ورَحِمَ اللهُ علماءَ المسلمين-المتقدمين منهم والمتأخرين- فقد ورثوا للأمة علماً زاخراً يخدم كتاب الله وسنة رسوله ?، وإنَّ من حقهم على الأمّة الدعاء لهم، والترحم عليهم، والاستفادة من علومهم، وهذا هو منهج مَنْ تَبِعَهُم بإحسان قال تعالى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر: 10).».
(ث) قول يعقوب: «: «إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا .... » كثيراً ما يستعمل يعقوب بن شيبة لفظة (أصحابنا) في كلامه فمن ذلك قوله:
1– «ما رأيت أحداً من أصحابنا ممن ينظر في الحديث وينتقي الرجال؛ يقول في عمرو بن شعيب شيئاً، وحديثه عندهم صحيح وهو ثقة ثبت، والأحاديث التي أنكروا من حديثه إنما هي لقوم ضعفاء رووها عنه وما روى عنه الثقات فصحيح .. » (2).
2– وقوله: « .. سمعت غير واحد من أصحابنا منهم: محمد بن عبدالله بن نمير و أبا بكر بن أبي شيبة يقولان ذلك» (3).
3– وقوله: «حدثني غير واحد من أصحابنا منهم عبدالله بن شعيب سمعوا يحيى بن معين .. » (4).
4– وقوله: «عبدالعزيز بن أبان عند أصحابنا جميعاً متروكٌ، كثير الخطأ كثير الغلط، وقد ذكروه بأكثر من هذا، وسمعت محمد بن عبدالله بن نمير يقول: ما رأيت أبين أمراً منه، وقال هو كذاب» (5).
5– وقوله: «سمعت علي بن عاصم على اختلاف أصحابنا فيه، فمنهم من أنكر عليه كثرة الخطأ والغلط، ومنهم من أنكر عليه تماديه في ذلك وتركه الرجوع عما يخالفه الناس فيه .. » (6).
6– وقوله: «وقيس من قدماء التابعين، وهو متقن الرواية، وقد تكلم أصحابنا فيه فمنهم من رفع قدره وعظمه وجعل الحديث عنه من أصح الإسناد، ومنهم من حمل عليه وقال: له أحاديث مناكير، والذين أطروه حملوا هذه الأحاديث عنه على أنها عندهم غير مناكير؛ وقالوا هي غرائب، ومنهم من لم يحمل عليه في من الحديث وحمل عليه في مذهبه .. » (7).
7– وقال عن إبراهيم بن أبي الليث: «كان أصحابنا كتبوا عنه ثم تركوه، وكانت عنده كتب الأشجعي، وكان معروفاً بها ولم يقتصر على الذي عنده حتى تخطى إلى أحاديث موضوعة» (8).
9– وقال عن يحيى بن يمان: «كان صدوقاً كثير الحديث، وإنما أنكر عليه أصحابنا كثرة الغلط .. » (9).
10– وقال أيضاً: «حدثنا الحسن بن علي الحلواني – أو حدثني عنه بعض أصحابنا – قال: سمعت .. » (10).
ومن خلال هذه الأمثلة – وغيرها كثير– يتبين أنّ يعقوب بن شَيْبَة يريد بهذه اللفظة الدارجة في كلامه شيوخه الذين ينقلُ عنهم كثيراً، ولازمهم من المحدثين، وقد نصَّ على بعضهم كعلي بن عبدالله المديني، ويحيى بن معين، ومحمد بن عبدالله بن نمير، ومحمد بن إسماعيل، وعبدالله بن شعيب الصابوني، وابن أبي شيبة.
? ? ? ?
سؤال2: نريد أن نعرف باختصار منهج يعقوب بن شيبة السدوسي في الجرح والتعديل وطريقته في نقد الأحاديث والروايات؟
الجواب:
بينت منهج يعقوب بن شيبة في الجرح والتعديل في الرسالة الآنفة الذكر فمما جاء فيها:
خلاصة منهج يعقوب بن شيبة في التَّعديل:
في هذه الخلاصة أذكر أهم ما يلاحظ على كلام يعقوب بن شيبة في التَّعديل، فمن ذلك:
– توثيقه للمبتدعة مطلقاً من غير تفريق بين أنواع البدع؛ فهو يوثق مَنْ رُمِيَ بالقَدَر، ومَنْ رُمِيَ بالتشّيع، ومَنْ رُمِيَ بالإرجاء، ولا يُفرّق أيضاً بين مَنْ كانت بدعته خفيفة أو شديدة، وبين من كان داعية أو غير داعية، فكلهم عنده ثقات إذا توفر فيهم الضبط والحفظ.
– وتقويته بعض الرجال لرواية بعض الأئمة عنهم، ومن الأئمة الذين نصَّ عليهم مالك بن أنس، ويحيى بن سعيد القطان.
– وتفصيله في أحوال الرجال، فبعض الرواة قد يكون مقبولاً في حالٍ، ومردوداً في حالٍ أخرى، وهذه الأحوال ترجع:
1– إمّا إلى المكان الذي حدّث فيه الراوي.
2– أو إلى الزمان الذي حدّث فيه الراوي.
3– أو إلى شيوخ الراوي.
4– أو إلى تلاميذ الراوي.
5– أو إلى حال الشيخ عند تحديثه.
– وتأثره في ألفاظه، وأحكامه ببعض الأئمة، منهم: ابن سعد، وابن معين.
¥