وأمّا طريقته في نقد الأحاديث والروايات فهذه لم أكتبها بعد نظرا لقلة الأحاديث التي وقفت عليها مما تكلم عليه وهذه الأحاديث لا تبين منهجه بدقة كما هو مطلوب، وإن كانت هذه الأحاديث القليلة يتبين منها أثر صناعة العلل على كلامه، ودقته في الكلام على متون الأخبار، وطول النفس في ذلك.
? ? ? ?
سؤال3: هل المصدر الأساسي في العلل للحافظ يعقوب بن شيبة السدوسي هو علل ابن المديني؟
الجواب:
المصدر الأساسي في العلل للحافظ يعقوب بن شيبة السدوسي هو شيخه علي بن المديني وقد كانت نقوله عنه مشافهةً سمعت .. وحدثني .. ونحو ذلك، ويعقوب بن شيبة مع البخاري من أكثر من استفاد من مدرسة علي بن المديني إمام العلل في زمانه ولذلك كان لكلامهما في العلل قوة وقبول عند المحدثين.
ولم أر يعقوب صرح .. أو ذكر كتاب «علل ابن المديني» - وإن كان علي بن المديني له مسندان أحدهما مسند معلل كما بينت ذلك في كتابي «جهود المحدثين في بيان علل الحديث» -.
? ? ? ?
سؤال4: وهل توثيق يعقوب بن شيبة راجع إلى العدالة أكثر من الضبط؟
الجواب:
بينت في الرسالة الآنفة الذكر أنَّ الأصل في كلمة ثقة في كلام يعقوب بن شيبة: الثقة في الحديث وهو من جمع بين العدالة والضبط؛ إلاَّ أن تكون هناك قرينة تدل خلاف هذا-والقرينة ربما تكون متصلة في الكلام، وربما تكون خارجية-، ومن هنا يُعلم غلط من أطلق أنَّ يعقوب بن شَيْبَة يريد بلفظة (ثقة) مفردةً العبادةَ والصلاحَ ونحوَ ذلك، لا يريد بها الضبط.
ولكن يلاحظ أنه يجمع في كلامه على الراوي الواحد بين ألفاظ الجرح وألفاظ التعديل في آنٍ واحد، غير أنه يُقَيّد ألفاظ الجرح بالحديث، ويُطلق ألفاظ التعديل، مما يدل على أنَّ التعديل منصبٌ على صلاح الرجل في نفسه ودينه لا في حديثه وضبطه.
? ? ? ?
سؤال5: هل تخصيص الرسول عليه السلام بفعل معين يحتاج لدليل بمعنى أنّا نطلب الدليل ممن قال بأن هذا الفعل خاص بالرسول عليه السلام ولا نطلبه من الذي يقول أن هذا لنا وله عليه السلام لأنه أسوتنا؟.
الجواب:
الأصل في أفعال الرسول ? وأقواله وأحكامه عدم الخصوصية حتى تثبت بدليل لأنّ الله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21) فدل على أنه ? قدوة الأمة في كل شيء، ولأنّ الصحابة كانوا يرجعون فيما أشكل عليهم إلى أفعاله فيقتدون به فيها. قال ابنُ القيّم: ((إذا رأينا أصحابَ رسولِ الله ? قد اختلفوا في أمرٍ قد صحَّ عن رسول الله ? أنه فعله وأمر به فقال بعضُهم: إنَّه منسوخٌ أو خاصٌ، وقال بعضهم: هو باقٍ إلى الأبد، فقول من ادَّعى نسخه، أو اختصاصَه مخالفٌ للأصلِ فلا يقبل إلا ببرهان)) زاد المعاد (2/ 192)، والمسألة من المسائل المشهورة في كتب أصول الفقه.
? ? ? ?
سؤال6: هل ترون - حفظكم الله - أن موضوعات الرسائل العلمية في علم الحديث تقلصت وقلت، أم أن هناك مجالا للتسجيل؟
ثم هل ترون تغيرا في الموضوعات المسجلة في الآونة الأخيرة عنها فيما مضى؟
الجواب:
أمّا من حيث التغير في الموضوعات المسجلة في الآونة الأخيرة عنها فيما مضى .. فنعم هناك تغير إلى الأحسن والأدق والأعمق –فيما يظهر لي- سواء في تحقيق المخطوطات أو إنشاء الموضوعات، وهذا التغير له أسباب عديدة منها: أسباب ترجع إلى الباحثين أنفسهم ومحاولة التجديد والتميز في الرسائل العلمية، ومنها: أسباب ترجع إلى تشدد الأقسام الأكاديمية في الجامعات ووضع ضوابط دقيقة للرسائل العلمية، ومحاولة تلافي الثغرات والعيوب التي لوحظت في الرسائل الماضية.
أمَّا من حيث توفر موضوعات للرسائل العلمية في علم الحديث فأرى أنّ هناك مجالا جيدا للحصول على موضوعات للرسائل العلمية ولكنّ المشكلة في الدرجة الأولى-في رأيي- ترجع إلى الباحث نفسه فبعض الباحثين عنده قصور في هذا الفن ومشكلاته فهذا الصنف من الباحثين سيجد صعوبة في الحصول على موضوع-إن لم يساعده أحد-، لذا كلما كان الباحث واسع الاطلاع، كثير القراءة، دقيق التأمل كانت فرصته في صيد الموضوعات أكثر وأوفر.
¥