[فوائد حديثية من كلام الشيخ حاتم الشريف 3 (تبيين أغلاط المطبوع بمراجعة المخطوط)]
ـ[عبدالمصور]ــــــــ[13 - 04 - 02, 11:21 ص]ـ
* أهمية الرجوع للمخطوط لما يقع من الخلل في المطبوع أحيانا
يقول الشيخ حاتم الشريف حفظه الله:
(جاء في (أخبار القضاة) لوكيع، أنه قال: "أخبرني الحارث عن المدائني عن سلمة بن عثمان عن أبي عون قال: قال الحسن: "قتل عثمان وأنا ابن عشرة سنة".
كذا في المطبوع من كتاب (أخبار القضاة) لوكيع!
فأظهرت لي عجمة العبارة، أن فيها تحريفا أو سقطا، هذا سوى معارضتها للخبرين الصحيحين السابقين، فتكلفت –للجزم بشئ- الوقوف على صورة من النسخة الخطية لـ (أخبار القضاة)، في مركز البحوث بجامعة أم القرى، وفتشت فيه، فوجدت صواب العبارة! فإذا بها: "قتل عثمان وأنا ابن أربع عشرة سنة".
ويهذا وافق صواب لفظ هذه العبارة مقتضى ما ورد في النصين السابقين! لأن وفاة عثمان كانت سنة خمس وثلاثين، ومن كان سنتها ابن أربع عشرة سنة. فسوف يكون مولده سنة إحدى وعشرين) المرسل الخفي 1/ 265.
(قال الإمام أحمد في (العلل) وابن سعد في (الطبقات) كلاهما: "حدثنا إسماعيل قال: حدثنا أبو رجاء قال: قلت للحسن: متى عهدك بالمدينة؟ قال: ليالي صفين، قال: قلت: فمتى احتلمت؟ قال: بعد صفين بعام [وعند ابن سعد: بعد صفين عاما] ".
وقال ابن أبي شيبة في (المصنف): "حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن أبي رجاء قال: قلت للحسن: متى عهدك بالمدينة؟ قال: [ما] لي بها عهد بعد صفين، قال: قلت: فمتى احتلمت؟ قال: بعد صفين بعام؟ "
وهذان إسنادان صحيحان.
غير أن لفظ رواية ابن أبي شيبة جاءت في المطبوعتين في هذا البحث أن الحسن: "لي بها عهد بعد صفين".
كذا من غير أن تسبق بـ (ما) التي تفيد النفي، فجاءت إجابة الحسن من غير النفي غريبة، أثارت في نفسي الشك، أن يكون في العبارة سقط، نال أداة النفي، أو حدث بها تحريف ما، فرجعت إلى صورة لنسخة مخطوطة من (مصنف ابن أبي شيبة) مأخوذة عن متحف (طوب قابو) بتركيا، والصورة في مركز البحوث بجامعة أم القرى. وبالتفتيش في المخطوطة، وقفت على موطن الخبر فيها، فوجدت فوجدت العبارة فيه، على الصواب: "ما لي بها عهد بعد صفين".
فالحمد لله أن يسر لي الوقوف على صواب هذه العبارة، بعد أن كنت أنوي تأويلها على ما يوافق رواية الإمام أحمد وابن سعد، وأن أتكلف لذلك! فإذا بها على صوابها في المخطوط موافقة لروايتهما، لا تحتاج في المطبوع إلا إلى إثبات الصواب!!
وما زلنا مع الأخطاء، وما نَعنَى له من أجلها!!
قال الإمام الفقيه أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي (ت 321هـ) في شرح معاني الآثار): "حدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا يوسف بن عدي، قال: حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن أبي رجاء،قال: قلت للحسن: متى قدمت البصرة؟ قال: قبل صفين بعام".
وهذا إسناد صحيح، يرجع مخرجه إلى مخرج ابن أبي شيبة.
لكن التعارض ظاهر بين هذا الخبر وما سبق، فبينما تذكر الروايات الثلاث السابقة: أن خروج الحسن من المدينة إلى البصرة كان ليالي صفين تذكر رواية الطحاوي هذه أن خروجه إلى البصرة قبل ذلك بسنة: "قبل صفين بعام"!!
ويزيد الإشكال تعقيدا أن الطحاوي قدم روايته هذه، نافيا لقاء الحسن بأحد الصحابة البصريين، فقال: "الحسن لم يكن بالبصرة حينئذ لأن قدومه لها قبل صفين بعام".
فلم يدع الطحاوي بكلمته هذه التي قدم بها الرواية مجالا لإيراد احتمال وجود سقط أو تحريف من النساخ أو الطابعين!
وليس هذا فقط! فما مثل زيادة التحري وشدة التوثيق أدعى إلى برد اليقين!!
فقد اطلعت على مصورة لمخطوطة (شرح معاني الآثار) للطحاوي، في مركز البحوث بجامعة أم القرى، مأخوذة عن أصل محفوظ بـ (دار الكتب المصرية) فوجدت ما في المخطوط مطابقا لما في المطبوع!!
فليس في الأمر شك: أنه خطأ أصيل، وقع للإمام الطحاوي نفسه، أو تلقاه عن شيخه، أو أخذه عن شيخه عنه شيخه ... ولا يوجد احتمال ظاهر غير هذا!! ... ) الخ. المرسل الخفي 1/ 269 - 271.
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[13 - 04 - 02, 02:47 م]ـ
أحسنت وشكر الله لك على هذه الفائدة القيمة.
ـ[ابن جلا]ــــــــ[14 - 04 - 02, 03:51 ص]ـ
لي استدراك يسير،وهو أن هذه الفوائد ليست حديثية، لكنها متعلقة بالأمانة العلمية في البحث،و بالجلد في مسائل العلم
ـ[عبدالمصور]ــــــــ[14 - 04 - 02, 11:28 ص]ـ
الحمد لله ..
جزاك الله خيرا .. أخي ابن جلا على استدراكك .. والأمر يسير إن شاء الله لأن الفائدة المشار إليها واقعة ضمن سلسلة هي الثالثة فما أحببت أن أفردها عن السلسلة .. وهي كما لا يخفاك لا تخلو من فوائد حديثية .. وإن كانت مسوقة لما ذكرت ..
وجزاك الله خيرا أخي راية التوحيد
ـ[حسن باحكيم]ــــــــ[03 - 12 - 06, 10:09 م]ـ
أحسنت وشكر الله لك على هذه الفائدة القيمة.