعلى وأعلم
ـ[أبو القاسم البيضاوي]ــــــــ[17 - 12 - 10, 07:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ الناصح , والاخ أحمد: بارك الله فيكما على هذه المداخلات المفيدة
وبالنسبة للإختلاط أخي أحمد فإن الائمة كانوا يطلقونه على الاختلاط و التغير , فإذا أطلقوا هذه اللفظة وجب النظر في حال الراوي أكثر وفي مروياته لكي نميز هل المقصود أنه قل حفظه وأصبح ينسى أم أنه احتلط فأصبح يخلط في حديثه فيُرمى به؟!
وهذه فائدة مهمة فلا تنسها
أما قولك: ((وعلى أية حال فأبو إسحاق عند الفريق الآخر - وإن لم يقولوا باختلاطه - قد ساء حفظه وتغير بآخرة. قال الذهبي: ((شاخ ونسي ولم يختلط)). وقال أيضاً: ((وقد كبر وتغير حفظه ولم يختلط)). اهـ والمحصِّلة تكاد تكون واحدة، وهو أنَّ حديث مَن سمع منه بآخرة أقلُّ رتبةً مِمَّن سماعه مِنه قديم. وهذا التفريق حاصل في كلام النقاد، سواء كان بسبب الاختلاط أم التغير. وإلا لصار تنبيه الأئمة على هذا المعنى لا معنى له!))
ومَنِ الذي قال بأنه لا فرق بين رواية سفيان و شعبة و القدماء وبين رواية المتأخرين عنه؟؟!!
هذا لم أقله ولم يقله فيما أعلم أحد!
أما قولك: ((فأما الأول، فقال فيه الساجي: ((صدوق سيئ الحفظ ليس بمتقن في الحديث)). اهـ وقال فيه ابن حجر: ((صدوق زاهد ربما وهم)). اهـ وهذا جرح مفسَّر، مع ما تعلمه مِن حال القراء في الحديث))
فغير صحيح فقد شذ الساجي في هذا ولم يُسبق إليه والقول قول يحيى و احمد وغيرهما من الائمة النقاد قال حرب بن إسماعيل عن أحمد بن حنبل: ((ثقة)) وقال ابن سعد: ((كان رجلا صالحا عنده أحاديث، و كان صدوقا صاحب سنة)) وقال الامام احمد: ((حمزة الزيات، ثقة في الحديث)) وقال يحيى بن معين: ((ثقة)) وقال النسائي: ((ليس به بأس)) وقال العجلي: ((ثقة رجل صالح)) , فهؤلاء هم الائمة المعتمدون في هذا قد أطلقوا فيه التوثيق ولم يقل أحد منهم ما قاله الساجي , ومن الساجي أمام احمد و يحيى و النسائي؟؟!!
وقولك في القراء ليس بقاعدة , وهذا من الادلة على ذلك
وأخيرا: بعد أن اطلعت على كلام الدارقطني وغيره , فأقول أن القول قول أبي بسطام وأن الحديث موقوف لفظا مرفوع حكما , وهو مما لا يقال بالرأي
وأقول للأخ أسامة: أخي الحبيب الحديث صحيح بإذن الله
و الله أعلم.
¥