من طريق ابن لهيعة ثني أبو جميل الأنصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا أصبح يقول: "أصبحتُ يا رب أُشْهِدك، وأُشْهِد ملائكتك، وأنبياءك، ورسلك، وجميع خلقك، على شهادتي على نفسي: أني أَشْهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمدًا عبدك ورسولك، وأومن بك، وأتوكل عليك" يقولها ثلاثًا.
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (9/ 141/برقم 9356) وأبو طاهر السلفي في "المنتقى من مكارم الأخلاق للخرائطي" برقم (470) به.
وابن لهيعة مُضَعَّف من قِل حفظه، وشيخه مجهول، ومع ذلك فيشهد هذا الحديث ببعض جُمْله لبعض ما سبق، والله أعلم.
خلاصة البحث: طرق هذا الحديث لا تسْلم كلها من ضعف؛ إلا أن أكثر طرقه ضَعْفُها خفيف، فمن ذلك:
1 - حديث أنس: يُحتج به بمجموع طرقه، ففي بعضها عنعنة بقية، وفي بعضها راوٍ مختلف في اسم أبيه، وأسوأ أحواله أنه مجهول، واحتمال كونه أرفع من ذلك احتمال وارد، وفي بعضها من فيه لين ومجهول حال، وهذه الطرق وحدها تكفي في تقوية الحديث.
2 - حديث سلمان: في إحدى طريقيه رجل مجهول، وفي ثواب من قال هذا الذكر عنده نوع مخالفة، لكنها لا تضر الثابت من حديث أنس، فنأخذ من حديث سلمان الذكر دون اعتماد ما رُوي في ثوابه، وعدد المرات التي يُقال فيها الذكر، فإنه رواه بثلاث مرات، وذِكْر الأربع في حديث أنس أرجح.
3 - حديث أبي سعيد: فيه ضعيفان وعنعنة مدلس، وليس فيه ذِكْر الصباح والمساء.
4 - حديث عائشة: فيه ضعيف ومجهول، وليس فيه ذِكر المساء، وفيه بعض الزيادات.
وهذه الروايات لا تنزل عن درجة الحُسْن بمجموع طرقها، ولا يضرها الاختلاف في ألفاظ بعضها، لما سبق بيانه، والله أعلم.
والحديث قد جوده الإمام النووي في "الأذكار" وحسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" وغيرهما، وقد ضعفه شيخنا الألباني – رحمه الله- في "الضعيفة" برقم (1041) وكذا في "الصحيحة" برقم (2679).
فائدة: لقد طلبْتُ من بعض طلاب العلم تحقيق هذا الحديث قبل أكثر من عشرين عامًا، أي قبل سنة 1410هـ، ثم أخبرني بضعف الحديث، فتركتُ العمل به، وأوصيتُ بذلك إخواني وأهلي وأولادي، فضاع عليّ بسبب ذلك خير كثير، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وهذا من شؤم الاسترواح، والاكتفاء بالتقليد، فمن وجد سبيلاً للبحث بنفسه، وكان أهلا لذلك؛ فليحذر مما وقع فيه غيره، فالسعيد من وُعظ بغيره، وأسأل الله أن يُعوِّضني خيرًا كثيرًا عما فاتني من أجر العمل بهذا الحديث، وأن يجعل عملي صالحًا، ولوجهه الكريم خالصًا، إنه جواد كريم، بر رحيم.
كتبه/ أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
دار الحديث بمأرب
9/محرم/1432هـ
ـ[المسلم الحر]ــــــــ[19 - 12 - 10, 05:25 م]ـ
الله أكبر
و رضي الله عنك أخي الحضرمي و رضي عن الشيخ السليماني ...
فوالله أنا في حيرة من أمري منذ أشهر بخصوص هذا الحديث فأنا بحمد الله ملتزم بقوله صباحا و مساءا لكني أحيانا أتركه نظرا لعلمي بتضعيف أهل العلم له ..
فمرة أحتج بتصحيح الشيخ الألباني له و مرة أقول الشيخ رحمه الله تعالى قد تراجع عن تصحيحه ثم أقول لا دعني أقلد الحافظ ابن حجر والنووي ثم أعود لتضعيف الشيخ السعد له فأرد على نفسي و أقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله أورده و حسنه في أذكار طرفي النهار ..
ثم إني اليوم سررت جدا بقراءة هذا البحث الرائع فجزاكما الله خيرا (القائل و الناقل)
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 10, 02:28 ص]ـ
جزى الله الشيخ الفاضل السليماني على هذا التحقيق المفيد للحديث، أما النتيجة التي توصل لها بتصحيحه للحديث فقد يختلف معه غيره في ذلك
ولعلي ألخص بعض الأمور التي يمكن تعقبه فيها للفائدة
فمن ذلك تعامله مع حديث بقية في التصريح بالسماع واعتداده بذلك
وقد يورد عليه ما ذكره العلماء عن بقية بن الوليد في تنوع تدليسه
فمن ذلك ما ذكره ابن أبي حاتم في العلل
1957 - وسَمِعتُ أَبِي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن راهويه عن بقية، قال: حَدَّثني أبو وهب الأسدي، قال: حَدَّثنا نافع، عن ابن عمر قال: لاَ تحمدوا إسلام امرىء حتى تعرفوا عقدة رأيه.
قال أبي: هذا الحديث له علة قل من يفهمها روى هذا الحديث عبيد الله بن عَمْرو عن إسحاق.
¥